حماة تنبض من جديد: مبادرة مجتمعية رائدة لإعادة إحياء مدينة الصمود

تعتبر مدينة حماة من المدن السورية العريقة، التي تتميز بتاريخ غني ومعالم ثقافية وتراثية فريدة، أبرزها نواعيرها الشهيرة ونهر العاصي الذي يمر بقلبها. هذه الأهمية التاريخية والتراثية تجعل أي جهود لإعادة إحيائها ذات قيمة مضاعفة تتجاوز مجرد إصلاح البنية التحتية. إن التركيز المتواصل على إعادة تأهيل النواعير وتطهير نهر العاصي، وربط ذلك صراحةً بـ “إحياء دورها التراثي” وجعل النهر “موقعاً استثمارياً وسياحياً” ، بالإضافة إلى ترميم المعالم الدينية والتاريخية ، يشير إلى أن المبادرة تدرك أن نبض المدينة مرتبط جوهرياً بهويتها الثقافية ورموزها التاريخية. إن استعادة هذه العناصر الفريدة لا يمثل فقط إعادة بناء مادية، بل يمثل أيضاً مرساة نفسية واجتماعية قوية للمجتمع، تعزز الفخر الجماعي والشعور بالانتماء والعودة إلى الحياة الطبيعية، وهي أمور حاسمة للتماسك الاجتماعي والرفاه النفسي على المدى الطويل في بيئة ما بعد الصراع. علاوة على ذلك، يشير الربط الواضح بالسياحة إلى رؤية استراتيجية للإنعاش الاقتصادي من خلال الاستفادة من الأصول الثقافية، مما يدل على نهج شامل للتعافي الحضري يتجاوز مجرد الوظائف الأساسية.
الواقع الذي عانت منه حماة قبل المبادرة
عانت المدينة من تهميش لعشرات السنين، مما أثر على تطورها ونموها بشكل كبير. وتضررت البنية التحتية والخدمات الأساسية بشكل واسع، بما في ذلك شبكات المياه والطرق والمرافق العامة، نتيجة لتخريب ممنهج. وعلى الرغم من أن حماة ظلت “آمنة نسبياً” خلال 14 عاماً من الأزمة السورية مقارنة بمدن أخرى، إلا أنها لم تكن بمنأى عن تداعيات الصراع الأوسع، بما في ذلك الضغط الأمني والتضييق الحكومي، وتأثرها بالوضع الاقتصادي العام في سوريا. ويُعد توقف ناعورة الجسرية، وهي معلم بارز، لمدة 3 سنوات قبل المبادرة، رمزاً لحالة التدهور التي وصلت إليها بعض المعالم الحيوية والتراثية. إن تأكيد المبادرة على “تنبض من جديد” يعالج بشكل مباشر حالة “التهميش” التاريخي والمستمر و”التخريب الممنهج”. يشير هذا التأطير إلى أن المبادرة ترى نفسها قوة تصحيحية، تهدف إلى عكس عقود من الإهمال والأضرار الناجمة عن الصراع. إن استخدام لغة قوية ومقصودة مثل “التهميش” و”التخريب الممنهج” في مصادر متعددة يشير إلى إدراك عميق للمشكلات الهيكلية المتجذرة التي تتجاوز الآثار المباشرة للصراع الأخير. هذا يوحي بأن مبادرة “حماة تنبض من جديد” ليست مجرد جهد للتعافي بعد الصراع، بل هي أيضاً دفعة تنموية طال انتظارها، تهدف إلى تصحيح المظالم التاريخية والتخلف المزمن. يضيف هذا السياق التاريخي الأوسع طبقة حاسمة لفهم طموح المبادرة، مما يعني التزاماً بالتغيير الأساسي والنمو المستدام، بدلاً من مجرد إصلاحات سطحية.
إطلاق مبادرة “حماة تنبض من جديد” كاستجابة مجتمعية
أطلقت محافظة حماة هذه المبادرة بهدف تعزيز العمل التطوعي وتنسيق الجهود لإعادة تأهيل الخدمات الأساسية والبنية التحتية. وهي دعوة صريحة لأبنائها في الداخل والخارج للتعاون مع المحافظة في تطوير حماة لتزدهر بسواعدهم وهمتهم. إن الدعوة الصريحة للتعاون من “أبنائها في الداخل والخارج” والتركيز على “العمل التطوعي” يشير إلى تحول استراتيجي نحو التعافي بقيادة المجتمع. هذا النهج يوضح أن الحكومة المحلية تدرك القيود المفروضة على إعادة الإعمار التقليدية التي تقودها الدولة في بيئة ما بعد الصراع، وتسعى بنشاط للاستفادة من رأس المال الاجتماعي ومشاركة المغتربين لسد فجوات الموارد وتعزيز الملكية المحلية. في سياق مثل سوريا، حيث موارد الدولة محدودة وتواجه المساعدات الدولية تحديات سياسية ولوجستية كبيرة، مثل العقوبات وتخفيضات المساعدات ، يصبح الاعتماد الكبير على العمل التطوعي المحلي والمشاركة المجتمعية ومساهمات المغتربين استراتيجية عملية ومرنة لإعادة الإعمار. هذه الطريقة لا تساعد فقط في سد فجوات الموارد الحرجة، بل تعزز أيضاً شعوراً عميقاً بالملكية والمسؤولية المحلية، وتعيد بناء التماسك الاجتماعي والثقة، وهي أمور حيوية للاستقرار على المدى الطويل والتعافي المستدام. هذا يمثل نموذجاً يعتمد على الجهود الذاتية من القاعدة إلى القمة، يكمل الحوكمة من القمة إلى القاعدة.
“حماة تنبض من جديد”: رؤية شاملة وأهداف استراتيجية
الأهداف الرئيسية للمبادرة
ترتكز المبادرة على عدة أهداف محورية تهدف إلى إعادة إحياء المدينة بشكل شامل:
- تعزيز العمل التطوعي والتشاركي المجتمعي: هذا هو الأساس الذي انطلقت منه المبادرة، إيماناً بأن كل فرد من المجتمع قادر على المشاركة ولو بفكرة أو عبر تقديم الدعم المعنوي أو المشاركة البناءة.
- إعادة تأهيل الخدمات الأساسية والبنية التحتية: تشمل الصحة، الكهرباء، الطرق، ومياه الشرب.
- إحياء المعالم السياحية والجمالية للمحافظة: بما في ذلك النواعير ونهر العاصي، وتعزيز دور حماة كوجهة سياحية واستثمارية.
- تخفيف العبء عن المؤسسات الحكومية: وتقديم الحد الأدنى من الخدمات للمواطنين، خاصة في المناطق المتضررة، ريثما يتم إيجاد حلول جذرية. إن التركيز المزدوج على “إعادة تأهيل الخدمات الأساسية والبنية التحتية” إلى جانب “إحياء المعالم السياحية والجمالية” يكشف عن فهم استراتيجي بأن التعافي لا يقتصر على الوظائف الأساسية فحسب، بل يشمل أيضاً استعادة جودة الحياة والإمكانات الاقتصادية. الأهداف المعلنة للمبادرة تشمل بوضوح استعادة “الخدمات الأساسية والبنية التحتية” و”إحياء المعالم السياحية والجمالية” ، مع ذكر خاص لـ “تعزيز دورها كوجهة سياحية واستثمارية”. من خلال استهداف السياحة والجماليات بشكل صريح، تشير المبادرة إلى رؤية طويلة الأجل للتنويع الاقتصادي والتنمية المستدامة. هذا يتجاوز الإغاثة الإنسانية الفورية والإصلاحات الأساسية إلى نهج تنموي أكثر شمولاً. إن استعادة الأصول الثقافية الفريدة مثل النواعير ونهر العاصي يمكن أن يجذب الزوار، ويحفز الأعمال التجارية المحلية (مثل الضيافة والحرف اليدوية)، ويخلق فرص عمل، وبالتالي يساهم في اقتصاد محلي أكثر قوة ومرونة. هذا التفكير المسبق حاسم للانتقال من الاستجابة للأزمات إلى النمو المستدام، ويدل على التزام بازدهار المدينة المستقبلي.
الخطة التفصيلية للمبادرة: المراحل الثلاث
تتبع المبادرة خطة عمل منهجية ومقسمة إلى ثلاث مراحل متتالية لضمان تحقيق أهدافها بفعالية:
المرحلة الأولى: تشخيص الواقع الراهن (شهر واحد)
تهدف هذه المرحلة إلى تقييم الواقع الراهن وتشخيص القطاعات الحيوية، مثل الصحة والكهرباء والطرق ومياه الشرب، مع تحديد الأولويات في المناطق الأكثر تضرراً، ولاسيما الريف الشمالي للمحافظة. إن هذا النهج المنهجي، الذي يبدأ بمرحلة “تشخيص الواقع الراهن” لمدة شهر واحد و”تحديد الأولويات في المناطق الأكثر تضرراً” ، يشير إلى منهجية تخطيط تعتمد على البيانات والاستراتيجية. هذا يتناقض مع جهود الإغاثة العشوائية ويدل على الالتزام بالتخصيص الفعال للموارد وتعظيم الأثر، لا سيما في المناطق المحرومة مثل الريف الشمالي. هذه المرحلة التشخيصية المتعمدة تسلط الضوء على الالتزام بالتدخلات القائمة على الأدلة. في البيئات المتضررة والمعقدة، يمنع التقييم الشامل سوء تخصيص الموارد الشحيحة ويضمن توجيه الجهود بدقة حيث تكون الحاجة إليها أكبر. يشير الذكر المحدد لـ “الريف الشمالي” إلى الوعي بالفروقات الإقليمية في الأضرار والإهمال، مما يوحي بنهج عادل للتعافي يهدف إلى معالجة الاختلالات التاريخية ونقاط الضعف الحرجة، وبالتالي تعزيز الاستقرار الأوسع ومنع مصادر جديدة للاستياء.
المرحلة الثانية: التنسيق وجمع الطاقات (شهر واحد)
تعتمد هذه المرحلة على تنسيق الجهود وجمع الطاقات مع استمرار عملية استقطاب المتطوعين والجهات الفاعلة. ويتم إنشاء منصة تنسيقية لضم الجهات الفاعلة والأفراد المتطوعين بهدف تجنب التكرار وهدر الموارد. إن إنشاء “منصة تنسيقية لتجنب الازدواجية وهدر الموارد” في المرحلة الثانية يمثل آلية حاسمة للفعالية والاستدامة. في بيئات العمل الإنساني وإعادة الإعمار المعقدة مثل سوريا، حيث قد يعمل العديد من الفاعلين، تُعد هذه المنصة ضرورية لتحسين الأثر ومنع استنزاف الموارد. هذا النهج الاستباقي للتنسيق يظهر فهماً للتحديات الكامنة في المبادرات متعددة الأطراف، خاصة في سياقات ما بعد الصراع حيث تكون الموارد غالباً مجزأة ويمكن أن تؤدي إخفاقات التنسيق إلى عدم الكفاءة وإهدار الجهود، كما هو مفهوم من التحديات الأوسع للمساعدات في سوريا. من خلال إضفاء الطابع الرسمي على آلية التنسيق، تهدف المبادرة إلى تعظيم الأثر الجماعي للمساهمات المتنوعة من الحكومة والمنظمات غير الحكومية المحلية والشركاء الدوليين والمغتربين والقطاع الخاص. هذا يعزز الشفافية، ويبني الثقة بين الشركاء، ويعزز في نهاية المطاف الفعالية الشاملة واستدامة جهود إعادة الإعمار.
المرحلة الثالثة: التنفيذ (فترات زمنية متفاوتة حسب المشروع)
تتضمن هذه المرحلة تنفيذ المشاريع الموزعة على مناطق متعددة، وتختلف الفترات الزمنية اللازمة لكل مشروع حسب طبيعته وحجمه. إن الجداول الزمنية المتغيرة للمشاريع في مرحلة التنفيذ تشير إلى نهج عملي ومرن لإدارة المشاريع، مع الاعتراف بالتعقيدات الكامنة والطبيعة غير المتوقعة لجهود إعادة الإعمار في بيئة ما بعد الصراع. هذه المرونة ليست مجرد تفصيل لوجستي؛ إنها تعكس استراتيجية واقعية وقابلة للتكيف. في البيئات التي تتميز بتقلبات الأوضاع الأمنية، وتدفقات التمويل غير المؤكدة، وتوفر الموارد غير المتوقع، يمكن أن تؤدي الجداول الزمنية الصارمة للمشاريع إلى الفشل أو عدم الكفاءة. من خلال تبني نهج مرن، تظهر المبادرة فهماً للحقائق التشغيلية على الأرض، مما يسمح بإجراء تعديلات مع تطور الظروف. هذه البراغماتية تزيد من احتمالية إنجاز المشاريع بنجاح وتضمن أن تظل الجهود مستجيبة للاحتياجات المتغيرة، وهو أمر حاسم للأثر طويل الأجل والمرونة.
إنجازات ملموسة: نبض الحياة يعود إلى حماة
قطاع المياه: شريان الحياة المتجدد
لقد حققت المبادرة تقدماً كبيراً في استعادة خدمات المياه، التي تُعد أساسية للصحة العامة والحياة اليومية. تشمل الإنجازات صيانة المضخات، حيث تم رفع وتنزيل 21 مضخة غاطسة في مدينة حماة والأرياف، وصيانة جزئية واستبدال 31 مضخة غاطسة أخرى، إلى جانب صيانة 6 مضخات أفقية. كما كان تطوير الآبار أولوية، حيث تم حفر بئر جديد في الرابية بمدينة كفرزيتا بالريف الشمالي، وتجهيز بئري مياه بالغواطس والمعدات اللازمة في الصير وبعرين بريف حماة الغربي. ولضمان إمدادات المياه المستدامة، تم تجهيز 8 منظومات طاقة شمسية للآبار في ريفي حماة الشمالي والغربي، وتأمين مجموعة توليد لمحطة بلدة خطاب. بالإضافة إلى ذلك، تم تركيب منظومتي طاقة بديلة في مبنى مديرية تربية حماة. شملت جهود تأهيل الشبكات صيانة وتأهيل أكثر من 100 نقطة في شبكات المياه بالمحافظة، بما في ذلك السكورة والصمامات وعدادات الغزارة. وعلاوة على ذلك، خضعت أكثر من 400 موقع داخل محافظة حماة لصيانة نقطية، شملت استبدال خطوط بأقطار مختلفة. وشملت مشاريع توسعة الشبكات تنفيذ 9 مشاريع لتوسيع شبكات المياه في مدينة حماة وأريافها. والأهم من ذلك، تم إيصال المياه إلى مناطق جديدة، حيث تلقى حي مشاع الطيار مياه الشرب لأول مرة بعد تركيب شبكات رئيسية وفرعية وربطها بشبكة ضخ مياه حماة، مما عاد بالنفع على أكثر من 2500 مستفيد. كما تم تعزيز جهود تعقيم المياه من خلال مشروع نفذته منظمة اليونيسف ومؤسسة مياه حماة لإنشاء مستودع لهيبوكلورايد الصوديوم في مدينة السقيلبية لتعقيم مياه الشرب وتحسين جودتها.
إن الإنجازات الكمية المفصلة في قطاع المياه، مثل عدد المضخات التي تمت صيانتها، وأنظمة الطاقة الشمسية التي تم تركيبها، ونقاط الشبكة التي تم معالجتها، وعدد المستفيدين، تسلط الضوء على نهج مستهدف ومؤثر لاستعادة الخدمات الأساسية. إن هذا التركيز على المياه، وهي حاجة إنسانية أساسية، يعالج بشكل مباشر نقطة ضعف حرجة في المجتمعات المتضررة بعد الصراع ويحسن بشكل كبير الصحة العامة والحياة اليومية. إن توفر المياه النظيفة والموثوقة هو عنصر أساسي للصحة العامة والصرف الصحي وجودة الحياة بشكل عام، خاصة في المجتمعات التي تتعافى من الصراع. إن حجم وخصوصية هذه التدخلات يظهر أولوية استراتيجية للاحتياجات الإنسانية الأساسية، مما يقلل بشكل مباشر من عبء الأمراض، ويحسن النظافة، ويخفف الصعوبات اليومية للمقيمين. علاوة على ذلك، يشير إدراج أنظمة الطاقة الشمسية للآبار إلى الوعي بتحديات الطاقة والتحول نحو حلول أكثر استدامة ومرونة، مما يقلل الاعتماد على شبكات الطاقة غير المستقرة ويساهم في الكفاءة التشغيلية على المدى الطويل. هذا النهج الشامل لإدارة المياه هو محرك حاسم لرفاهية المجتمع واستقراره.
الجدول 1: إنجازات مبادرة “حماة تنبض من جديد” في قطاع المياه
نوع الإنجاز | الوصف | العدد/الكمية |
صيانة مضخات غاطسة | رفع وتنزيل | 21 |
صيانة مضخات غاطسة | صيانة جزئية واستبدال | 31 |
صيانة مضخات أفقية | صيانة | 6 |
تجهيز آبار | حفر بئر | 1 |
تجهيز آبار | تجهيز بئرين بالغواطس والمعدات | 2 |
منظومات طاقة شمسية للآبار | تجهيز | 8 |
تأمين مجموعة توليد | لمحطة بلدة خطاب | 1 |
صيانة وتأهيل شبكات المياه | نقاط صيانة وتأهيل (سكورة وصمامات وعدادات غزارة) | >100 |
صيانة نقطية في شبكات المياه | مواقع صيانة (استبدال خطوط) | >400 |
استبدال خطوط شبكات وقساطل رئيسية | طول (أمتار) في أحياء مشاع الفروسية والحوارنة | 4550 |
مشاريع توسعة لشبكات المياه | عدد المشاريع | 9 |
تغذية أحياء بالمياه | حي مشاع الطيار (عدد المستفيدين) | 2500+ |
مشروع تعقيم مياه الشرب | مستودع هيبوكلورايد الصوديوم | 1 |
البنية التحتية والخدمات العامة: نحو بيئة حضرية أفضل
ركزت المبادرة أيضاً على البنية التحتية الأوسع والخدمات العامة. يشمل ذلك ترميم المباني العامة ومراكز الخدمات المجتمعية، والتي تندرج ضمن المشاريع الموزعة في مرحلة التنفيذ. كما خضعت الطرق والحدائق والمرافق التعليمية المتضررة لإعادة التأهيل والإصلاح، بما في ذلك الطرق الرئيسية والفرعية، والحدائق العامة، وترميم المدارس والمرافق التربوية المتضررة. ومن الجدير بالذكر أن أعمال الترميم بدأت في 3 مدارس بمنطقة صوران بريف حماة الشمالي. وتم إطلاق مشاريع الإنارة والطاقة البديلة، مثل إعادة تأهيل إنارة شارع العلمين في مدينة حماة بالتعاون مع المجتمع المحلي. وكانت إزالة الأنقاض وفتح الطرقات محورية في الجهود، حيث ركزت أعمال مؤسسة الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) على إزالة الأنقاض وفتح الطرقات المغلقة لتسهيل الحركة المرورية. كما استمرت أعمال فتح الطرقات وإزالة الحواجز الإسمنتية التي وضعها النظام البائد. بالإضافة إلى ذلك، تم إزالة بناء آيل للسقوط وردم حفرة في قرية العقمية لتسهيل حركة المدنيين وعودتهم إلى منازلهم. ويُعد تطوير المستوصفات والمستشفيات العامة أيضاً جزءاً من أهداف المرحلة الثالثة للتنفيذ. إن الإزالة المنهجية لـ “الرموز المرتبطة بالنظام البائد” و”الحواجز الإسمنتية التي وضعها النظام البائد” تتجاوز مجرد إعادة الإعمار المادية. إنها تدل على جهد متعمد لاستعادة المساحات والرموز العامة، مما يعزز الشعور ببداية جديدة وربما يعالج الجوانب النفسية والسياسية للتعافي. يحمل هذا الإجراء وزناً رمزياً ونفسياً عميقاً في مجتمع ما بعد الصراع. لا يتعلق الأمر فقط بالتجديد الحضري أو تحسين تدفق حركة المرور؛ إنه عمل متعمد لإلغاء شرعية الماضي وتأكيد سرد جديد للمدينة. من خلال استعادة المساحات العامة من رموز القمع أو الصراع، تساهم المبادرة في الشفاء الاجتماعي، وتعزز الشعور بالملكية الجماعية لمستقبل المدينة، وتساعد على تطبيع الحياة اليومية. هذا بُعد حاسم، ولكنه غالباً ما يتم التغاضي عنه، في التنمية المجتمعية والتحول السياسي، حيث يؤثر بشكل مباشر على معنويات المواطنين وثقتهم في عملية إعادة البناء.
