سيرة ذاتية

حمورابي: الملك البابلي وصاحب أول دستور في التاريخ

مقدمة

يعد الملك حمورابي من أبرز الشخصيات التاريخية في العصر البابلي القديم، حيث عاش بين عامي 1792 و1750 قبل الميلاد. يقع عهده في فترة تصاعدت فيها العوامل السياسية والاقتصادية في منطقة بلاد الرافدين، مما ساعد على بناء واحدة من أولى الحضارات البشرية. كان حكمه جزءاً من السلالة الأولى لبابل وساهم في إعادة توحيد مناطق متفرقة من العراق فيما يُعرف اليوم.

اشتهر حمورابي بإنجازاته الإدارية والقانونية، حيث تعد شريعته، المتمثلة في قانون حـمورابي، واحدة من أولى القوانين المكتوبة في التاريخ. تمثّل هذه القوانين مقاربة متقدمة لتنظيم المجتمع والتعامل مع القضايا القانونية، مما يمنحنا رؤى ثاقبة حول الحياة الاجتماعية والاقتصادية في عصره. لم يكن القانون مجرد مجموعة من القواعد، بل كان يتضمن تحمل المسؤولية والعدالة للجميع بغض النظر عن مكانتهم الاجتماعية.

تحت قيادته، شهدت بابل نمواً كبيراً في مجالات مختلفة، من الزراعة إلى التجارة. انطلق الملك حمـورابي في تنفيذ مشروعات ضخمة تعزز من البنية التحتية للمدينة، بما في ذلك القنوات والشوارع. كما سعى إلى إرساء علاقات دبلوماسية مع الدول المجاورة، مما ساعد بابل على أن تصبح مركزاً مهماً للثقافة والتجارة.

يمكن القول إن عصر الملك حمـورابي كان بمثابة نقطة تحول في تاريخ بابل. إن تأثيره على القوانين ووسائل الحكم لم يكن فقط محصوراً في عصره، بل أصبح نموذجاً يحتذى به في العصور اللاحقة، مؤسساً بذلك أرضية قوية للنظم القانونية التي تلت. لذا، يعتبر حمورابي رمزاً تاريخياً لا يُنسى، وشخصية محورية تشبعت بها صفحات التاريخ منذ العصور الغابرة.

حياة حمورابي المبكرة

وُلد حمـورابي في فترة لا تزال غامضة التفاصيل حول بداية حياته، إلا أن المصادر التاريخية تشير إلى أنه وُلِد حوالي عام 1810 قبل الميلاد. كان ينتمي إلى سلالة الأموريين، التي تولت السلطة في بابل، حيث كانت المدينة مركزًا تجاريًا وسياسيًا رئيسيًا في تلك الحقبة. ورث حمورابي العرش في وقت كانت تتعرض فيه بابل لتحديات جمة، أبرزها النزاعات الإقليمية والصراعات السياسية مع المدن المجاورة.

نشأ حمورابي في بيئة تتسم بالتنافس بين القوى المختلفة، مما ساهم في تشكيل شخصيته القيادية. خلال شبابه، تلقى تعليماً جيدًا في الفنون العسكرية والإدارة، ما أعده لتولي المناصب القيادية لاحقًا. كما كان يشغل منصب الحاكم المساعد في بعض المناطق، مما منحه خبرة عملية في شؤون الحكم والجوانب العسكرية. وتدل هذه النشأة على أهمية القيم التي غُرست فيه، مثل العدالة والحكمة، اللتين كانتا جزءاً من إرثه السياسي لاحقًا.

قبل توليه العرش، أدرك حمورابي الأحداث الجارية في بابل، مثل الصراعات بين السومريين والأكاديين، والثورات التي كانت تعصف بالمدينة. استخدم هذه المعرفة ليكون مستعدًا لتحديات الحكم. كما تأثرت طفولته بالأساطير والقصص عن أجداده، مما زاد من طموحاته الشخصية. لم يكن حمورابي مجرد ملك عادي، بل كان شخصية متفردة تسعى لتحقيق الاستقرار والسلام في بابل.

عندما أصبح ملكًا، أراد تعزيز موقفه وترسيخ سلطته من خلال إظهار تفانيه في خدمة شعبه. وهذا ما أسفر عن إصداره لأحد أول وأشهر الدساتير في التاريخ، وهو قانون حمورابي، الذي يجسد فلسفة العدالة التي اعتنقها منذ طفولته. إن خلفيته الاجتماعية والسياسية تشكلت بعناية، لتجعله الحاكم الذي نعرفه اليوم.

إدارة حمورابي للمملكة

تحت قيادة الملك حمورابي، شهدت المملكة البابلية فترة من التنظيم الإداري والممارسات الاقتصادية المبتكرة. كان ملك بابل يُعتبر رمزًا للسلطة المركزية، حيث عمل على تعزيز قوة الدولة عبر مجموعة من التكتيكات التي تهدف إلى تعزيز استقرار الحكم وتوحيد الشعوب تحت رايته. كان من أهم خطواته إنشاء مجموعة من القوانين المعروفة بقوانين حمورابي، والتي لعبت دورًا محوريًا في تنظيم العلاقات الاجتماعية والتجارية بين المواطنين.

بالإضافة إلى ذلك، نفذ حمورابي مشاريع كبيرة في البنية التحتية، مثل بناء الطرق والقنوات. هذه التحسينات كانت ضرورية لتسهيل حركة التجارة وزيادة الإنتاجية الزراعية، مما ساعد على انتعاش الاقتصاد المحلي. مثل هذه المبادرات لم تعزز فقط من قوة المملكة بل ساهمت أيضًا في تحقيق رفاهية المواطنيين من خلال تحسين مستوى المعيشة. الأمر الذي أدى إلى استقرار أكبر في المجتمع.

تعتبر المشروعات الاقتصادية التي قام بها حمورابي جزءًا رئيسيًا من سياسته الإدارية، حيث حرص على تحقيق توازن بين مختلف الحرف والصناعات. كان يدعم الزراعة والحرف اليدوية، مما أدى إلى تشكيل قاعدة اقتصادية قوية. علاوة على ذلك، كانت إقامة شبكة تجارية قوية مع الدول المجاورة أحد أولوياته، حيث ساهمت التجارة في تنمية البلاد وتعزيز العلاقات الدولية للملكة البابلية.

شمل حكم حمورابي أيضًا تطبيق نظام إداري متكامل يمتاز بالكفاءة والفعالية. إذ كانت الإدارة تدعم بشكل مباشر خطط الملك الرامية إلى تحقيق التنمية المستمرة للمملكة. بهذا الشكل، أسس حمورابي لإرث إداري يبقى مُعترفًا به كأحد أبرز إنجازات الحضارة البابلية القديمة.

قوانين حمورابي: الأساس لدستور تاريخي

تعد قوانين حمورابي واحدة من أقدم وأهم الوثائق القانونية التي عُثر عليها في التاريخ، ويُعتقد أنها كُتبت في القرن الثامن عشر قبل الميلاد. يأتي هذا القانون ضمن مجموعة من 282 مادة، تناولت مختلف جوانب الحياة اليومية، من العلاقات الأسرية والتجارية إلى الجرائم والعقوبات. يُعتبر قانون حمورابي نموذجا رائعا للعدالة الاجتماعية، حيث يُظهر التركيز على وضع قواعد محددة لتطبيق العقوبات. هذا النموذج من النظام القانوني كان له تأثير كبير على المجتمعات القديمة وخاصةً في بلاد ما بين النهرين، كما يُعتبر أساسًا للدساتير اللاحقة.

تتسم فلسفة حمورابي القانونية بالعدالة والردع، حيث تُطبق القوانين على الجميع، بغض النظر عن مكانتهم الاجتماعية. يتمحور مبدأ “العين بالعين” حول فكرة أن العقوبة يجب أن تتناسب مع الجريمة، مما يعكس سعيه لتحقيق التوازن في المجتمع. بالإضافة إلى ذلك، تمثلت قوانين حمورابي في فكرة أنه يجب على الحكام تطبيق القانون بعدل، مما يعزز من مكانتهم كقادة مسؤولين أمام شعوبهم.

كانت هذه القوانين تُكتب على لوحات من الحجر الأسود، مما ساعد على ضمان بقائها وراثيًا، وقد ساهمت في تشكيل ملامح الحضارة البابلية. كما تأثرت بها العديد من الحضارات اللاحقة، التي استخدمت أفكارًا مشابهة لبناء أنظمة قانونية متكاملة خاصة بها. إن متابعة تطور الأفكار القانونية من زمن حمورابي حتى الوقت الحاضر تعكس نمو الوعي بأهمية القوانين في تحقيق العدالة والأمان في المجتمعات.

العدالة والمجتمع في زمن حمورابي

تميزت الفترة التي حكم فيها الملك البابلي حمورابي، الذي يعد من أبرز القادة في تاريخ الحضارات القديمة، بنظام قانوني متقدم يعتبر الأول من نوعه. كان قانون حمورابي بمثابة علامة فارقة تعكس مفهوم العدالة الاجتماعية، حيث تم تصميمه لتنظيم العلاقات بين الأفراد والفئات الاجتماعية المختلفة. من خلال مجموعة القوانين التي وضعها، كان يسعى الملك إلى ضمان تحقيق العدالة لكل أطياف المجتمع، بدءًا من النبلاء ووصولاً إلى الفقراء.

كان نص القانون يبرز المبادئ الأساسية للعدالة، حيث كان يتضمن نصوصًا تحدد عقوبات محددة للجرائم والاعتداءات. على سبيل المثال، جعل القانون العيون تتساوى بين الأفراد، مما يعكس تأكيد حمورابي على أهمية العدالة المتساوية. كما شمل قوانين تضمن حقوق الملكية وتنظيم المعاملات التجارية، مما ساهم في استقرار البلد وثقة المواطنين في النظام القضائي. تلعب هذه الإجراءات دورًا حيويًا في تطوير بنى المجتمع، حيث ساهمت في تقليص الفروقات بين الطبقات الاجتماعية.

علاوة على ذلك، كان من أبرز ميزات قانون حمورابي أنه تم إدراج القوانين بشكل مكتوب وواضح، مما سهل فهمها وإمكانية تطبيقها. هذا التوجه نحو الكتابة القانونية يعكس حرص الملك على ضمان معرفة جميع أفراد المجتمع بحقوقهم وواجباتهم. بدلاً من أن تكون العدالة مقصورة على النخبة، تمكّن المجتمع بكامله من الوصول إلى هذه القوانين. لذا، يمكن القول بأن العدالة في زمن حمورابي لم تكن مجرد مفهوم نظري، بل كانت ممارسة حقيقية تهدف إلى بناء مجتمع متوازن ومستقر.

الأثر التاريخي لقوانين حمورابي

تعد قوانين حمورابي واحدة من أولى المدونات القانونية المعروفة في التاريخ، وقد صدرت في القرن الثامن عشر قبل الميلاد. لقد كان لهذه القوانين تأثير كبير على نظم القانون في الحضارات اللاحقة. تمثل قوانين حمورابي بداية مهمة في تطوير الأنظمة القانونية، حيث اعتمدت مبادئ العدالة والمساواة بين الأفراد، مما ساهم في تشكيل الفكر القانوني عبر العصور.

كانت قوانين حمورابي متطورة من الناحية التنظيمية، حيث عالجت مجموعة متنوعة من القضايا بما في ذلك الاقتصاد، والأسرة، والملكية، والعقوبات. لقد أثرت هذه القوانين بشكل مباشر على مجتمعات مثل تلك التي نشأت في مصر القديمة واليونان وروما. على سبيل المثال، نجد أن فكرة “العقوبة حسب الفعل” الموجودة في القوانين البابلية استمرت في التأثير على القوانين الرومانية، حيث تم تطوير مفهوم العقوبات المتناسبة. كما أُخذت بعين الاعتبار قاعدة “دع القانون لا يميز بين الغني والفقير”، مما كان له عميق الأثر في تشكيل القوانين اللاحقة.

بالإضافة إلى ذلك، تُعتبر قوانين حمورابي مثالاً حيًا لكيفية تجاوب المجتمعات مع الأزمات والمشكلات القانونية. وعلى الرغم من اختلاف الثقافات والمجتمعات، فإن المبادئ العامة مثل العدالة، والوضوح القانوني، والعقوبات المعقولة استمرت لتكون محور الأنظمة القانونية حول العالم. إن أهمية هذه القوانين في ترسيخ الأسس القانونية تمثل جزءًا من الإرث الثقافي والحضاري للبشرية، حيث يُمكن اعتبارها لمحة في تطور الفكر القانوني الذي من شأنه أن يستمر في التأثير على الأنظمة القانونية حتى اليوم.

الموروث الثقافي لحمورابي

يعتبر الملك حمورابي أحد أعظم الشخصيات في تاريخ البشرية، وذلك بفضل اهتمامه العميق بتطوير النظام الاجتماعي والثقافي في بابل. شهدت فترة حكمه، التي امتدت من عام 1792 إلى 1750 قبل الميلاد، وضع مجموعة من القوانين المعروفة بقانون حمورابي، والذي يعد من أقدم الدساتير التي تميزت بالشمولية والدقة. تضمنت هذه القوانين تنظيم العلاقات الاجتماعية وتنظيم العدالة، مما أوجد نظامًا متكاملًا أسهم في توحيد المجتمع البابلي.

قام حمورابي بتطبيق مبادئ العدالة والمساواة من خلال تشريعاته، التي شملت حقوق الأفراد والتجارة والأراضي والزواج. كان له دور كبير في تطوير الهندسة الاجتماعية عبر تأكيده على أهمية المساءلة القانونية وتحديد العقوبات على الأفعال المختلفة. كانت القوانين، التي نُقشت على لوح صخري، بمثابة مرجع حي لممارسات المجتمع وعاداته، مما أتاح للأجيال اللاحقة فهم القيم والمبادئ التي قامت عليها حياة التجارة والسياسة في ذلك الزمن.

استمرت تأثيرات قوانين حمورابي حتى العصور الحديثة، حيث شكل نموذجًا يحتذى به في الأنظمة القانونية المتعاقبة. العديد من المبادئ التي أُدرجت في قوانين حمورابي أعادت صياغة مفهوم العدالة وحقوق الإنسان، وهو ما يمكن ملاحظته في الأنظمة القانونية الحديثة التي تركز على حماية الحقوق الأساسية للأفراد. هذه الموروثات تعكس الفهم العميق لحمورابي حول ضرورة وجود نظام قانوني منظم يحقق العدالة ويحافظ على التوازن الاجتماعي.

من خلال هذا التراث الثقافي الغني، تظل إنجازات حمورابي محور اهتمام العديد من الباحثين والمفكرين الذين يسعون إلى فهم كيفية تأثير الأنظمة القانونية القديمة على تشكيل فكر القانون الحديث. إن القوانين التي وضعها، تستمر في إلهام الأفكار والنقاشات حول العدالة والحقوق في المجتمع المعاصر.

مسيرة حمورابي في السياسة والدبلوماسية

تعتبر فترة حكم الملك حمورابي واحدة من أكثر الفترات تأثيرًا في تاريخ بابل القديمة، حيث قاد هذا الملك مجموعة من الاستراتيجيات السياسية والدبلوماسية التي ساعدت في تعزيز مكانة بلاده في منطقة الشرق الأدنى. عُرف حمورابي بتطوير تحالفات مهمة مع الدول المجاورة، مما ساهم في استقرار مملكة بابل وحماية مصالحها. كانت تحالفاته تعتمد على اتفاقات موثوقة، حيث كانت هذه العلاقات تُعزز من خلال تبادل الهدايا والدعم العسكري، مما أضاف الأمن والموارد لمملكته.

علاوة على ذلك، لم يتردد حمورابي في الدخول في الحروب عندما دعت الحاجة لذلك. واحدة من أكثر الحروب شهرة كانت مع مدينة إشنونا، والتي كانت تهديدًا للأراضي البابلية. بحلول انتصاره على إشنونا، أكدت بابل موقعها كقوة إقليمية رئيسية، مما أدى إلى تعزيز هيبتها كدولة رائدة. سعت استراتيجية حمورابي العسكرية إلى المحافظة على سيادة مملكته، وفي نفس الوقت، التوسع في المناطق المجاورة لزيادة النفوذ والتأثير.

تمتاز سياسة حمورابي أيضًا بدعوة للاندماج الثقافي والتجاري مع الشعوب المجاورة. شجعت هذه السياسات على تعزيز العلاقات التجارية، حيث اعتبرت التجارة بوتقة لتبادل الثقافات، مما ساعد في فتح آفاق جديدة لتطور بابل في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية. وقد ساهمت هذه الديناميات في تشكيل هوية بابل كمركز حضاري مشهور بتراثه الغني. في نهاية المطاف، كانت استراتيجية حمورابي في السياسة والدبلوماسية عاملاً حاسمًا في جعل بابل واحدة من أعظم الممالك في التاريخ القديم.

التراث الملموس: الآثار والنقوش المنسوبة لحمورابي

يعد الملك حمورابي واحدًا من أبرز الشخصيات في التاريخ البابلي، ليس فقط بسبب إنجازاته في تطوير القوانين، ولكن أيضًا من خلال الإرث الأثري والنقوش التي خلدت ذكره. تمتد آثار حمورابي عبر الزمان، وتتوزع في أماكن مختلفة من العراق الحالي، مما يدل على عظمة حضارة بابل. واحدة من أهم القطع الأثرية التي تم اكتشافها هي “نقش حمورابي”، والذي يعتبر أحد أقدم وأشهر الدساتير المكتوبة في التاريخ.

يظهر هذا النقش، الذي تم العثور عليه في سوسة، إيرانية حالية، أنه تم استنساخه في القرن 12 قبل الميلاد، حيث يروي حكاية الملك وتفاصيل حكمه. يُظهر نقوش القانون البابلي المعروفة أيضًا كـ “شريعة حمورابي” مجموعة من القوانين التي تعكس رؤية الملك للعدالة الاجتماعية والتوازن السياسي. تساهم هذه النقوش في فهم القيم الثقافية والفكرية للمجتمع البابلي في تلك الفترة.

بالإضافة إلى نقوش القانون، هناك العديد من الآثار الأخرى المرتبطة بحمورابي، مثل معابد، وقصور، وأدوات فنية. تشير الدراسات الأثرية إلى كيفية تنظيم المجتمع تحت حكم هذا الملك، حيث كانت المجتمعات تتعاون في مختلف المجالات بما في ذلك الزراعة والتجارة. لقد تم العثور على العديد من الموائد البرونزية والأواني الفخارية التي تعكس تطور الفن والعمارة في تلك الحقبة.

عبر هذه الآثار والنقوش، يتمكن علماء الآثار والمؤرخون من إعادة بناء صورة واضحة عن شخصية حمورابي ودوره القيادي. تساهم هذه الأدلة المادية في تعزيز فهمنا للإنجازات التي حققها والتي ما زالت تؤثر في أنظمة القانون الحديثة حتى اليوم.

الأسئلة الشائعة

1. من هو حمـورابي؟

الإجابة: حمـورابي (حوالي 1810-1750 قبل الميلاد) كان الملك السادس لسلالة بابل الأولى، وحكم حوالي 1792-1750 قبل الميلاد. يُعتبر أحد أبرز الحكام في تاريخ بلاد الرافدين القديمة. في بداية حكمه، كانت بابل مملكة صغيرة نسبيًا، لكن بفضل حكمته ومهاراته العسكرية والدبلوماسية، قام بتوسيع نفوذ بابل بشكل كبير، موحدًا معظم بلاد الرافدين تحت حكمه، ومؤسسًا إمبراطورية بابلية قوية ومزدهرة.


2. ما هي الفترة الزمنية التي عاش فيها حمـورابي وحكم؟

الإجابة: عاش حمـورابي في الفترة البابلية القديمة، وتحديدًا في الألفية الثانية قبل الميلاد. حكم لمدة 42 عامًا، من حوالي 1792 إلى 1750 قبل الميلاد. تُعرف هذه الفترة بأنها ذروة القوة البابلية وتأسيس نظام قانوني مركزي كان له تأثير دائم.


3. ما هو إنجازه الأكثر شهرة؟

الإجابة: إنجازه الأكثر شهرة بلا منازع هو “شريعة حمـورابي”، وهي واحدة من أقدم وأكمل المجموعات القانونية المكتوبة في العالم. نُقشت هذه القوانين على مسلة كبيرة من الديوريت (نوع من الصخور الصلبة) يبلغ ارتفاعها حوالي 2.25 متر، وتمثل إنجازًا عظيمًا في تنظيم المجتمع وتطبيق العدالة.


4. ما هي شريعة حـمورابي وما أهميتها؟

الإجابة: شريعة حمـورابي هي مجموعة من 282 قانونًا تُغطي جوانب مختلفة من الحياة البابلية، مثل التجارة، الأسرة، الجرائم، وحقوق الملكية. أهميتها تكمن في أنها ليست مجرد قائمة بالقوانين، بل هي نظام قانوني منظم يوضح العقوبات المرتبطة بكل جريمة. تُعتبر هذه الشريعة مصدرًا لا يقدر بثمن لفهم المجتمع البابلي القديم ونظامه القضائي، كما أنها تُظهر مبدأ “العين بالعين والسن بالسن” (Lex Talionis) الذي كان شائعًا في تلك الفترة.


5. أين عُثر على مسلة شريعة حمـورابي الأصلية؟

الإجابة: عُثر على مسلة شريعة حمـورابي الأصلية في عام 1901 من قبل بعثة أثرية فرنسية في مدينة سوسا القديمة (في إيران الحالية)، والتي كانت جزءًا من مملكة عيلام آنذاك. يُعتقد أن المسلة نُهبت من بابل وأُخذت إلى سوسا في وقت لاحق. حاليًا، تُعرض المسلة في متحف اللوفر بباريس.


6. كيف أثرت شريعة حمـورابي على القوانين اللاحقة؟

الإجابة: على الرغم من أن شريعة حمورابي لم تؤثر بشكل مباشر على الأنظمة القانونية الحديثة بنفس الطريقة التي أثرت بها القوانين الرومانية أو اليونانية، إلا أنها تُعتبر نقطة تحول هامة في تاريخ القانون. لقد أرست مبادئ مثل المسؤولية القانونية، العدالة التصحيحية، وأهمية تدوين القوانين وتوحيدها. كما أنها قدمت نظرة فريدة على نظام عدالة مبني على العقوبات المتناسبة، مما أثر بشكل غير مباشر على تطور الفكر القانوني في الحضارات اللاحقة.


7. كيف وصف حـمورابي نفسه ودوره في مقدمة شريعته؟

الإجابة: في مقدمة شريعته، يصف حمـورابي نفسه بأنه “الملك الصالح” الذي كلفه الآلهة (خاصة مردوخ وإيا) بضمان العدل والرفاهية لشعبه. لقد أعلن أن الهدف من قوانينه هو “جعل العدل يسود في الأرض، وتدمير الأشرار والأوغاد، ومنع الأقوياء من اضطهاد الضعفاء”. يُظهر هذا الوصف حرصه على تصوير نفسه كحاكم عادل يسعى لتحقيق الصالح العام.


8. ما هي أبرز الفروق بين شريعة حمـورابي والقوانين الحديثة؟

الإجابة: تختلف شريعة حمـورابي عن القوانين الحديثة في عدة جوانب:

  • التفاضل الاجتماعي: كانت العقوبات في شريعة حمورابي تعتمد بشكل كبير على الطبقة الاجتماعية للمذنب والضحية. فعلى سبيل المثال، قد تكون العقوبة على نفس الجريمة مختلفة إذا ارتكبها رجل حر ضد عبد.
  • “العين بالعين”: مبدأ القصاص (Lex Talionis) كان سائدًا، حيث تكون العقوبة مماثلة للضرر الذي لحق بالضحية.
  • غياب مفهوم النية: لم يكن هناك تركيز كبير على نية الجاني، بل على الفعل ونتائجه.
  • غياب الدفاع القانوني: لم يكن هناك مفهوم للدفاع القانوني بالمعنى الحديث، ولم تكن هناك هيئات قضائية مستقلة بالكامل.

9. كيف كانت نهاية حكم حمـورابي؟

الإجابة: حكم حمـورابي لمدة تزيد عن أربعين عامًا، وتوفي حوالي عام 1750 قبل الميلاد. على الرغم من أن إمبراطوريته كانت في أوج قوتها عند وفاته، إلا أن خلفاءه واجهوا تحديات كبيرة في الحفاظ على هذا التماسك. بدأت الإمبراطورية في التفكك تدريجيًا بعد وفاته بسبب الضغوط الخارجية والصراعات الداخلية، لتسقط في نهاية المطاف بعد حوالي 150 عامًا.


10. ما هو الإرث الأكبر الذي تركه حمـورابي للعالم؟

الإجابة: الإرث الأكبر لحمورابي هو بلا شك شريعته، التي تُعد وثيقة تاريخية وقانونية فريدة من نوعها. لكن إرثه يتجاوز القوانين المكتوبة؛ فهو يمثل نموذجًا لحاكم سعى إلى توحيد أمته، تنظيم مجتمعه، وفرض نظام العدالة. لقد أظهر حمـورابي كيف يمكن للقانون أن يكون أداة قوية لبناء وتماسك الدولة، مما يجعله شخصية لا تُنسى في سجلات التاريخ البشري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى