مطار حماة العسكري: تحليل إستراتيجي لمنشأة حيوية في قلب الصراع السوري

محتوى المقالة
1. مقدمة: مطار حماة العسكري – لمحة عامة
يُعد مطار حماة العسكري منشأة جوية محورية تقع غرب مدينة حماة في سوريا، ويُصنّف كقاعدة عسكرية أساسية تديرها القوات الجوية السورية تاريخياً. تبرز أهميته الاستراتيجية من موقعه المركزي داخل الأراضي السورية، مما جعله مركزاً لوجستياً حيوياً ومنطلقاً للعمليات العسكرية طوال سنوات الصراع.
اكتسب المطار اهتماماً دولياً واسعاً نظراً لاستخدامه المكثف خلال الحرب الأهلية السورية. وقد شهد في الآونة الأخيرة تحولاً جذرياً بسيطرة فصائل مسلحة عليه في ديسمبر 2024. هذا الحدث لا يمثل مجرد تغيير في السيطرة على موقع جغرافي، بل يشير إلى تحول عميق في ديناميكيات الصراع، مؤكداً الدور الحاسم للمطار في المشهد السوري الأوسع. إن الاستيلاء على مثل هذه الأصول العسكرية الاستراتيجية يعكس ضعفاً كبيراً في سيطرة الحكومة على البنية التحتية الحيوية، وفي المقابل، يظهر تعزيزاً للقدرات العملياتية والمكاسب الإقليمية لقوات المعارضة. هذا التطور لا يقتصر على كونه مكسباً محلياً، بل يمثل ضربة رمزية وعملياتية كبيرة للنظام السابق.
2. الموقع والخصائص الجغرافية والبنية التحتية
يقع مطار حماة العسكري في مدينة حماة، ضمن محافظة حماة السورية. يتميز بموقعه الإستراتيجي الذي يشكل حداً غربياً لمدينة حماة، ويفصلها عن ريفها الغربي. تقع الإحداثيات الجغرافية الدقيقة للمطار عند 35°07′05″ شمالاً و36°42′40″ شرقاً.
يصنف المرفق بشكل قاطع كمطار عسكري. تاريخياً، كان مملوكاً للقوات المسلحة السورية وتشغله القوات الجوية السورية. وقد ظل المطار قيد الاستخدام المستمر منذ تاريخ غير محدد وحتى الوقت الحاضر ، مما يشير إلى أهميته التشغيلية طويلة الأمد. يقع المطار على ارتفاع 309 أمتار (1,014 قدم) فوق مستوى سطح البحر.
يحتوي المطار على مدرج رئيسي واحد. بينما تصفه بعض المصادر بأنه مُعبّد بالإسفلت ، تشير مصادر أخرى إلى سطح خرساني. يبلغ طول هذا المدرج 2,783 متراً (9,130 قدماً) وعرضه 45.5 متراً (149 قدماً). ويُذكر أيضاً أن طوله يبلغ حوالي 3 كيلومترات. بالإضافة إلى المدرج الرئيسي، تشمل البنية التحتية للمطار عدة مهابط مخصصة للمروحيات ، وهي ضرورية لعمليات الطائرات العمودية. تضم القاعدة أيضاً عدداً كبيراً من الحظائر، يُقدر بحوالي 20 حظيرة. تُعد هذه الحظائر حاسمة لحماية وصيانة وتخزين أنواع مختلفة من الطائرات، بما في ذلك الطائرات العسكرية، وحمايتها من العوامل الجوية والهجمات المحتملة.
إن وجود مدرج واحد طويل، على الرغم من قدرته على دعم عمليات طيران متنوعة ومستمرة، يجعله نقطة ضعف حرجة؛ فأي ضرر يلحق به يمكن أن يشل العمليات الجوية بشكل كبير. ومع ذلك، فإن وجود 20 حظيرة يشير إلى قدرة كبيرة على تخزين الطائرات وحمايتها. هذا يعني وجود درجة من المرونة ضد الضربات المباشرة التي تستهدف الطائرات المتوقفة، حيث يمكن تشتيتها أو حمايتها داخل هذه الهياكل، مما يعزز قدرتها على البقاء.
إن استخدام المطار “بشكل مكثف” طوال الحرب والثورة، على الرغم من كونه هدفاً معروفاً ومتكرراً ، يؤكد طبيعته الحيوية والجهود المبذولة من قبل القوات الجوية السورية للحفاظ على حالته التشغيلية تحت الضغط. هذا المزيج من مدرج حيوي واحد والعديد من الحظائر الواقية يكشف عن تصميم يجمع بين وتيرة التشغيل العالية ودرجة من حماية الأصول.
الخاصية (Property) | القيمة (Value) |
الموقع (Location) | حماة، محافظة حماة |
الإحداثيات (Coordinates) | 35°07′05″N 36°42′40″E |
نوع المطار (Airport Type) | عسكري |
المالك (Owner) | القوات المسلحة السورية / الحكومة السورية |
المشغل (Operator) | القوات الجوية السورية |
الارتفاع عن سطح البحر (Elevation AMSL) | 309 متر / 1,014 قدم |
طول المدرج (Runway Length) | 2,783 متر / 9,130 قدم (أو 3 كم) |
عرض المدرج (Runway Width) | 45.5 متر / 149 قدم |
سطح المدرج (Runway Surface) | خرسانة / إسفلت |
عدد الحظائر (Number of Hangars) | 20 |
مهابط المروحيات (Helicopter Pads) | عدة مهابط |
3. القدرات التشغيلية وأنواع الطائرات
استضاف مطار حماة العسكري تاريخياً مجموعة متنوعة من طائرات القوات الجوية السورية، بما في ذلك الطائرات المقاتلة ذات الأجنحة الثابتة والمروحيات، مما يعكس دوره كقاعدة جوية عسكرية متعددة الاستخدامات. على وجه التحديد، كان المطار معروفاً بإيوائه طائرات ميغ-21 إم إف وميغ-21 يو إم. وقد ذُكر السرب 679 والسرب 680 صراحةً فيما يتعلق بطائرات ميغ-21 إم إف وميغ-21 يو إم على التوالي. كما كانت طائرات ميغ-29 جزءاً من مخزون المطار، على الرغم من عدم توفر رقم السرب المحدد المرتبط بها.
شكلت المروحيات مكوناً مهماً من أسطول المطار، حيث تشير التقارير إلى وجود عشر مروحيات وعمليات مروحية عامة. كانت هذه الطائرات العمودية حاسمة للدعم الجوي القريب والاستطلاع ونقل القوات. عمل المطار كمنصة إطلاق أساسية لهذه الطائرات، خاصة لمهام القصف والاستطلاع خلال الحرب الأهلية السورية. على سبيل المثال، ذُكرت طائرات ميغ-21 صراحةً بأنها انطلقت من حماة لاستهداف مناطق في ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي ، مما يؤكد مشاركتها المباشرة في العمليات الهجومية.
قبل سيطرة قوات المعارضة عليه في ديسمبر 2024، يُذكر أن النظام السوري قام بنقل “تقريباً جميع الطائرات العاملة” من مطار حماة العسكري إلى قواعد أخرى أكثر أمناً، مثل مطار السين، ومطار الشعيرات، ومطار التي فور. هذا النقل الاستباقي يشير إلى قرار إستراتيجي للحفاظ على الأصول الجوية القيمة بدلاً من المخاطرة بتدميرها أو الاستيلاء عليها، مما يدل على انسحاب محسوب.
إن وجود طائرات من الجيل الأقدم (ميغ-21) والأكثر حداثة (ميغ-29) يشير إلى قدرة تشغيلية متنوعة داخل القوات الجوية السورية في حماة. يتيح هذا التنوع تنفيذ مهام مختلفة، من الهجمات الأرضية الأساسية إلى الدفاع الجوي الأكثر تقدماً، مما يوحي بمرونة في العقيدة العملياتية. ومع ذلك، فإن التفصيل الأكثر دلالة هو أن النظام السوري نقل “تقريباً جميع الطائرات العاملة”
قبل سقوط المطار. هذا ليس مجرد خسارة بسيطة للأرض؛ إنه قرار محسوب للحفاظ على الأصول الجوية القيمة. هذا يشير إلى أن القوات الجوية السورية، على الرغم من ضعفها العام والصراع المستمر، حافظت على درجة من البصيرة الاستراتيجية والقدرة على التكيف. لقد أعطت الأولوية للحفاظ على أصولها الأكثر قيمة وعملية (الطائرات) على الدفاع الثابت عن موقع ثابت، حتى لو كان استراتيجياً مثل مطار حماة العسكري. هذا يشير إلى تحول نحو استراتيجية قوات جوية أكثر قدرة على الحركة والاستجابة، مع الاعتراف بضعف القواعد الثابتة.
نوع الطائرة (Aircraft Type) | السرب الجوي (Squadron) | ملاحظات (Notes) |
MiG-21MF | السرب 679 | طائرة مقاتلة/هجوم أرضي |
MiG-21UM | السرب 680 | طائرة تدريب/مقاتلة |
MiG-29 | غير محدد | طائرة مقاتلة متعددة المهام |
مروحيات | غير محدد | دعم جوي قريب، نقل |
4. الدور الإستراتيجي في الحرب السورية
كان الموقع الجغرافي المركزي لمطار حماة العسكري داخل سوريا ذا أهمية قصوى، مما عزز مكانته كمركز لوجستي حيوي للنظام السوري. استُخدم المطار على نطاق واسع للنقل السريع للإمدادات ونشر القوات إلى مختلف الجبهات النشطة في جميع أنحاء البلاد. وشمل ذلك الدعم الحاسم للعمليات في المناطق الشمالية (إدلب وحلب) وكذلك ساحات القتال الجنوبية (دمشق وما حولها). وقد عززت هذه المركزية بشكل كبير أهميته الإستراتيجية طوال الصراع الطويل.
وُصف المطار بأنه “المركز الرئيسي الذي تنطلق منه الطائرات” لتنفيذ عمليات القصف الجوي على جنوب إدلب وشمال حماة ، مما يسلط الضوء على مشاركته المباشرة والمستمرة في العمليات الجوية الهجومية. عمل المطار كقاعدة أساسية للقوات الجوية السورية، انطلقت منها العديد من الغارات الجوية ضد المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في محافظتي حماة الشمالية والشرقية والجنوبية، بالإضافة إلى مناطق إدلب وحلب الأوسع.
كان دوره المستمر في توفير الغطاء الجوي الحاسم لا غنى عنه لحماية الأراضي التي يسيطر عليها النظام ودعم العمليات البرية. وقد جعله هذا المطار نقطة ارتكاز في جهود النظام للحفاظ على السيطرة الإقليمية وممارسة الضغط على قوات المعارضة. تاريخياً، كان مطار حماة العسكري يعتبر ثالث أكبر مطار عسكري في سوريا ، وهو دليل على حجمه وأهميته الأساسية ضمن البنية التحتية الجوية الأوسع للجيش السوري.
عزز قرب المطار من شرايين النقل الرئيسية، وأبرزها طريق حلب-دمشق M5 السريع، وهو طريق حيوي للحركة العسكرية والاقتصادية، من قيمته الاستراتيجية. ولذلك، اعتُبر الاستيلاء على مدينة حماة ومطارها العسكري من قبل قوات المعارضة في ديسمبر 2024 حدثاً محورياً يمكن أن يفتح الطريق إلى حمص، وهي مدينة حيوية أخرى، وربما حتى إلى العاصمة دمشق، مما يشير إلى تحول عميق في التوازن الإستراتيجي للصراع. وهذا يسلط الضوء على دور المطار ليس فقط كأصل محلي ولكن كعنصر رئيسي في شبكة سيطرة النظام الوطنية.
إن مطار حماة العسكري، بصفته قاعدة رئيسية ومركزاً لوجستياً ومنطلقاً للعمليات الجوية، لم يكن مجرد موقع لإطلاق الهجمات. لقد كان بمثابة عامل مضاعف للقوة للعمليات البرية للنظام السوري. من خلال توفير الدعم الجوي المستمر، والاستطلاع، وتسهيل إعادة الإمداد السريع ، عزز المطار بشكل كبير فعالية ومدى العمليات العسكرية للنظام. التأكيد الصريح بأن “السيطرة على المطار ستزيل الغطاء الجوي الذي يحمي المناطق التي يسيطر عليها النظام وتمهد الطريق للمعارضة للسيطرة على تلك القرى غرب عاصمة المحافظة” يوضح علاقة السبب والنتيجة، مما يدل على أن الوضع التشغيلي للمطار أثر بشكل مباشر على نجاح واستدامة الدفاعات البرية. وبالتالي، فإن خسارته تمثل تدهوراً كبيراً في القوة القتالية الشاملة للنظام في المنطقة.
علاوة على ذلك، فإن الأهمية الإستراتيجية العميقة للمطار جعلته هدفاً ثابتاً وموضع نزاع شديد طوال الصراع. الهجمات المتكررة من قبل مختلف فصائل المعارضة ، بالإضافة إلى التدخلات المباشرة من أطراف خارجية مثل الطائرات التركية المسيرة والغارات الجوية الإسرائيلية المزعومة ، تبرز دوره كنقطة مركزية تلاقت فيها مصالح استراتيجية متنوعة. لم تكن هذه مجرد سلسلة من العمليات العسكرية المعزولة؛ بل تعكس التفاعل المعقد للقوى الداخلية والخارجية.
الهدف المعلن للضربات الإسرائيلية “لتفكيك القدرات العسكرية للقواعد الجوية الرئيسية في سوريا” و”ضمان عدم إمكانية استخدامها مرة أخرى” يشير إلى أن القوى الأجنبية نظرت إلى المطار ليس فقط كأصل مهم في الحرب الأهلية السورية الداخلية ولكن أيضاً كتهديد محتمل أو نقطة استراتيجية في الصراع الإقليمي الأوسع. وهذا يجعل المطار صورة مصغرة للصراع الجيوسياسي الأوسع في سوريا.
5. المطار كمركز للاحتجاز والتحقيق (2012-2013)
في المراحل الأولى من الحرب الأهلية السورية، وتحديداً حوالي عام 2012، شهد مطار حماة العسكري تحولاً مقلقاً. فقد ورد أنه أصبح أحد أكبر وأهم فروع المخابرات السورية داخل محافظة حماة. وشمل هذا التحول إيواء مركز كبير للمخابرات الجوية، وهي جهاز معروف بأساليبه الوحشية ومعاملته القاسية للمحتجزين.
قدمت العديد من الروايات من السكان المحليين والناشطين الميدانيين شهادات مروعة تؤكد أن المطار كان موقعاً لتعذيب شديد ضد الأفراد المعتقلين من محافظة حماة. وذكر تقرير للمرصد السوري لحقوق الإنسان في عام 2012 صراحة أن المطار قد تحول إلى “سجن ومعتقل لصالح جهاز المخابرات الجوية، أحد أقسى الأفرع الأمنية وأكثرها بطشاً وتنكيلاً بالمعتقلين”. وزُعم أن آلاف الأفراد، بمن فيهم رجال ونساء وأطفال، احتُجزوا هناك وتعرضوا لأقصى أنواع التعذيب، مع ورود تقارير تشير حتى إلى وفيات تحت التعذيب. وكثيراً ما كان المحتجزون يُحتجزون داخل حظائر حديدية كبيرة مؤقتة، مما يوضح حجم الاعتقالات.
وفقاً لمصادر أمنية داخل المطار، تم التخلي عن دوره المثير للجدل كمركز احتجاز مدني بعد عام 2013. بعد هذه الفترة، تم تحويل المنشأة إلى قطاعات عسكرية مختلفة. ويُذكر أن مبنى المخابرات الجوية نفسه عاد إلى وجود أصغر، حيث تم نقل المعتقلين لاحقاً إلى الفرع الرئيسي للمخابرات الجوية الموجود في حمص أو، في بعض الحالات، مباشرة إلى دمشق. بعد هذا التحول، عاد المطار ظاهرياً إلى وظيفته العسكرية الأساسية، مع التركيز بشكل أساسي على تخزين الذخيرة لمحافظة حماة والعمل كمركز نقل روسي-سوري حيوي للأفراد العسكريين الذين يتنقلون من وإلى مطار حميميم في اللاذقية.
إن تحويل مطار عسكري، مصمم أساساً للعمليات الجوية، إلى مركز رئيسي للمخابرات والاحتجاز يكشف عن نهج مزدوج الاستخدام مروع واستراتيجي من قبل النظام السوري. لم يكن هذا إجراءً عرضياً أو مؤقتاً؛ فوصفه بأنه “أحد أكبر فروع المخابرات السورية” وموقع “تعـ.ـذيب شديد” يشير إلى جهد متعمد ومنهجي لإعادة توظيف البنية التحتية الوطنية الحيوية لقمع الدولة والأمن الداخلي، خاصة خلال فترة من الاضطرابات المدنية الواسعة النطاق.
استخدام الحظائر الحديدية الكبيرة للاحتجاز الجماعي يسلط الضوء بشكل أكبر على حجم هذه العمليات وطبيعتها المنهجية. يشير التحول اللاحق إلى وظيفته العسكرية الأساسية إلى أن إعادة التوظيف هذه كانت تكيفاً تكتيكياً، استجابة للاحتياجات الفورية والملحة لقمع المعارضة قبل العودة إلى الأهداف العسكرية الأساسية مع تطور الصراع. وهذا يدل على كفاءة النظام القاسية في الاستفادة من جميع الأصول المتاحة للسيطرة.
علاوة على ذلك، فإن التقارير المفصلة عن التعذيب الشديد والاحتجاز الجماعي والإعدامات في مطار حماة العسكري تتوافق بعمق مع السياق التاريخي لحماة، لا سيما مجـ.ـزرة حماة سيئة السمعة عام 1982. تقارير منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش ترسم أوجه تشابه صريحة، تربط أفعال النظام خلال الحرب الأهلية بأساليبه طويلة الأمد في قمع المعارضة بوحشية في حماة. هذا ليس حادثاً معزولاً من تجاوزات زمن الحرب؛ بل يشير إلى نمط متأصل ومتكرر من سلوك الدولة.
عمليات هدم أحياء بأكملها في حماة الموثقة ، والتي غالباً ما تتم دون سابق إنذار أو تعويض ويُزعم أنها استهدفت مناطق يستخدمها مقاتلو المعارضة، تعزز كذلك مفهوم العقاب الجماعي ضد السكان المدنيين. يشير هذا الاستمرارية التاريخية إلى أن تكتيكات النظام متجذرة في عقيدة طويلة الأمد لاستخدام العنف الشديد والإرهاب النفسي للحفاظ على السيطرة المطلقة.
6. الحوادث والهجمات الرئيسية التي استهدفت المطار
منذ الأيام الأولى للصراع، أدركت قوات المعارضة مطار حماة العسكري كأصل استراتيجي حيوي، وبالتالي أصبح هدفاً ثابتاً. حاولت الفصائل المسلحة بنشاط قطع طرق الإمداد التي تربط المطار بمدينة حماة وأجزاء أخرى من المحافظة. ويُذكر أنهم استهدفوا المطار يومياً بقذائف الهاون وصواريخ غراد، زاعمين أنهم قللوا من قدرته التشغيلية بنسبة تصل إلى 50%. يؤكد هذا الاستهداف المبكر والمستمر الأهمية المتصورة للمطار في الصراع.
شهد المطار أيضاً حوادث تتعلق بطائراته الخاصة. ففي أغسطس 2014، تحطمت طائرة ميغ-23 إم إف تابعة للقوات الجوية السورية، والتي كانت تتمركز في حماة، على بعد حوالي 10 كيلومترات شرق القاعدة. وبينما زعمت الفصائل المسلحة أنها أسقطتها، أقرت الحكومة السورية بالتحطم لكنها لم تؤكد إسقاطها. وفي وقت لاحق، في يونيو 2016، تحطمت طائرة ميغ-21 سورية بعد وقت قصير من إقلاعها من قاعدة حماة الجوية. وعُزي هذا الحادث إلى مشكلة فنية، وأسفر عن مقتل الطيار وشخصين على الأرض. تسلط هذه الحوادث الضوء على المخاطر الكامنة في الطيران العسكري، والتي تتفاقم بسبب ضغوط عمليات زمن الحرب.
في 18 مايو 2018، هزت القاعدة الجوية سلسلة من الانفجارات الضخمة، والتي يُذكر أنها أدت إلى مقتل 11 شخصاً وإصابة أو فقدان العشرات. وعزا مسؤولون عسكريون سوريون هذه الانفجارات إلى عطل فني داخل مستودعات الأسلحة والوقود في المطار. ومع ذلك، قدمت مصادر أخرى تفسيرات بديلة، بما في ذلك غارة جوية إسرائيلية مزعومة أو عملية تخريب، حيث أعلنت جـ.ـماعة سـ.ـرايا الجـ.ـهاد المتشـ.ـددة مسؤوليتها. أكد هذا الحادث ضعف البنية التحتية للقاعدة أمام كل من الحوادث الداخلية والهجمات الخارجية، وربما الخفية.
في 1 مارس 2020، يُذكر أن طائرات تركية مسيرة نفذت ضربات على اللواء 47، الذي كان يقع داخل قاعدة حماة الجوية. وقد وردت هذه المعلومات من المرصد السوري لحقوق الإنسان. يشير هذا الحادث إلى التدخل التركي المباشر والمستهدف ضد وحدات عسكرية محددة متمركزة في القاعدة، مما يعكس التوترات الجيوسياسية الأوسع في المنطقة.
استهدفت إسرائيل باستمرار مطار حماة العسكري، معتبرة إياه مكوناً حاسماً في البنية التحتية العسكرية السورية، وغالباً ما تربطه بالوجود الإيراني أو شحنات الأسـ.ـلحة لحـ.ـزب الله. تشير التقارير الأخيرة إلى غارات جوية إسـ.ـرائيلية مكثفة ومتعددة، خاصة في مارس وأبريل 2025، مما تسبب في دمار واسع النطاق لبنية المطار التحتية. ويُذكر أن هذه الضربات ألحقت أضراراً بالمدارج وبرج المراقبة ومستودعات الأسلحة وحظائر الطائرات. وذكر أحد المصادر صراحة أن إسـ.ـرائيل “دمرت قاعدة حماة الجوية بالكامل لضمان عدم إمكانية استخدامها مرة أخرى” ، مما يسلط الضوء على هدف إستراتيجي يتمثل في جعل القاعدة غير صالحة للعمل بشكل دائم. كما وردت أنباء عن انفجارات أخرى في يونيو 2025، أسفرت عن مقتل شخصين.
في التطورات الأخيرة، أعلنت هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام وفصائل أخرى متحالفة معها أنها استهدفت مطار حماة العسكري بطائرة مسيرة. استهدف هذا الهجوم تحديداً طائرة “مضادة للطائرات” داخل المطار ، مما يشير إلى تهديد مستمر ومتطور من قبل قوات المعارضة التي تستخدم تكتيكات متقدمة مثل الطائرات بدون طيار.
تكشف القائمة الشاملة للحوادث أن مطار حماة العسكري عمل في ظل بيئة تهديد معقدة وعدائية للغاية. فقد واجه أعطالاً فنية داخلية ، وهجمات برية مستمرة من قوات المعارضة باستخدام الأسلحة التقليدية مثل قذائف الهاون والصواريخ ، ومؤخراً، هجمات بطائرات مسيرة من نفس المجموعات. علاوة على ذلك، تعرضت القاعدة لقصف جوي مباشر من قبل أطراف خارجية: طائرات تركية مسيرة وغارات جوية إسرائيلية متكررة ومدمرة للغاية.
هذا ليس مجرد مجموعة من الأحداث المعزولة؛ بل يوضح أن المطار كان نقطة تقاطع حاسمة للعديد من الخصوم، الذين غالباً ما يكونون غير منسقين، ولديهم أهداف متميزة. وتبرز الضربات الإسرائيلية، على وجه الخصوص، هدفاً إستراتيجياً يتجاوز الحرب الأهلية الداخلية – منع استخدام القاعدة لتهديدات إقليمية محددة، مثل عمليات نقل الأسلحة الإيرانية. يؤكد هذا التهديد متعدد الأبعاد القيمة الإستراتيجية الهائلة للمطار لجميع الأطراف المعنية.
إن الضربات المتكررة والموجهة بدقة من قبل إسرائيل، بهدف صريح هو “تدمير كامل” للبنية التحتية للمطار (بما في ذلك المدارج وبرج المراقبة ومستودعات الأسلحة وحظائر الطائرات) و”ضمان عدم إمكانية استخدامه مرة أخرى” ، تشير إلى إستراتيجية متعمدة ومنهجية لإنكار القدرات. هذا يتجاوز مجرد الضربات العقابية؛ يتعلق الأمر بتفكيك منهجي للقدرة التشغيلية لأصل عسكري رئيسي. تأكيد الحكومة السورية نفسها على “الدمار شبه الكامل” بعد هذه الضربات يؤكد فعالية وشدة هذه الحملة. علاوة على ذلك، فإن حقيقة أن النظام السوري يُذكر أنه نقل الطائرات العاملة
قبل استيلاء قوات المعارضة في ديسمبر 2024 يشير إلى أنهم توقعوا أن تصبح القاعدة غير صالحة للاستخدام أو تقع في أيدي العدو. هذا الإجراء الاستباقي مؤشر قوي على أن الفائدة الإستراتيجية للقاعدة للنظام قد تدهورت بالفعل بشكل كبير، مما أجبرهم على التخلي عنها كأصل جوي قابل للاستخدام.
التاريخ (Date) | نوع الحادث/الهجوم (Type of Incident/Attack) | الجهة المسؤولة/السبب (Responsible Party/Cause) | النتائج/التداعيات (Outcomes/Consequences) |
أغسطس 2014 | تحطم طائرة ميغ-23MF | ادعاءات المعارضة بإسقاطها / تقرير حكومي عن تحطم | مقتل الطيار |
يونيو 2016 | تحطم طائرة ميغ-21 | مشكلة فنية | مقتل الطيار وشخصين على الأرض |
18 مايو 2018 | انفجارات ضخمة في مستودعات أسلحة ووقود | عطل فني / غارة إسرائيلية مزعومة / عملية تخريب | مقتل 11 شخصاً وعشرات الجرحى والمفقودين؛ تصاعد أعمدة الدخان |
1 مارس 2020 | قصف بطائرات مسيرة تركية | طائرات مسيرة تركية | استهداف اللواء 47 |
مارس 2025 | غارات جوية إسرائيلية مكثفة | إسرائيل | تدمير واسع للبنية التحتية (مدارج، برج مراقبة، مستودعات، حظائر)؛ إصابات |
أبريل 2025 | غارات جوية إسرائيلية | إسرائيل | “تدمير شبه كامل” للمطار وإصابات |
4 يونيو 2025 | انفجارات | غير محدد | مقتل شخصين وجرحى |
مؤخراً | استهداف بطائرة مسيرة | هـ.ـيئة تحـ.ـرير الشام وفصائل أخرى | استهداف طائرة مضادة للطائرات في المطار |
7. السيطرة الأخيرة على المطار وتداعياتها (ديسمبر 2024 وما بعده)
في 5 ديسمبر 2024، سقط مطار حماة العسكري، الذي كان معقلاً طويلاً للنظام السوري، تحت سيطرة قوات تابعة لحكومة الإنقاذ السورية والفصائل المعارضة المدعومة من تركيا التابعة للحكومة السورية المؤقتة، وأبرزها هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام. حدث هذا التطور المهم بعد الانسحاب الاستراتيجي للقوات الحكومية السورية من كل من مدينة حماة وقاعدتها الجوية المجاورة. كان هذا الاستيلاء جزءاً رئيسياً من هجوم حماة الأوسع لعام 2024، وهي عملية تميزت بتقدم سريع لقوات المعارضة وضعف كبير في الدفاعات الموالية للحكومة في جميع أنحاء المنطقة.
اعتبر سقوط مدينة حماة ومطارها العسكري المتزامن نقطة تحول حاسمة في الصراع السوري. فمدينة حماة نفسها ذات أهمية استراتيجية قصوى، حيث تعمل كتقاطع حيوي يربط جميع المناطق الجغرافية الأربع الرئيسية في سوريا – الشمال والجنوب والشرق والغرب. كما أنها تربط خطوط الإمداد والعبور الحاسمة بين مدينتي دمشق وحلب الرئيسيتين. واعتبر الاستيلاء على المطار، إلى جانب المدينة، فاتحاً طريقاً مباشراً نحو حمص، وهي مدينة حيوية أخرى، وربما حتى إلى العاصمة دمشق، مما يشير إلى تحول كبير في ميزان القوى ومسار الصراع. كان المطار نفسه “قاعدة عسكرية رئيسية” استخدمها النظام السوري على نطاق واسع لإطلاق العمليات العسكرية والقصف الجوي.
في مناورة إستراتيجية سابقة للسيطرة الكاملة على المطار، يُذكر أن النظام السوري قام بإجلاء معظم طائراته العاملة من مطار حماة العسكري إلى قواعد أخرى أكثر أمناً. يشير هذا إلى انسحاب استراتيجي محسوب يهدف إلى الحفاظ على الأصول الجوية القيمة بدلاً من المخاطرة بتدميرها أو الاستيلاء عليها، مما يوحي بدرجة من البصيرة على الرغم من الخسارة الوشيكة للقاعدة. بعد سقوط حماة، أصدرت الحكومة السورية بياناً يؤكد أن وحداتها العسكرية “أعيد نشرها وإعادة تموضعها” خارج المدينة. وقد تم تأطير هذه الخطوة كإجراء “للحفاظ على حياة المدنيين” بعد أن تمكنت قوات المعارضة من “اختراق عدة أجزاء من المدينة” ، مما يعترف ضمنياً بفقدان السيطرة.
في تطور ملحوظ في مارس 2025، أفادت التقارير بأن اللواء عبد الوهاب عثمان، الذي شغل منصب قائد عمليات مطار حماة العسكري في نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، قد تم القبض عليه من قبل السلطات السورية. يشير هذا الحدث إلى مساءلة داخلية أو عملية إعادة هيكلة داخل جهاز الجيش التابع للنظام السابق بعد هذه الخسارة الاستراتيجية الكبيرة. علاوة على ذلك، استمرت الغارات الجوية الإسرائيلية في استهداف المطار حتى بعد سيطرة قوات المعارضة عليه، بهدف معلن هو ضمان عدم إمكانية استخدامه مرة أخرى. هذا يسلط الضوء على الاهتمام الخارجي المستمر بتحييد الفائدة العسكرية للمطار، بغض النظر عن الفصيل الذي يسيطر عليه.
إن الاستيلاء على مطار حماة العسكري، بالتزامن مع مدينة حماة، يُوصف صراحةً في مصادر متعددة بأنه “حاسم إستراتيجياً” و”لحظة حاسمة في الصراع السوري”. هذا ليس مجرد انتصار عسكري محلي؛ بل له تداعيات عميقة ومباشرة على جغرافيا وديناميكيات الصراع بأكمله. حقيقة أن هذا الاستيلاء “يفتح الطريق إلى حمص، وهي مدينة حيوية أخرى، وربما إلى العاصمة دمشق” تؤسس رابطاً سببياً واضحاً بالهجمات المستقبلية المحتملة. هذا يشير إلى تحول أساسي وربما لا رجعة فيه في المشهد الإستراتيجي، حيث تم اختراق الحزام الدفاعي المركزي للنظام. يشير التقدم السريع لقوات المعارضة والضعف الموثق “الكبير في الدفاعات الموالية للحكومة” إلى تأثير الدومينو، حيث يمكن أن يؤدي سقوط حماة ومطارها إلى انهيارات أخرى على طول خطوط الإمداد الحيوية والمراكز الحضرية.
علاوة على ذلك، فإن سيطرة تحالف من القوات، وتحديداً “قوات هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام” و”حكومة الإنقاذ السورية والفصائل المعارضة المدعومة من تركيا التابعة للحكومة السورية المؤقتة” ، تشير إلى ديناميكية قوة معقدة وربما متقلبة بعد سقوط النظام. هذا ليس مجرد نقل بسيط للسلطة، بل هو استيلاء متعدد الفصائل، والذي يحمل بطبيعته مخاطر النزاعات الداخلية أو تحول الولاءات. الأهم من ذلك، أن الغارات الجوية الإسـ.ـرائيلية المستمرة على المطار
بعد الاستيلاء عليه ، بهدف معلن هو “ضمان عدم إمكانية استخدامه مرة أخرى” ، يعني أن الأطراف الخارجية لا تزال تستثمر بقوة في منع أي استخدام عسكري للقاعدة، بغض النظر عمن يسيطر عليها. هذا يشير إلى أنه حتى مع رحيل النظام، تظل الفائدة الاستراتيجية للمنطقة خاضعة للمصالح الجيوسياسية الخارجية، مما قد يؤدي إلى فراغ سلطة مستمر أو مرحلة جديدة تستمر فيها القوى الخارجية في تشكيل الفائدة الإستراتيجية للمنطقة من خلال العمل العسكري. يشير اعتقال القائد السابق أيضاً إلى ديناميكيات داخلية وتطهيرات محتملة داخل بقايا النظام المهزوم.
8. الخاتمة: مستقبل مطار حماة العسكري
لطالما كان مطار حماة العسكري بمثابة حجر الزاوية في قدرات النظام السوري على إبراز القوة العسكرية والقدرات اللوجستية في وسط سوريا طوال الحرب الأهلية. وقد جعلته موقعه الإستراتيجي، ومرافقه الواسعة، ودوره المحوري كمنصة إطلاق للعمليات الجوية لا غنى عنه للسيطرة على خطوط الإمداد الرئيسية واستهداف معاقل المعارضة. ومع ذلك، فإن هذه المركزية نفسها جعلته هدفاً رئيسياً لمختلف الخصوم، مما أدى إلى تعرضه للعديد من الهجمات والحوادث الداخلية والغارات الجوية الخارجية من قبل جهات متعددة.
يمثل الاستيلاء الأخير على المطار من قبل قوات المعارضة في ديسمبر 2024 تحولاً هائلاً وربما لا رجعة فيه في الصراع السوري. لم يحرم هذا الحدث الحكومة السورية السابقة من أصل جوي حيوي فحسب، بل غير أيضاً بشكل كبير التوازن الإستراتيجي للقوى، وفتح جبهات جديدة وربما أدى إلى تسريع انهيار معاقل النظام المتبقية. يشير النقل الإستراتيجي المزعوم للطائرات العاملة من قبل النظام قبل سقوط المطار إلى انسحاب محسوب يهدف إلى الحفاظ على الأصول القيمة بدلاً من هزيمة كاملة لقدراته الجوية، لكن الخسارة المادية للقاعدة نفسها لا يمكن إنكارها ولها تأثير عميق.
يظل مستقبل مطار حماة العسكري غير مؤكد إلى حد كبير وسيعتمد بشكل عميق على الديناميكيات المتطورة للصراع السوري، واستقرار الفصائل المسيطرة الجديدة، والتأثير المستمر للمصالح الجيوسياسية الإقليمية. يواجه مطار حماة العسكري مفارقة حيث تتآكل قيمته الاستراتيجية المتأصلة بشكل متزايد بسبب عدم جدواه التشغيلية نتيجة للهجمات المستمرة والمدمرة. هذا يشير إلى أنه بينما يظل موقعه الجغرافي حاسماً، فإن الأضرار الجسيمة التي لحقت ببنيته التحتية، لا سيما من الغارات الإسـ.ـرائيلية، قد تجعله غير صالح للاستخدام للعمليات الجوية العسكرية الهامة من قبل أي طرف مسيطر في المستقبل المنظور. هذا يحيد فعلياً أصلاً رئيسياً، بغض النظر عمن يسيطر عليه، وبالتالي يغير الحسابات الإستراتيجية لجميع الأطراف المعنية وربما يحول تركيز إبراز القوة الجوية إلى قواعد أخرى أقل تضرراً.
إن مسار مطار حماة العسكري بأكمله – من كونه معقلاً للنظام وموقعاً لقمع الدولة ، إلى هدف ثابت لمختلف جماعات المعارضة الداخلية ، إلى تعرضه لإجراءات عسكرية مباشرة من قبل قوى خارجية متعددة (روسيا، تركيا، إسـ.ـرائيل) ، وأخيراً إلى سيطرة معارضة متعددة الفصائل عليه – يعكس الطبيعة الأوسع والمعقدة والمجزأة بعمق للحرب السورية. هذا لا يتعلق بمطار واحد فقط؛ بل هو صورة مصغرة للأزمة السورية بأكملها. إن مشاركة مجموعة متنوعة من الأطراف الداخلية والخارجية في مصيره يوضح الطبيعة المتشابكة والمتعددة الطبقات للصراع. ويعكس مستقبله غير المؤكد، الذي من المرجح أن يتسم باستمرار التأثير الخارجي والصراعات الداخلية على فائدته أو إعادة إعماره، المستقبل غير المؤكد والمجزأ لسوريا نفسها.