إحياء التراث والجمال: استعادة هوية المدينة
بذلت جهود متضافرة لاستعادة تراث حماة الفريد. يشمل ذلك تنظيف مجرى نهر العاصي وتأهيله، حيث عملت مؤسسة “E Clean” كشريك رئيسي في الحملة على تنفيذ حملة تنظيف واسعة للنهر لإزالة النفايات والرواسب الطينية. كما تم إعداد خطة لتحويله إلى موقع استثماري وسياحي يضم متنزهات ومرافق ترفيهية. كما يجري إعادة تأهيل النواعير الأيقونية، حيث خضعت ناعورة الجسرية الواقعة عند مدخل حديقة أم الحسن للصيانة بعد توقف دام 3 سنوات. والهدف الأوسع هو إعادة تأهيل جميع النواعير وإحياء دورها التراثي. ويجري العمل على ترميم وصيانة عدة نواعير في حماة، بعد عودة تدفق المياه النظيفة لنهر العاصي، مع التأكيد على ارتباط المدينة القوي بنواعيرها الشهيرة. وقد شملت حملات الترميم أيضاً المعالم الدينية والتاريخية. وهذا يشمل تجديد مسجدي السلطان وسعد بن أبي وقاص في قرية الشريعة، ومسجد العلامة محمد الحامد، وهو معلم ديني مهم في المدينة. إن الجهد المتضافر لاستعادة نهر العاصي ونواعيره، وربطهما صراحة بـ “الاستثمار والسياحة” ، يشير إلى رؤية استراتيجية للتنويع الاقتصادي والاستفادة من الأصول الثقافية للتنمية المستدامة. يتجاوز هذا التركيز مجرد التحسين الجمالي أو الحفاظ على التراث؛ إنه خطوة استراتيجية محسوبة للتعافي الاقتصادي. في بلد يعاني من تحديات اقتصادية حادة ، يمكن أن يؤدي الاستثمار في البنية التحتية السياحية الفريدة إلى خلق مصادر دخل جديدة، وتوليد فرص عمل (على سبيل المثال، في الضيافة، والحرف اليدوية المحلية، وخدمات الإرشاد السياحي)، وتحفيز الأعمال التجارية المحلية. من خلال الاستفادة من تراث حماة المميز، تهدف المبادرة إلى إعادة ترسيخ هوية المدينة الفريدة وجذب الزوار المحليين والدوليين، وبالتالي المساهمة في اقتصاد محلي أكثر تنوعاً ومرونة واستدامة. هذا يظهر فهماً متطوراً لكيفية تحويل رأس المال الثقافي إلى قيمة اقتصادية في سياق التعافي بعد الصراع.
المبادرات البيئية والمجتمعية: تعزيز الوعي والمشاركة
بالإضافة إلى البنية التحتية المادية، أطلقت المبادرة برامج بيئية ومجتمعية هامة. تشمل حملات التشجير والنظافة إطلاق حملة لغرس 8000 غرسة تحت عنوان “شوارعنا الخضراء”. كما استهدفت حملة نظافة عدة أحياء في المدينة بمشاركة جمعية خزامى و30 متطوعاً. وشهدت حملة تشجير في الحديقة المقابلة لمبنى السكن الجامعي زراعة 85 غرسة حراجية. وتم تنظيف حديقة الحرش أيضاً. وتم تنظيم فعاليات ترفيهية وإنسانية، مثل فعاليات عيد الأضحى التي استهدفت 60 طفلاً في قرية بسيرين، وشملت ألعاباً ومسابقات وتوزيع هدايا وملابس. ويتم توفير الدعم التعليمي من خلال مبادرة لتوزيع القرطاسية واللوازم المدرسية على طلاب مدرسة هشام بصيلي في حي جنوب الملعب. كما يتم تقديم الدعم للمدارس لتعويض الفاقد التعليمي لدى الطلاب. وتشمل الجهود الصحية والمجتمعية حملات التبرع بالدم لدعم جهود المجتمع المحلي في توفير جميع فصائل الدم للمشافي ، وجلسات توعية صحية تركز على النظافة. إن إدراج “الفعاليات الترفيهية والإنسانية” للأطفال و”توزيع القرطاسية” إلى جانب مشاريع البنية التحتية يشير إلى فهم شامل للتعافي المجتمعي يتجاوز إعادة الإعمار المادية ليشمل الرفاه الاجتماعي والنفسي، لا سيما للفئات السكانية الضعيفة. يكشف هذا النطاق الواسع عن نهج شامل لـ “إعادة نبض” المدينة، مع إدراك أن حيوية المدينة لا تتحدد فقط ببنيتها التحتية المادية، بل أيضاً بصحة سكانها وتعليمهم ورفاههم الاجتماعي. إن الاستثمار في تعليم الأطفال وتوفير الأنشطة الترفيهية أمر بالغ الأهمية لمعالجة الآثار النفسية طويلة الأجل للصراع، وتعزيز الشعور بالحياة الطبيعية، وإعادة بناء رأس المال الاجتماعي. وبالمثل، تساهم المبادرات البيئية مثل زراعة الأشجار في جماليات المدن والصحة العامة والاستدامة على المدى الطويل. توضح هذه الاستراتيجية الشاملة أن التعافي المجتمعي الحقيقي يتطلب رعاية جميع جوانب الحياة البشرية والبيئية، وليس مجرد إصلاح الأضرار المادية.
شركاء النجاح: تكاتف الجهود من أجل حماة
دور محافظة حماة
تُعد محافظة حماة الجهة المطلقة للمبادرة، وتعمل على تعزيز العمل التطوعي وتنسيق الجهود لإعادة تأهيل الخدمات الأساسية والبنية التحتية في المدينة.
مساهمات المجتمع المدني والمنظمات الأهلية
شهدت المبادرة مشاركة واسعة من منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية:
- جمعية خزامى: شاركت في حملات النظافة، وأطلقت مبادرات لتوزيع القرطاسية واللوازم المدرسية، وتستعد لتنظيم حملات تبرع بالدم.
- الهلال الأحمر العربي السوري: نظم متطوعوه فعاليات ترفيهية وإنسانية بمناسبة عيد الأضحى استهدفت أهالي قرية بسيرين.
- مؤسسة البيئة النظيفة (E-Clean): كانت شريكاً رئيسياً في الحملة على تنظيف نهر العاصي وإعادة تأهيل نواعير مدينة حماة.
- مؤسسة الدفاع المدني (الخوذ البيضاء): ركزت أعمالها على إزالة الأنقاض وفتح الطرقات المغلقة، والمشاركة في إعادة تأهيل المدارس والمرافق الخدمية، وتنفيذ حملات توعية حول السلامة العامة.
- منظمة اليونيسف: بالتعاون مع مؤسسة مياه حماة، نفذت مشروع مستودع هيبوكلورايد الصوديوم لتعقيم مياه الشرب. إن الطيف الواسع من الشركاء، من الحكومة (محافظة حماة) إلى المجتمع المدني المحلي (جمعية خزامى، الهلال الأحمر العربي السوري، E-Clean) والمنظمات الدولية (اليونيسف)، يشير إلى نموذج حوكمة متعدد القطاعات وشامل لإعادة الإعمار. يدل هذا التعاون المتنوع على التزام مشترك ومسؤولية موزعة، مما يمكن أن يعزز الشرعية وتعبئة الموارد. هذه الشبكة الواسعة من الشراكات هي عامل نجاح حاسم في بيئات التعافي المعقدة بعد الصراع. فهي تسمح بتجميع الخبرات والموارد والمعرفة المحلية المتنوعة، والتي غالباً ما تتجاوز قدرة أي كيان واحد. يعزز هذا التعاون متعدد القطاعات شرعية المبادرة ونطاق عملها، مما يضمن إمكانية تلبية مجموعة أوسع من الاحتياجات. علاوة على ذلك، فإن مشاركة المنظمات الدولية مثل اليونيسف، على الرغم من التحديات الأوسع للمساعدات في سوريا ، تشير إلى درجة من التوثيق الخارجي وربما تفتح سبلًا لتمويل ودعم تقني أوسع، مما يعزز مرونة المبادرة وتأثيرها العام.
مساهمات المجتمع المحلي، المغتربين، ورجال الأعمال
تركز المبادرة على استقطاب المتطوعين من ذوي الأيادي البيضاء من المغتربين، وأصحاب رؤوس الأموال من رجال الصناعة والتجارة، إضافة لأهل الخير من أفراد المجتمع المدني الراغبين في المساهمة بمختلف أشكال الدعم. وقد لاقت المبادرة استجابة كبيرة من الفعاليات الاقتصادية والأهلية، والمغتربين. إن المشاركة النشطة والمساهمات المالية من “المغتربين ورجال الأعمال” تمثل شريان حياة حيوياً للتعافي الاقتصادي، خاصة بالنظر إلى التحديات الاقتصادية الأوسع والعقوبات المفروضة على سوريا. هذا يسلط الضوء على الدور الحاسم لاستثمارات المغتربين ومشاركة القطاع الخاص في سد فجوات التمويل حيث قد تكون المساعدات الدولية التقليدية محدودة. في سياق يواجه صعوبات اقتصادية حادة، وفقر واسع النطاق، وعقوبات دولية شاملة على سوريا، فإن الاعتماد على رأس المال الداخلي ورأس مال المغتربين ليس مجرد خيار، بل ضرورة استراتيجية. يمكن أن تتجاوز هذه المشاركة من القطاع الخاص والمغتربين بعض العقبات السياسية واللوجستية التي تواجهها المساعدات الإنسانية الدولية واسعة النطاق، مما يظهر استراتيجية قوية وذاتية للتعافي الاقتصادي. إنها تعزز شعوراً عميقاً بالمسؤولية المشتركة والاستثمار المباشر في مستقبل حماة، مما يعزز الاستقرار على المدى الطويل ويقلل الاعتماد على المساعدات الخارجية، وهو عنصر حاسم للتعافي الاقتصادي المستدام والاكتفاء الذاتي.
التحديات والآفاق المستقبلية: رحلة لا تتوقف عن التطوير
التحديات التي تواجه استمرارية المبادرة
على الرغم من الإنجازات البارزة، تواجه مبادرة “حماة تنبض من جديد” تحديات عديدة قد تؤثر على استمراريتها وفعاليتها على المدى الطويل:
- الوضع الاقتصادي العام في سوريا: تعاني سوريا من تحديات اقتصادية كبيرة، بما في ذلك انهيار الاقتصاد الرسمي، تدهور قيمة الليرة السورية، وارتفاع معدلات الفقر، ونقص الإيرادات الحكومية. هذا يؤثر على قدرة الأفراد والشركات على المساهمة المستمرة في المبادرة.
- تحديات إعادة الإعمار الشاملة: التكلفة التقديرية لإعادة إعمار سوريا تتراوح بين 250 إلى 400 مليار دولار، وهو ما يفوق بكثير القدرة المالية لسوريا. هذا يضع عبئاً كبيراً على المبادرات المحلية.
- تأثير العقوبات الدولية: العقوبات الأمريكية الشاملة تعيق الوصول إلى الخدمات الأساسية والاستثمار في التعافي، وتساهم في أزمة السيولة، مما يؤثر على قدرة المنظمات والشركاء على العمل بفعالية.
- الحاجة إلى حلول جذرية: الهدف الأساسي للمبادرة هو تخفيف العبء عن المؤسسات الحكومية وتقديم الحد الأدنى من الخدمات للمواطنين “ريثما يتم إيجاد حلول جذرية”. هذا يشير إلى أن المبادرة بحد ذاتها، على الرغم من أهميتها، ليست حلاً نهائياً للمشكلات الهيكلية العميقة التي تواجهها البلاد. إن الإشارة الصريحة إلى أن المبادرة تقدم “الحد الأدنى من الخدمات حتى يتم إيجاد حلول جذرية” يكشف عن فهم واقعي لقيودها ضمن السياق السوري الأوسع. هذا يعني أنه على الرغم من تأثيرها المحلي الكبير، لا يمكن للمبادرة أن تعالج بشكل كامل التحديات الاقتصادية والسياسية المنهجية (مثل العقوبات، وتكاليف إعادة الإعمار الإجمالية، وعدم الاستقرار السياسي) التي تعيق التعافي الوطني الشامل. هذه الصياغة هي إقرار حاسم بالقيود الكلية التي تعمل المبادرة في ظلها. فهي تعني أنه على الرغم من النجاحات المحلية الكبيرة وتعبئة المجتمع، لا يمكن لمبادرة “حماة تنبض من جديد” أن تتغلب بمفردها على التحديات الهيكلية الهائلة التي تواجه سوريا، مثل التكلفة التقديرية لإعادة الإعمار البالغة 250-400 مليار دولار، وتأثير العقوبات الدولية، وعدم الاستقرار السياسي الأوسع. يسلط هذا التقييم الذاتي الواقعي الضوء على التوازن الدقيق بين المساعدة الذاتية المحلية والحاجة الماسة إلى حلول سياسية واقتصادية أوسع، بما في ذلك تخفيف العقوبات المحتمل والاستثمار الدولي الكبير، لتحقيق تعافٍ شامل ومستدام حقاً.
الرؤية المستقبلية للمبادرة وخطط الاستدامة
تطمح المبادرة لأن تكون “رحلة لا تتوقف عن التطوير” ، مما يعكس رؤية طويلة الأمد تتجاوز مجرد إعادة الإعمار إلى التنمية المستمرة.
- الاستدامة من خلال المشاركة المجتمعية: تعتمد الاستدامة على استمرار استقطاب المتطوعين من المنظمات المحلية والدولية، والمغتربين، ورجال الأعمال، وأفراد المجتمع المدني، مما يضمن تدفقاً مستمراً للموارد البشرية والمالية والخبرات.
- التخطيط المنهجي: تساهم المراحل الثلاث للمبادرة (التشخيص، التنسيق، التنفيذ) في الاستدامة من خلال ضمان توجيه الجهود بكفاءة وتجنب الهدر، وتعظيم أثر كل مساهمة.
- بناء القدرات المحلية: من خلال تعزيز العمل التطوعي وتمكين المجتمع المحلي من المشاركة، تهدف المبادرة إلى بناء مجتمعات مرنة قادرة على تجاوز تداعيات النزاع وتشكيل مصائرها بنشاط.
- التمكين الاقتصادي: على الرغم من عدم وجود تفاصيل اقتصادية صريحة للمبادرة، فإن إعادة تأهيل البنية التحتية والمعالم السياحية (مثل ترميم النواعير لتنشيط السياحة )، ودعم المشاريع الصغيرة والتدريب المهني (كما هو مذكور في مبادرات التنمية المجتمعية الأوسع في حماة )، كلها تساهم في التمكين الاقتصادي المحلي. إن الطموح بأن تكون المبادرة “رحلة لا تتوقف عن التطوير” يشير إلى تحول من عقلية الاستجابة للأزمات إلى نموذج تنموي طويل الأجل. هذا يدل على الالتزام بالتحسين المستمر والتكيف، مع الاعتراف بأن إعادة البناء عملية مستمرة وليست حدثاً لمرة واحدة. هذه الرؤية طويلة الأجل حاسمة لتعزيز المرونة الحقيقية ومنع العودة إلى التبعية. إنها تشير إلى فهم أن التعافي المستدام ينطوي على بناء أنظمة وقدرات دائمة داخل المجتمع، بدلاً من مجرد معالجة المشكلات الفورية المعزولة. من خلال دمج التحسين المستمر والتكيف في فلسفتها الأساسية، تتوافق المبادرة مع أفضل الممارسات في إعادة الإعمار بعد الصراع، حيث تكون ملكية المجتمع، والاستراتيجيات التكيفية، والتركيز على الاكتفاء الذاتي أمراً بالغ الأهمية لتحقيق سلام وازدهار دائمين. هذا المنظور المستقبلي يحول المبادرة من مجرد مشروع إلى حركة تأسيسية لمستقبل حماة.
دعوة للمشاركة والدعم المستمر
المبادرة مفتوحة لكل أبناء حماة، داخل البلاد وخارجها، للمساهمة حسب الإمكانيات سواء عبر التطوع الميداني أو الدعم العيني أو تقديم الخبرات التقنية. إن الدعوة المستمرة إلى “التطوع الميداني، والدعم العيني، أو الخبرة التقنية” تسلط الضوء على فهم متطور لتعبئة الموارد يتجاوز مجرد التبرعات المالية. وهي تدرك قيمة رأس المال البشري والمهارات المتخصصة، التي غالباً ما تكون نادرة في بيئات ما بعد الصراع. يشير هذا التنوع في طلب الدعم إلى وعي استراتيجي بأن إعادة البناء الشاملة تتطلب نهجاً متعدد الأوجه لجمع الموارد. في البيئات التي تكون فيها الموارد المالية محدودة للغاية، يصبح الاستفادة من رأس المال البشري (المتطوعون المهرة)، والموارد المادية (الدعم العيني)، ورأس المال الفكري (الخبرة التقنية) أمراً بالغ الأهمية. من خلال دعوة المعرفة المتخصصة من المغتربين أو المهنيين المحليين، يمكن للمبادرة أن تعزز بناء القدرات، وتضمن جودة وكفاءة المشاريع، وتنقل المهارات القيمة إلى المجتمع المحلي. هذا النهج الشامل لتعبئة الموارد هو سمة مميزة لمبادرات التنمية المجتمعية الفعالة التي تهدف إلى الاعتماد على الذات والنمو المستدام على المدى الطويل.
الخاتمة: حماة تنبض… قصة أمل وصمود سوري
تمثل مبادرة “حماة تنبض من جديد” نموذجاً رائداً للعمل المجتمعي والتشاركي في إعادة إحياء المدن المتضررة ضمن سياق التحديات السورية المعقدة. إنها ليست مجرد حملة خدمية، بل هي روح متجددة تعكس إرادة أبناء حماة في بناء مستقبل أفضل لمدينتهم، مستفيدين من تاريخهم العريق وصمودهم الأسطوري. تبرز المبادرة الأمل الذي تبثه في ظل التحديات المستمرة، ودورها المحوري في تعزيز الصمود والتعافي، وتقديم نموذج يحتذى به في التنمية المحلية التي تعتمد على تكاتف الجهود وتضافر الطاقات من مختلف شرائح المجتمع، داخل البلاد وخارجها. إنها قصة مدينة ترفض الاستسلام، وتؤكد أن الحياة تستمر، وأن البناء الجماعي هو السبيل الوحيد نحو الازدهار المستدام.