الرأي العام

هل تقوم سوريا بتطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد انتصار الثورة؟

  • النقاط الرئيسية:
    • تجري سوريا وإسرائيل محادثات مباشرة في مراحل متقدمة لإنهاء العداء، مع التركيز على الترتيبات الأمنية، ولكن لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام شامل بعد.
    • يواجه التطبيع تحديات كبيرة بسبب الخلاف حول هضبة الجولان، والقضية الفلسطينية، والمعارضة الداخلية في كلا البلدين.
    • تطالب سوريا بوقف الهجمات الإسرائيلية وسحب القوات من المناطق المحتلة، بينما تطالب إسرائيل بإبعاد القوات السورية عن الجنوب ومنع وجود إيران وحزب الله.
    • تشير التقارير إلى أن الولايات المتحدة تلعب دورًا وسيطًا، مع رفع العقوبات عن سوريا وتشجيع التطبيع.
    • التطبيع قد يكون جزءًا من إعادة توجيه إقليمي أوسع، لكنه يعتمد على حل القضايا الإقليمية، خاصة القضية الفلسطينية.

نظرة عامة
بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، ظهرت فرصة جديدة لإعادة تقييم العلاقات بين سوريا وإسرائيل. تجري محادثات مباشرة بوساطة الإمارات العربية المتحدة، وتدعمها الولايات المتحدة، لاستكشاف إمكانية التطبيع. ومع ذلك، فإن التاريخ الطويل من العداء، خاصة حول هضبة الجولان، والقضايا الإقليمية المعقدة مثل الصراع الفلسطيني، تجعل التطبيع مسألة حساسة ومعقدة. يبدو أن اتفاق عدم اعتداء أو ترتيبات أمنية محدودة هو النتيجة الأكثر ترجيحًا في الوقت الحالي، بدلاً من معاهدة سلام شاملة.

لماذا هذا مهم؟
يمكن أن يؤدي التطبيع إلى تقليل التوترات في المنطقة، وتعزيز الاستقرار، وفتح آفاق للتعاون الاقتصادي. ومع ذلك، فإن المعارضة الشعبية في سوريا، والموقف الإسرائيلي الثابت بشأن الجولان، والضغوط الإقليمية من دول مثل تركيا وإيران، قد تعيق التقدم. يعتمد نجاح هذه المحادثات على قدرة الطرفين على التوصل إلى حلول وسط مقبولة.

ما الذي يجب مراقبته؟
يجب متابعة موقف الحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع، ومدى استعداد إسرائيل لتقديم تنازلات بشأن الجولان أو المناطق المحتلة حديثًا. كما أن دور الولايات المتحدة والإمارات في الوساطة، والتطورات في القضية الفلسطينية، ستكون عوامل حاسمة في تحديد مسار التطبيع.

مقدمة

تشهد منطقة الشرق الأوسط تحولات جيوسياسية عميقة، ومن أبرزها سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024 وصعود حكومة جديدة في سوريا بقيادة أحمد الشرع. هذا التغيير أثار تساؤلات حول إمكانية تطبيع العلاقات بين سوريا وإسرائيل، وهي علاقة ظلت لعقود طويلة مشحونة بالعداء والصراعات. تجري الآن محادثات مباشرة بين البلدين، بوساطة الإمارات العربية المتحدة ودعم من الولايات المتحدة، مما يشير إلى إمكانية تغيير تاريخي في العلاقات. ومع ذلك، فإن التحديات التاريخية، مثل قضية هضبة الجولان، والقضايا الإقليمية المعقدة، مثل الصراع الفلسطيني، تجعل التطبيع مسألة حساسة ومعقدة. في هذه المقالة، سنقدم تحليلًا إستراتيجيًا شاملاً لإمكانية التطبيع، مع التركيز على السياق التاريخي، التطورات الحالية، التحديات، والنتائج المحتملة.

السياق التاريخي

لقد شكلت العلاقات بين سوريا وإسرائيل سلسلة من الصراعات والتوترات منذ إنشاء دولة إسرائيل عام 1948. فيما يلي أهم الأحداث التي حددت مسار هذه العلاقة:

  • حرب 1948 (حرب الاستقلال/النكبة): شاركت سوريا، إلى جانب دول عربية أخرى، في الحرب ضد إسرائيل بعد إعلان قيامها. انتهت الحرب بسيطرة إسرائيل على أراضٍ تجاوزت حدود خطة التقسيم التي أقرتها الأمم المتحدة، مما زاد من التوترات مع سوريا.
  • حرب 1967 (النكسة): خلال حرب الأيام الستة، استولت إسرائيل على هضبة الجولان السورية، وهي منطقة استراتيجية تطل على شمال إسرائيل. أصبحت هذه الهضبة نقطة خلاف رئيسية بين البلدين.
  • حرب 1973 (يوم الغفران): حاولت سوريا، بالتعاون مع مصر، استعادة الأراضي المحتلة، بما في ذلك الجولان. على الرغم من النجاحات الأولية، فشلت سوريا في استعادة الجولان، مما أدى إلى توقيع اتفاق فك الارتباط عام 1974، الذي أنشأ منطقة عازلة بين البلدين تحت إشراف الأمم المتحدة.
  • ضم الجولان عام 1981: أعلنت إسرائيل ضم الجولان رسميًا، وهو قرار اعتبرته الأمم المتحدة غير قانوني ولم يحظَ بالاعتراف الدولي، باستثناء الولايات المتحدة التي اعترفت بسيادة إسرائيل على الجولان عام 2019.
  • عقود من العداء: ظلت سوريا تطالب باستعادة الجولان كشرط أساسي لأي اتفاق سلام، بينما أصرت إسرائيل على الاحتفاظ بها لأسباب أمنية واستراتيجية. كما دعمت سوريا، في ظل نظام الأسد، جماعات مثل حزب الله، مما زاد من التوترات مع إسرائيل.

سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، وصعود حكومة جديدة بقيادة أحمد الشرعة، فتح الباب أمام إعادة تقييم هذه العلاقة، ولكن التحديات التاريخية لا تزال تشكل عقبة كبيرة.

التطورات الحالية

تشهد العلاقات بين سوريا وإسرائيل تطورات غير مسبوقة في الأشهر الأخيرة، مما يعكس تغيرات كبيرة في الديناميكيات الإقليمية:

  • محادثات مباشرة: وفقًا لتقارير إعلامية إسرائيلية، تجري سوريا وإسرائيل محادثات مباشرة بوساطة الإمارات العربية المتحدة، بهدف استكشاف إمكانية توقيع اتفاق تطبيع. وصفت هذه المحادثات بأنها في “مراحل متقدمة”، مع تركيز على الترتيبات الأمنية بدلاً من معاهدة سلام شاملة. المصدر: الجزيرة
  • دور الولايات المتحدة: لعبت الولايات المتحدة دورًا محوريًا في هذه المحادثات. في مايو 2025، التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض، مشجعًا على التطبيع. كما رفع ترامب العقوبات عن سوريا كبادرة حسن نية، مما يعزز دور الولايات المتحدة كوسيط رئيسي. المصدر: وول ستريت جورنال
  • الإجراءات الإسرائيلية: في ديسمبر 2024، صوت البرلمان الإسرائيلي على خطة لتوسيع المستوطنات في هضبة الجولان المحتلة، التي تضم أكثر من 31,000 مستوطن، وهو إجراء يعتبر غير قانوني بموجب القانون الدولي. كما سيطرت إسرائيل على منطقة عازلة في جنوب سوريا بعد انهيار نظام الأسد، مما أثار انتقادات دولية. المصدر: الجزيرة
  • الموقف السوري: أعربت الحكومة السورية الجديدة عن انفتاحها على السلام، مؤكدة التزامها باتفاق فك الارتباط لعام 1974. ومع ذلك، أكدت سوريا أنها لن تتخلى عن الجولان، وأن أي تطبيع يجب أن يكون جزءًا من مبادرة السلام العربية لعام 2002، التي تشترط انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. المصدر: رويترز
  • تصريحات القادة: أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في ديسمبر 2024 أن اتفاق فك الارتباط لعام 1974 أصبح لاغيًا، بينما تعهد الشرع بالالتزام به. كما أشار الشرعة إلى عدم وجود صراع مباشر مع إسرائيل، مما يعكس رغبة الحكومة الجديدة في تقديم صورة معتدلة. المصدر: معهد الولايات المتحدة للسلام

تحليل إمكانيات التطبيع

إن إمكانية تطبيع العلاقات بين سوريا وإسرائيل تعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك المصالح المشتركة، الشروط المتبادلة، والديناميكيات الإقليمية:

  • المصالح المشتركة: تسعى إسرائيل إلى تأمين حدودها الشمالية، خاصة بعد تراجع التهديد الإيراني وحزب الله في سوريا عقب سقوط الأسد. من جانبها، تسعى الحكومة السورية الجديدة إلى استقرار اقتصادي ودمج سوريا في المجتمع الدولي، مما يجعل التطبيع خيارًا جذابًا لكلا الطرفين.
  • شروط التطبيع:
    • مطالب إسرائيل: تشمل نزع السلاح في جنوب سوريا، منع وجود القوات الإيرانية أو حزب الله، عدم إقامة قواعد عسكرية تركية، وحماية الطائفة الدرزية السورية. المصدر: تايمز أوف إسرائيل
    • مطالب سوريا: تشمل وقف الهجمات الإسرائيلية، الاعتراف بالنظام الجديد، انسحاب القوات الإسرائيلية من المنطقة العازلة في جنوب سوريا، ومعالجة قضية الجولان ضمن إطار مبادرة السلام العربية.
  • هضبة الجولان: يبقى الجولان العقبة الأكبر. أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي جدعون ساعر أن الجولان سيظل جزءًا من إسرائيل في أي اتفاق، بينما أكدت سوريا أنها لن تتخلى عنه. ومع ذلك، تشير تقارير إلى أن سوريا لم تطالب باستعادته فورًا في المحادثات الحالية، مما قد يفتح الباب لتسوية مؤقتة. المصدر: تايمز أوف إسرائيل
  • الديناميكيات الإقليمية: قد يكون التطبيع جزءًا من إعادة توجيه إقليمي أوسع، خاصة مع توسيع اتفاقيات إبراهيم التي وقّعتها دول مثل الإمارات والبحرين مع إسرائيل عام 2020. ومع ذلك، فإن ربط سوريا للتطبيع بمبادرة السلام العربية، التي تشترط إقامة دولة فلسطينية، يعقد المشهد.

جدول: مقارنة مطالب سوريا وإسرائيل في المحادثات

الطرفالمطالب الرئيسية
سوريا– وقف الهجمات الإسرائيلية
– الاعتراف بالنظام الجديد
– انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب سوريا
– معالجة قضية الجولان ضمن مبادرة السلام العربية
إسرائيل– نزع السلاح في جنوب سوريا
– منع وجود إيران وحزب الله
– عدم إقامة قواعد تركية
– حماية الطائفة الدرزية السورية

التحديات والعقبات

تواجه عملية التطبيع عدة تحديات كبيرة:

  • المعارضة الداخلية:
    • في سوريا: يعارض العديد من السوريين أي اتفاق يُنظر إليه على أنه تنازل لإسرائيل، خاصة فيما يتعلق بالجولان. الحكومة الجديدة تواجه ضغوطًا سياسية داخلية للحفاظ على موقف صلب.
    • في إسرائيل: يعارض المتشددون أي تنازلات لسوريا، خاصة مع استمرار الصراع في غزة والتوترات الإقليمية.
  • القضية الفلسطينية: يربط الموقف السوري التطبيع بمبادرة السلام العربية لعام 2002، التي تشترط انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. استمرار الصراع في غزة وعدم التقدم نحو حل الدولتين يعقدان أي اتفاق. المصدر: رويترز
  • إيران وحزب الله: على الرغم من تراجع نفوذهما في سوريا بعد سقوط الأسد، إلا أن وجودهما في المنطقة لا يزال يشكل تهديدًا محتملاً ويعقد العلاقات.
  • دور تركيا: تدعم تركيا الحكومة السورية الجديدة، وهي نفسها لديها توترات مع إسرائيل. أي اتفاق يستبعد تركيا أو يحد من نفوذها قد يواجه مقاومة. المصدر: معهد الولايات المتحدة للسلام

النتائج المحتملة

إذا تم التوصل إلى اتفاق تطبيع، فقد يتخذ عدة أشكال:

  • اتفاق عدم اعتداء: اتفاق محدود يركز على التنسيق الأمني ووقف الأعمال العدائية، دون إقامة علاقات دبلوماسية كاملة. هذا الخيار يبدو الأكثر ترجيحًا في الوقت الحالي، كما اقترح المبعوث الأمريكي توم باراك. المصدر: الجزيرة
  • تطبيع جزئي: إقامة علاقات اقتصادية ودبلوماسية محدودة مع شروط معينة، مثل ترتيبات خاصة بشأن الجولان، مثل عقد إيجار طويل الأمد أو وضع خاص.
  • معاهدة سلام شاملة: على الرغم من أنها أقل احتمالًا في المدى القصير، إلا أن معاهدة سلام كاملة قد تكون ممكنة في المستقبل، تشمل تنازلات إقليمية وتطبيعًا دبلوماسيًا كاملاً.

جدول: السيناريوهات المحتملة للتطبيع

السيناريوالوصفالاحتماليةالتأثير الإقليمي
اتفاق عدم اعتداءترتيبات أمنية لوقف العداء دون علاقات دبلوماسية كاملةمرتفعةتقليل التوترات، استقرار حدودي
تطبيع جزئيعلاقات اقتصادية ودبلوماسية محدودة مع ترتيبات خاصة بشأن الجولانمتوسطةتعزيز التعاون الاقتصادي، تحديات سياسية
معاهدة سلام شاملةاتفاق سلام كامل مع تنازلات إقليمية وتطبيع دبلوماسيمنخفضةإعادة تشكيل الديناميكيات الإقليمية

الأسئلة الشائعة

  1. ما هو الوضع الحالي للعلاقات بين سوريا وإسرائيل؟
    تجري سوريا وإسرائيل محادثات مباشرة في مراحل متقدمة لإنهاء العداء، مع التركيز على التنسيق الأمني. لم يتم التوصل إلى خطط ملموسة لمعاهدة سلام شاملة بعد، لكن الإمكانية قيد الاستكشاف. المصدر: تايمز أوف إسرائيل
  2. ما هي العقبات الرئيسية أمام التطبيع؟
    تشمل العقبات قضية هضبة الجولان، والقضية الفلسطينية، والمعارضة الداخلية في كلا البلدين، والنفوذ الإقليمي لإيران وحزب الله وتركيا.
  3. ماذا تريد سوريا من إسرائيل؟
    تطالب سوريا بوقف الهجمات الإسرائيلية، والاعتراف بالنظام الجديد، وانسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب سوريا، ومعالجة قضية الجولان ضمن إطار مبادرة السلام العربية.
  4. ماذا تريد إسرائيل من سوريا؟
    تطالب إسرائيل بنزع السلاح في جنوب سوريا، ومنع وجود إيران وحزب الله، وعدم إقامة قواعد تركية، وحماية الطائفة الدرزية السورية.
  5. كيف يؤثر سقوط الأسد على آفاق التطبيع؟
    أزال سقوط الأسد عقبة كبيرة، حيث تبدو الحكومة الجديدة أكثر انفتاحًا على التعامل مع إسرائيل. ومع ذلك، فإن عدم الاستقرار والنوايا غير المؤكدة للنظام الجديد تضيفان تعقيدات.
  6. هل التطبيع جزء من اتجاه إقليمي أوسع؟
    نعم، يمكن اعتباره امتدادًا لاتفاقيات إبراهيم، لكن ربط سوريا للتطبيع بالقضية الفلسطينية يميزه عن الاتفاقيات الأخرى.
  7. ما هو دور الولايات المتحدة في هذه المحادثات؟
    تتولى الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس ترامب، دور الوسيط الرئيسي، مع رفع العقوبات عن سوريا وتشجيع المحادثات.
  8. هل يمكن أن يؤدي التطبيع إلى حل نزاع الجولان؟
    من غير المرجح في المدى القصير، حيث تتمسك إسرائيل بالجولان، لكن ترتيبات مؤقتة مثل عقد إيجار أو وضع خاص قد تكون ممكنة.
  9. ما هو تأثير التطبيع على الاقتصاد السوري؟
    قد يؤدي التطبيع إلى رفع العقوبات وجذب استثمارات دولية، مما يساعد على إعادة إعمار سوريا، لكنه قد يواجه مقاومة شعبية تعيق التنفيذ.
  10. كيف يمكن أن يؤثر التطبيع على القضية الفلسطينية؟
    ربط سوريا للتطبيع بمبادرة السلام العربية يعني أن أي تقدم قد يتطلب خطوات ملموسة نحو حل الدولتين، وهو ما يبدو صعبًا في ظل الصراع المستمر في غزة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى