تأثير قرار رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا على سعر صرف الليرة السورية

في 30 يونيو 2025، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرسومًا تنفيذيًا يقضي برفع معظم العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، في خطوة تهدف إلى إعطاء سوريا “فرصة للعظمة”، كما صرح خلال زيارته للسعودية في مايو. هذا القرار، الذي أنهى برنامج العقوبات السورية وأزال 518 فردًا وكيانًا من قائمة العقوبات الأمريكية، أثار نقاشًا واسعًا حول تأثيره على الاقتصاد السوري، وبالأخص على سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي. في هذه المقالة، سنحلل كيف يمكن أن يؤثر هذا القرار على الليرة السورية، مع الأخذ في الاعتبار التأثيرات قصيرة وطويلة الأمد، والتحديات التي قد تعيق التحسن الاقتصادي.
خلفية: تأثير العقوبات على الاقتصاد السوري
بدأت العقوبات الأمريكية على سوريا في عام 1979 عندما تم تصنيفها كدولة راعية للإرهـ.ـاب. ومع اندلاع الصورة السورية في 2011، تم تشديد العقوبات من خلال قوانين مثل قانون محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية لعام 2003 وقانون حماية المدنيين السوريين (قانون قيصر) لعام 2019. هذه العقوبات شملت تجميد الأصول، وحظر التجارة، وتقييد المعاملات المالية، مما أدى إلى عزل سوريا عن النظام المالي العالمي.
كان التأثير الاقتصادي مدمرًا. قبل الثورة السورية، كان سعر صرف الليرة السورية حوالي 47 ليرة للدولار. وبحلول سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، وصل سعر الصرف في السوق السوداء إلى حوالي 22,000 ليرة للدولار . أدت العقوبات إلى انهيار الاقتصاد السوري، وتفاقم التضخم، وضعف النظام الصحي، وزيادة الفقر، مما جعل الحياة اليومية صعبة للغاية بالنسبة للسوريين.
قرار رفع العقوبات
في 13 مايو 2025، أعلن ترامب خلال منتدى استثماري في الرياض عن نيته رفع العقوبات عن سوريا، وذلك بعد لقائه بالرئيس السوري أحمد الشرع. في 30 يونيو 2025، نفذ ترامب وعده من خلال توقيع مرسوم تنفيذي أنهى برنامج العقوبات السورية، وأصدرت وزارة الخزانة الأمريكية الترخيص العام رقم 25 (GL25) الذي يسمح بالمعاملات التي كانت محظورة سابقًا.
شهدت الأسواق رد فعل فوري إيجابي. في غضون ساعة من إعلان ترامب في مايو، انخفض سعر صرف الليرة من 10,000 إلى 9,000 ليرة للدولار في دمشق، مما يعكس تفاؤل السوق. هذا التحسن المبدئي يشير إلى أن رفع العقوبات قد يعزز الثقة في الاقتصاد السوري.
التأثيرات قصيرة الأمد على سعر الصرف
من المتوقع أن يؤدي رفع العقوبات إلى تأثيرات فورية على سعر صرف الليرة السورية. أولاً، سيسمح رفع العقوبات بتدفق العملات الأجنبية، خاصة الدولار الأمريكي، إلى سوريا من خلال التجارة والاستثمارات. هذا التدفق سيقلل من الطلب على الدولار في السوق السوداء، مما يدعم قيمة الليرة.
ثانيًا، قد يشجع رفع العقوبات السوريين في الخارج على إرسال الحوالات المالية، التي كانت مقيدة سابقًا بسبب العقوبات. هذه الحوالات ستزيد من توافر العملات الأجنبية، مما يعزز استقرار الليرة. ثالثًا، التأثير النفسي لرفع العقوبات قد يعزز الثقة في الاقتصاد، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على الليرة وتحسين قيمتها مقابل الدولار.
ومع ذلك، قد تكون هذه التأثيرات محدودة في البداية بسبب الوقت اللازم لتطبيق رفع العقوبات فعليًا، وتكيف الشركات والمؤسسات المالية مع البيئة الجديدة. قد تشهد الأسواق تقلبات مؤقتة أثناء هذه الفترة الانتقالية.
التأثيرات طويلة الأمد على سعر الصرف
على المدى الطويل، يمكن أن يؤدي رفع العقوبات إلى استقرار وتعزيز الليرة السورية بشكل كبير. مع رفع العقوبات، ستتمكن سوريا من المشاركة بحرية أكبر في التجارة العالمية، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والوصول إلى الأسواق المالية العالمية. هذه العوامل ستدعم احتياطيات العملات الأجنبية في سوريا، مما يساعد على استقرار سعر الصرف.
على سبيل المثال، استئناف تصدير النفط والغاز، اللذين كانا مقيدين بشدة بسبب العقوبات، يمكن أن يوفر دفعة كبيرة لاحتياطيات العملات الأجنبية. كما أن الاستثمارات الأجنبية في مشاريع إعادة الإعمار ستجلب تدفقات مالية كبيرة، مما يدعم الليرة. علاوة على ذلك، أعلنت الحكومة السورية المؤقتة عن سياسات لتحرير الاقتصاد، مثل إلغاء ضوابط الاستيراد والتصدير، مما قد يعزز الكفاءة الاقتصادية ويجذب المزيد من الاستثمارات.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي رفع العقوبات إلى تحسين ميزان المدفوعات السوري من خلال زيادة الصادرات وتقليل القيود على الواردات، مما يدعم استقرار العملة. ومع ذلك، يعتمد نجاح هذه التأثيرات على قدرة الحكومة على إدارة الموارد بفعالية وتنفيذ سياسات اقتصادية سليمة.
التحديات والشكوك
على الرغم من الإمكانيات الإيجابية، هناك تحديات كبيرة قد تحد من تأثير رفع العقوبات على سعر صرف الليرة. أولاً، فرضت الولايات المتحدة شروطًا على رفع العقوبات، مثل طرد المقاتلين الأجانب وترحيل أفراد معينين. إذا فشلت سوريا في تلبية هذه الشروط، قد تعيد الولايات المتحدة فرض العقوبات، مما يؤدي إلى انخفاض حاد في قيمة الليرة.
ثانيًا، يواجه الاقتصاد السوري تحديات داخلية عميقة، بما في ذلك الفساد، والبنية التحتية المتضررة، وعدم الاستقرار السياسي. على سبيل المثال، إذا لم تُدار الأموال الناتجة عن التجارة والاستثمار بشكل صحيح، فقد لا تصل الفوائد إلى الاقتصاد العام. ثالثًا، يمكن أن تؤثر الظروف الاقتصادية العالمية، مثل انخفاض أسعار النفط أو التوترات الإقليمية، على تدفقات الاستثمار واستقرار الليرة.
آراء الخبراء والتحليلات
تتباين آراء الخبراء حول تأثير رفع العقوبات. يرى البعض، مثل منى يعقوبيان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن رفع العقوبات دون ضمانات بشأن الحوكمة الشاملة قد يحرم الولايات المتحدة من نفوذها على الحكومة السورية الجديدة. من ناحية أخرى، يدعو نشطاء حقوق الإنسان إلى رفع العقوبات لتسهيل إعادة الإعمار بعد 14 عامًا من الدمار.
تشير التحليلات الاقتصادية إلى أن رفع العقوبات خطوة إيجابية، لكن التأثير الفعلي يعتمد على كيفية إدارة الحكومة السورية للفرص الجديدة. على سبيل المثال، يحذر معهد النزاهة المالية من مخاطر مثل الفساد وسوء الإدارة التي قد تعيق التعافي الاقتصادي.
جدول: العوامل المؤثرة على سعر صرف الليرة السورية بعد رفع العقوبات
العامل | التأثير على الليرة السورية | المدة الزمنية | التحديات المرتبطة |
---|---|---|---|
زيادة التجارة | تعزيز قيمة الليرة من خلال تدفق العملات الأجنبية | قصيرة وطويلة الأمد | الحاجة إلى بنية تحتية فعالة |
الاستثمار الأجنبي | دعم احتياطيات العملات الأجنبية | طويلة الأمد | مخاطر الفساد وسوء الإدارة |
الحوالات المالية | زيادة توافر الدولار | قصيرة الأمد | الحاجة إلى قنوات مالية موثوقة |
شروط العقوبات | استقرار مشروط | قصيرة وطويلة الأمد | مخاطر إعادة فرض العقوبات |
السياسات الاقتصادية | استقرار العملة إذا كانت سليمة | طويلة الأمد | الحاجة إلى حوكمة فعالة |
الخلاصة
من المرجح أن يؤدي قرار رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا إلى تحسين قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي، كما يتضح من رد الفعل الفوري للسوق في مايو 2025، حيث تحسن سعر الصرف بشكل ملحوظ. على المدى القصير، ستدعم تدفقات العملات الأجنبية والثقة المتجددة في الاقتصاد قيمة الليرة. وعلى المدى الطويل، يمكن أن يؤدي استئناف الصادرات وجذب الاستثمارات إلى استقرار العملة بشكل أكبر.
ومع ذلك، فإن نجاح هذا التحسن يعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك تنفيذ الشروط الأمريكية، وإدارة الحكومة السورية للموارد، ومعالجة التحديات الداخلية مثل الفساد والبنية التحتية المتضررة. على الرغم من التحديات، يمثل رفع العقوبات فرصة كبيرة لسوريا لإعادة بناء اقتصادها، مما قد يؤدي إلى تحسن مستدام في قيمة الليرة السورية.
أسئلة شائعة حول تأثير رفع العقوبات الأمريكية على سعر صرف الليرة السورية
1. ما هو القرار الذي وقّعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 30 يونيو 2025؟
وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 30 يونيو 2025 مرسومًا تنفيذيًا ينهي معظم العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا. يهدف هذا القرار إلى إعادة دمج سوريا في الاقتصاد العالمي بعد سنوات طويلة من العزلة الاقتصادية بسبب العقوبات.
2. كيف أثر هذا القرار على سعر صرف الليرة السورية فور إعلانه؟
فور إعلان القرار في مايو 2025، شهدت الليرة السورية تحسنًا ملحوظًا في قيمتها مقابل الدولار الأمريكي. فقد انخفض سعر الصرف من 10,000 ليرة سورية للدولار إلى 9,000 ليرة سورية للدولار في غضون ساعات قليلة فقط، مما يعكس رد فعل سريع في السوق.
3. ما هي التأثيرات المتوقعة على المدى القصير على سعر صرف الليرة السورية؟
على المدى القصير، من المتوقع أن يؤدي رفع العقوبات إلى زيادة تدفق العملات الأجنبية إلى سوريا، مما يخفف الضغط على الليرة السورية. بالإضافة إلى ذلك، قد يعزز تجدد الثقة في الاقتصاد من طلب المستثمرين والمواطنين على الليرة، مما يدعم قيمتها أمام الدولار.
4. ما هي التأثيرات المتوقعة على المدى الطويل على سعر صرف الليرة السورية؟
على المدى الطويل، يمكن أن يسهم رفع العقوبات في استقرار الليرة السورية من خلال زيادة الصادرات، خاصة في قطاعي النفط والغاز، وجذب الاستثمارات الأجنبية. ومع ذلك، يعتمد هذا التحسن على قدرة الحكومة السورية على إدارة الموارد بفعالية ومعالجة التحديات الداخلية مثل الفساد والبنية التحتية المتضررة.
5. ما هي التحديات التي قد تحد من تأثير رفع العقوبات على سعر صرف الليرة السورية؟
تواجه سوريا تحديات كبيرة قد تحد من الفوائد المتوقعة، منها الفساد المستشري، والبنية التحتية المتضررة بسبب سنوات الحرب، والشروط الأمريكية المرتبطة بالقرار والتي قد تؤدي إلى إعادة فرض العقوبات في حال عدم الالتزام بها. كما أن التوترات الإقليمية والوضع الاقتصادي العالمي قد يؤثران سلبًا على الليرة.
6. هل هناك شروط مرتبطة برفع العقوبات؟
نعم، يتضمن القرار شروطًا محددة مثل طرد المقاتلين الأجانب من سوريا وترحيل أفراد معينين. في حال عدم تنفيذ هذه الشروط، قد تعيد الولايات المتحدة فرض العقوبات، مما يشكل خطرًا على استقرار الليرة السورية.
7. ما هي آراء الخبراء حول تأثير رفع العقوبات؟
تتفاوت آراء الخبراء حول هذا القرار. يرى البعض أنه خطوة إيجابية لدعم إعادة الإعمار وتحسين الاقتصاد السوري، بينما يحذر آخرون من أن الفساد وسوء الإدارة قد يقللان من الفوائد المتوقعة، مما يجعل التأثير الإيجابي محدودًا.
8. كيف يمكن أن يؤثر رفع العقوبات على التجارة والاستثمار في سوريا؟
من المتوقع أن يعزز رفع العقوبات التجارة السورية من خلال السماح بتصدير واستيراد السلع بحرية أكبر، مما يحسن التوازن التجاري. كما يمكن أن يجذب الاستثمارات الأجنبية في مشاريع إعادة الإعمار، مما يدعم الاقتصاد ويساهم في استقرار الليرة.
9. ما هو الدور الذي تلعبه الحكومة السورية في تحقيق التحسن الاقتصادي؟
تلعب الحكومة السورية دورًا حاسمًا في استغلال فرص رفع العقوبات. يعتمد التحسن الاقتصادي على قدرتها على إدارة الموارد بكفاءة، وتنفيذ سياسات اقتصادية سليمة، ومعالجة التحديات الداخلية مثل الفساد وإعادة بناء البنية التحتية.
10. هل يمكن أن يؤدي رفع العقوبات إلى تحسن مستدام في قيمة الليرة السورية؟
نعم، يمكن أن يؤدي رفع العقوبات إلى تحسن مستدام في قيمة الليرة السورية إذا نجحت سوريا في استغلال الفرص الجديدة مثل زيادة الصادرات وجذب الاستثمارات، مع معالجة التحديات الداخلية بفعالية. ومع ذلك، فإن الفشل في ذلك قد يحد من التحسن ويعرض الليرة لتقلبات جديدة.