تراث حماة اللامادي: رحلة عبر النكهات والتقاليد والحرف

تُعد مدينة حماة، الواقعة في قلب سوريا على ضفاف نهر العاصي، واحدة من أكثر المدن السورية تميزًا بتراثها الثقافي الغني. يتجلى هذا التراث في الأطباق التقليدية، والاحتفالات الشعبية، والحرف اليدوية، والروايات الشفوية، والأزياء التقليدية التي تعكس تاريخ المدينة العريق وهويتها الثقافية. في هذا المقال، نأخذكم في جولة شاملة لاستكشاف التراث اللامادي لحماة، مع التركيز على الأطباق التقليدية مثل حلاوة الجبن والباطرش والسختورة، والاحتفالات مثل ليلة النصف من شعبان، وحياكة البسط، وحكواتي حماة، وحرفة النحاس، والأزياء الشعبية.
النقاط الرئيسية
- الأطباق التقليدية: تشتهر حماة بأطباقها الفريدة مثل حلاوة الجبن، والباطرش، والسختورة، والشاكرية، والكبة، وشيخ المحشي، التي تعكس تنوع المطبخ السوري وتاريخه.
- الاحتفالات: ليلة النصف من شعبان هي مناسبة مميزة في حماة، حيث يتم تبادل حلويات مثل حلاوة المحيا والبشمينة والمعمول، مما يعزز الروابط الاجتماعية.
- حياكة البسط: تشتهر حماة بحرفة نسيج البسط والمنسوجات القطنية، التي تُظهر مهارة الحرفيين المحليين.
- حكواتي حماة: تقليد الحكواتي يحافظ على التراث الشفوي من خلال رواية القصص التي تنقل التاريخ والقيم الثقافية.
- حرفة النحاس: سوق النحاسين في حماة مركز لصناعة الأواني والتحف النحاسية، مما يعكس إبداع الحرفيين.
- الأزياء الشعبية: الأزياء التقليدية في حماة تتميز بالتطريز الدقيق والأقمشة الفاخرة، خاصة في جهاز العروس.
الأطباق التقليدية: نكهات حماة الأصيلة
تُعد الأطباق التقليدية في حماة جزءًا لا يتجزأ من هويتها الثقافية. تشمل هذه الأطباق حلاوة الجبن، والباطرش، والسختورة، والشاكرية، والكبة، وشيخ المحشي، وكلها تعكس تنوع المكونات والتقنيات الطهوية التي تميز المطبخ الحموي.
الاحتفالات: ليلة النصف من شعبان
تُعتبر ليلة النصف من شعبان من أبرز المناسبات في حماة، حيث تجتمع العائلات لتبادل الحلويات التقليدية مثل حلاوة المحيا والبشمينة والمعمول. هذه المناسبة تعزز الروابط الاجتماعية وتحافظ على التقاليد الثقافية.
حياكة البسط: فن النسيج التقليدي
تُعد حياكة البسط والمنسوجات القطنية من الحرف التقليدية في حماة، حيث يبرع الحرفيون في إنتاج منسوجات متينة بتصاميم هندسية وألوان زاهية.
حكواتي حماة: الحافظون على التراث الشفوي
يُعتبر الحكواتي رمزًا ثقافيًا في حماة، حيث يروي القصص التي تنقل التاريخ والقيم الاجتماعية، مما يساهم في الحفاظ على التراث الشفوي.
حرفة النحاس: إبداع في سوق النحاسين
سوق النحاسين في حماة هو مركز لصناعة الأواني والتحف النحاسية، حيث يستخدم الحرفيون تقنيات مثل الطرق والنقش لإنتاج قطع فنية.
الأزياء الشعبية: تعبير عن الهوية
تتميز الأزياء التقليدية في حماة بالتطريز الدقيق والأقمشة الفاخرة، خاصة في الأزياء النسائية وجهاز العروس، بينما تتسم أزياء الرجال بالبساطة والعملية.
مقدمة
تُعد مدينة حماة، الواقعة على ضفاف نهر العاصي في قلب سوريا، واحدة من المدن التي تحمل تراثًا ثقافيًا غنيًا يتجلى في جوانبها اللامادية. من الأطباق التقليدية التي تُبهر الحواس إلى الاحتفالات التي تعزز الروابط الاجتماعية، ومن الحرف اليدوية التي تعكس مهارة الحرفيين إلى الأزياء التقليدية التي تحكي قصص التاريخ، تقدم حماة تجربة ثقافية فريدة. في هذا المقال، نستعرض بالتفصيل التراث اللامادي لحماة، مع التركيز على الأطباق التقليدية، والاحتفالات، وحياكة البسط، وحكواتي حماة، وحرفة النحاس، والأزياء الشعبية.
الأطباق التقليدية: نكهات حماة الأصيلة
تُعتبر الأطباق التقليدية في حماة رمزًا للتنوع الثقافي والتاريخي للمدينة. تجمع هذه الأطباق بين المكونات المحلية والتقنيات التقليدية، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من الهوية الحموية. فيما يلي نظرة تفصيلية على الأطباق المذكورة:
حلاوة الجبن
حلاوة الجبن، التي تعني “حلاوة الجبن” بالعربية، هي حلوى تقليدية نشأت في حماة منذ حوالي 160 عامًا. تُصنع من عجينة مكونة من الجبن (غالبًا جبن العكاوي أو المجدولة، وأحيانًا الموزاريلا) والسميد، وتُحشى بالقشطة، ثم تُزين بالفستق الحلبي وتُسكب عليها شراب السكر المعطر بماء الورد أو ماء الزهر. تتميز هذه الحلوى بقوامها المطاطي ونكهتها الحلوة، مما يجعلها مفضلة في المناسبات الخاصة مثل رمضان وعيد الفطر. تُشير بعض المصادر إلى أن عائلة الصالورة في حماة ساهمت في شهرتها في القرن التاسع عشر، حيث أصبحت رمزًا للضيافة السورية.
الباطرش
الباطرش، أو الباترش كما يُعرف أحيانًا، هو طبق مميز من حماة يتكون من المتبل (مزيج من الباذنجان المشوي، الزبادي، الثوم، والطحينة) مغطى بصلصة البولونيز السورية المصنوعة من اللحم المفروم، الطماطم، والصنوبر. يُقدم هذا الطبق كطبق رئيسي في حماة، بينما يُعتبر في دمشق طبقًا جانبيًا (مازة). يتميز الباطرش بنكهته المدخنة التي تأتي من شوي الباذنجان على النار المباشرة، مما يضفي عليه طابعًا فريدًا.
السختورة
السختورة هي أكلة شعبية تقليدية في حماة، وتُعرف في حلب باسم “أبوات”. تُصنع من أمعاء الغنم المحشوة بالأرز واللحم المفروم مع إضافة التوابل مثل الفلفل الخشن والزعفران. تتطلب تحضيرها وقتًا طويلاً، حيث يتم تنظيف الأمعاء بعناية باستخدام الماء المغلي، الملح، والخل، ثم تُحشى وتُخاط بالإبرة والخيط قبل طهيها. غالبًا ما تُقدم مع صلصة الزبادي المعروفة باسم “الفتة”، وهي طبق يُقدم في المناسبات الخاصة والعزائم.
الشاكرية
الشاكرية هي حساء تقليدي سوري يتميز بقوامه الكريمي ونكهته الحامضة الخفيفة. تُصنع من اللحم (الضأن، البقر، أو الدجاج) المطبوخ في صلصة الزبادي مع الثوم والتوابل. تُعتبر الشاكرية طبقًا مريحًا يُقدم غالبًا مع الأرز المزين بالمكسرات المحمصة. اسمها مشتق من كلمة “شكر”، مما يعكس قيمتها كطبق فاخر يُقدم في المناسبات الخاصة مثل رمضان والعيد.
الكبة
الكبة هي الطبق الوطني لسوريا، وفي حماة تُفضل بشكل خاص في صورتها النيئة المعروفة باسم “الكبة النية”. تُصنع الكبة من اللحم المفروم الناعم، البرغل، ومزيج من التوابل، وتُقدم مع الخبز العربي أو اللبنة. تُعتبر الكبة رمزًا للضيافة السورية وتُقدم في المناسبات الاجتماعية.
شيخ المحشي
شيخ المحشي، أو “شيخ المحاشي”، هو طبق فاخر يُعرف باسم “ملك المحاشي” بسبب مكوناته الغنية وتحضيره المعقد. يتكون من الكوسا أو الباذنجان المحشو باللحم المفروم والمكسرات، ويُطهى في صلصة الزبادي أو الطماطم. يُعتبر هذا الطبق رمزًا للكرم والضيافة في حماة، ويُقدم غالبًا للضيوف في المناسبات الخاصة.
الطبق | المكونات الرئيسية | طريقة التحضير | المناسبات المفضلة |
---|---|---|---|
حلاوة الجبن | جبن، سميد، قشطة، فستق، شراب السكر | عجينة مطاطية محشوة بالقشطة | في كل مناسبة |
الباطرش | باذنجان، زبادي، طحينة، لحم مفروم | متبل مغطى بصلصة البولونيز | العشاء، التجمعات |
السختورة | أمعاء غنم، أرز، لحم، توابل | حشو وطهي مع صلصة الفتة | العزائم |
الشاكرية | لحم، زبادي، ثوم، توابل | حساء كريمي مع الأرز | عيد الفطر والأضحى |
الكبة | لحم، برغل، توابل | نيئة أو مقلية | المناسبات العائلية |
شيخ المحشي | كوسا/باذنجان، لحم، مكسرات | محشو ومطهو في صلصة الزبادي/الطماطم | المناسبات الخاصة |
الاحتفالات: ليلة النصف من شعبان
تُعد ليلة النصف من شعبان من أبرز المناسبات الثقافية والدينية في حماة. تُعرف هذه الليلة بتبادل الحلويات التقليدية مثل حلاوة المحيا والبشمينة والمعمول، مما يعزز أواصر المحبة بين الأهل والجيران. تُعتبر هذه المناسبة فرصة للعبادة والاحتفال، حيث يجتمع الناس للصلاة وتبادل الهدايا.
حلاوة المحيا
حلاوة المحيا هي حلوى موسمية تُصنع خصيصًا في حماة خلال شهر شعبان، تتكون من السميد، السكر، السمن البلدي، وماء الورد، وتُشكل على هيئة معينات هندسية بألوان الأحمر والأصفر. في الآونة الأخيرة، أُدخلت أصناف جديدة مثل البشمينة والغريبة، حيث يُستبدل السميد بالطحين. تُعتبر هذه الحلوى رمزًا للكرم والمشاركة الاجتماعية.
البشمينة
البشمينة هي نوع من الحلويات التقليدية التي تُعد في حماة خلال ليلة النصف من شعبان. على الرغم من ندرة المعلومات المحددة عنها، يُعتقد أنها تشبه حلاوة المحيا ولكنها تُصنع باستخدام الطحين بدلاً من السميد، مما يمنحها قوامًا مختلفًا.
المعمول
المعمول هو حلوى تقليدية معروفة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ويُعد في حماة كجزء من احتفالات ليلة النصف من شعبان. يتكون من عجينة السميد المحشوة بالتمر، الجوز، أو الفستق، ويُزين بالسكر البودرة. يُعتبر المعمول رمزًا للأعياد والمناسبات الخاصة.
الحلوى | المكونات الرئيسية | طريقة التحضير | المناسبة |
---|---|---|---|
حلاوة المحيا | سميد، سكر، سمن، ماء الورد | معينات ملونة | ليلة النصف من شعبان |
البشمينة | طحين، سكر، سمن، ماء الورد | مشابهة لحلاوة المحيا | ليلة النصف من شعبان |
المعمول | سميد، تمر/جوز/فستق، سكر بودرة | محشو ومشكل على شكل كرات | الأعياد، المناسبات |
حياكة البسط: فن النسيج التقليدي
تُعد حياكة البسط والمنسوجات القطنية من الحرف التقليدية التي تشتهر بها حماة. تمتلك حماة ورش عمل عائلية متخصصة في نسيج المناشف القطنية والمنسوجات منذ عام 1853. تُستخدم تقنيات تقليدية مثل النول اليدوي لإنتاج منسوجات متينة بتصاميم هندسية وألوان زاهية تعكس التراث المحلي.
حكواتي حماة: الحافظون على التراث الشفوي
يُعتبر الحكواتي، أو الراوي، جزءًا أساسيًا من التراث الثقافي السوري. كان الحكواتي يروي القصص الملحمية في المقاهي، مرتديًا زيًا تقليديًا ويستخدم السيف والكتاب لإضفاء الحيوية على رواياته. في حماة، يُحافظ الحكواتي على التراث الشفوي من خلال رواية قصص الأبطال مثل عنتر بن شداد، مما يساهم في نقل القيم الاجتماعية والتاريخية.
حرفة النحاس: إبداع في سوق النحاسين
سوق النحاسين في حماة هو مركز لصناعة الأواني والتحف النحاسية. تُظهر الاكتشافات الأثرية أن السوريين كانوا من أوائل الشعوب التي استخدمت النحاس. يستخدم الحرفيون في حماة تقنيات مثل الطرق والنقش لإنتاج قطع فنية تتراوح بين الأواني المنزلية والتحف الزخرفية.
الأزياء الشعبية: تعبير عن الهوية
تتميز الأزياء التقليدية في حماة بالتطريز الدقيق والأقمشة الفاخرة. تُعد الأزياء النسائية، خاصة جهاز العروس، رمزًا للتراث، حيث تُصنع من الحرير الخام وتُزين بتطريزات معقدة. أما أزياء الرجال فتشمل الثوب أو الدشداشة مع غطاء الرأس التقليدي مثل الكوفية أو العقال.
الخاتمة
يُشكل التراث اللامادي لحماة نسيجًا غنيًا يعكس تاريخ المدينة وثقافتها العريقة. من الأطباق التقليدية التي تُبهر الحواس إلى الاحتفالات التي تجمع العائلات، والحرف اليدوية التي تُظهر مهارة الحرفيين، والأزياء التي تحكي قصص الأجداد، تظل حماة رمزًا للتراث السوري الأصيل. من خلال الحفاظ على هذه التقاليد، تستمر حماة في إثراء هويتها الثقافية ونقلها إلى الأجيال القادمة.