حماة اليوم

ترميم المدارس في حماة: حجر الأساس لإعادة بناء المجتمع

تعرضت محافظة حماة في سوريا، كغيرها من المناطق، لدمار واسع النطاق بسبب الصراع الذي بدأ عام 2011. أثر هذا الصراع على جميع مناحي الحياة، لكن القطاع التعليمي كان من أكثر القطاعات تضررًا، حيث تعرضت المدارس للتدمير الجزئي أو الكلي، مما أدى إلى توقف العملية التعليمية في العديد من المناطق. في هذا السياق، برزت عملية ترميم المدارس المتضررة في حماة كخطوة حاسمة لإعادة الأمل والاستقرار، ولتشجيع العائلات المهجرة على العودة إلى ديارها. إن إعادة تأهيل المدارس ليست مجرد إصلاح مبانٍ، بل هي استثمار في مستقبل الأجيال وإعادة بناء المجتمع.

تأثير الصراع على التعليم في حماة

لقد كان الصراع في سوريا كارثيًا على البنية التحتية التعليمية، حيث تعرضت العديد من المدارس في حماة للتدمير نتيجة الأعمال العسكرية. هذا الدمار لم يقتصر على المباني فحسب، بل امتد إلى تعطيل العملية التعليمية، خاصة في المناطق الريفية التي شهدت نزوحًا جماعيًا للسكان. وفقًا لتقرير صادر عن البنك الدولي، تكبدت سوريا خسائر اقتصادية هائلة تقدر بـ226 مليار دولار بين عامي 2011 و2016، وكانت المدارس جزءًا كبيرًا من هذه الخسائر.

في دراسة أجريت في مدينة حمص المجاورة، ونشرت في Scielo، تبين أن الصراع أثر بشكل معتدل على التطور التعليمي والسلوكي للطلاب، مما يعكس التحديات التي تواجهها المناطق المتضررة مثل حماة. كما أشارت منظمة اليونيسف إلى أن أكثر من 2.7 مليون طفل سوري خارج نطاق التعليم، وهو ما يبرز حجم الأزمة التعليمية في البلاد.

في حماة، أدى الدمار إلى حرمان الآلاف من الطلاب من التعليم، حيث اضطر العديد منهم إلى الانتقال إلى مراكز إيواء أو مخيمات للنازحين، حيث تكون فرص التعليم محدودة أو غير متاحة. هذا الوضع زاد من تعقيد التحديات التي تواجهها العائلات المهجرة، التي غالبًا ما تضطر إلى إعطاء الأولوية لتلبية الاحتياجات الأساسية على حساب التعليم.

جهود ترميم المدارس

على الرغم من التحديات الكبيرة، بما في ذلك نقص الموارد المالية، بدأت مديرية التربية والتعليم في حماة جهودًا مكثفة لإعادة تأهيل المدارس المتضررة. وقد وضعت المديرية خطة عمل شاملة بالتعاون مع منظمات دولية مثل اليونيسف، وجمعيات أهلية مثل رحمة بلا حدود وفسحة أمل، بالإضافة إلى مساهمات المجتمع المحلي.

منذ بداية العام الجاري، تم ترميم 16 مدرسة في حماة ودخلت الخدمة فعليًا. تشمل هذه المدارس:

  • مدرسة بنات صوران
  • مدرسة وليد العبد الله في كفر زيتا
  • مدرسة يرموك
  • مدرسة المغير في ريف محردة
  • مدرسة عمر بن الخطاب
  • مدرسة أم الخير
  • مدرسة سهيل عثمان
  • مدرسة الجاجية
  • مدرسة يحيى فرحي
  • مدرسة سليمان حمود اليوسف
  • مدرسة أحمد قطرميز
  • مدرسة عبد العزيز عدي
  • مدرسة خالد حداد
  • مدرسة الصواعق الوسطى
  • مدرسة محمد عروب

تم تمويل هذه المشاريع من خلال مساهمات من منظمات مثل اليونيسف ورحمة بلا حدود وفسحة أمل، بالإضافة إلى دعم المجتمع المحلي. كما أن هناك خمس مدارس أخرى قيد الترميم حاليًا، و11 مدرسة أخرى مخطط لترميمها قريبًا، مع دراسة إمكانية إعادة تأهيل 66 مدرسة إضافية.

دور المنظمات الدولية

لعبت المنظمات الدولية دورًا حيويًا في دعم جهود الترميم. على سبيل المثال، قامت اليونيسف، بدعم من حكومة اليابان، بإعادة تأهيل مدرستين متضررتين بشدة: مدرسة السلطانية الابتدائية في حمص ومدرسة صوران الثانوية للبنات في ريف حماة. شملت أعمال الترميم تعزيز الهيكلية، تركيب الأبواب والممرات، تحديث الأنظمة الكهربائية، وتوفير مرافق صحية ملائمة للجنسين ومناسبة لذوي الإعاقة.

بالإضافة إلى ذلك، زار وفد من وزارة التربية التركية عددًا من المدارس المتضررة في حماة لتقييم الأضرار وتقديم الدعم اللازم لإعادة تأهيلها. هذه الجهود الدولية تعكس التزام المجتمع الدولي بمعالجة الأزمة التعليمية في سوريا.

برامج تعليمية داعمة

إلى جانب ترميم المباني، تساهم المنظمات الدولية في برامج تعليمية مبتكرة. على سبيل المثال، نفذت اليونيسف برنامج “المنهاج ب” (UNICEF Curriculum B)، وهو برنامج تعليمي مكثف يهدف إلى مساعدة الأطفال الذين فاتتهم سنوات دراسية على العودة إلى التعليم. هذا البرنامج ساعد العديد من الأطفال في حماة على استئناف تعليمهم بعد سنوات من الانقطاع بسبب النزوح.

تشجيع عودة المهجرين

إن ترميم المدارس ليس مجرد عملية بناء، بل هو خطوة استراتيجية لتشجيع العائلات المهجرة على العودة إلى مناطقهم الأصلية. كما أشار أحمد المدلوش، فإن إعادة فتح المدارس ساهمت في تحفيز العائلات على مغادرة المخيمات والعودة إلى قراهم وبلداتهم. توفر المدارس بيئة آمنة ومستقرة للأطفال، مما يعزز شعور الأهالي بالأمان والثقة في إمكانية إعادة بناء حياتهم.

وفقًا لتقرير صادر عن معهد الشرق الأوسط، فإن القيادة المجتمعية في التعليم تلعب دورًا حاسمًا في مواجهة التحديات التي يفرضها الصراع. إن وجود مدارس عاملة يعزز التماسك الاجتماعي ويوفر للأطفال فرصة للتعلم والنمو في بيئة آمنة، مما يساهم في استقرار المجتمع ككل.

التحديات المستقبلية

على الرغم من التقدم المحرز، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه جهود ترميم المدارس في حماة. أبرز هذه التحديات هو نقص التمويل، حيث أن حجم الدمار يتطلب استثمارات ضخمة. كما أن هناك حاجة إلى تعزيز قدرات المعلمين وتوفير الموارد التعليمية لضمان جودة التعليم. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب استمرار عودة المهجرين توفير خدمات أساسية أخرى مثل الرعاية الصحية والبنية التحتية.

الخاتمة

إن ترميم المدارس المتضررة في حماة يمثل خطوة أساسية نحو إعادة بناء المجتمع السوري وتشجيع عودة المهجرين. من خلال التعاون بين مديرية التربية والتعليم، والمنظمات الدولية، والمجتمع المحلي، تم تحقيق تقدم ملموس في إعادة فتح المدارس وتوفير بيئة تعليمية آمنة. هذه الجهود لا تعيد الأمل للأطفال فحسب، بل تساهم أيضًا في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة. مع استمرار هذه الجهود، يمكن أن تصبح حماة نموذجًا للتعافي بعد الصراع، مما يبرز أهمية التعليم كأداة لإعادة البناء والمصالحة.

جدول المدارس التي تم ترميمها

اسم المدرسةالموقعالجهة الداعمة
بنات صورانصوراناليونيسف
وليد العبد اللهكفر زيتااليونيسف
يرموكريف محردةاليونيسف
المغيرريف محردةاليونيسف
عمر بن الخطابحماةرحمة بلا حدود
أم الخيرحماةرحمة بلا حدود
سهيل عثمانحماةرحمة بلا حدود
الجاجيةحماةرحمة بلا حدود
يحيى فرحيحماةرحمة بلا حدود
سليمان حمود اليوسفحماةرحمة بلا حدود
أحمد قطرميزحماةرحمة بلا حدود
عبد العزيز عديحماةرحمة بلا حدود
خالد حدادحماةرحمة بلا حدود
الصواعق الوسطىحماةفسحة أمل
محمد عروبحماةالمجتمع المحلي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى