القلعة الأثرية بمدينة حماة: تراث يتحدى التاريخ

النقاط الرئيسية:
- تقع قلعة حماة، المعروفة أيضًا باسم القلعة الأثرية، على ضفاف نهر العاصي في وسط سوريا، وهي موقع أثري يعكس تاريخًا يمتد لآلاف السنين.
- تشير الأبحاث إلى أن القلعة شهدت فترات استيطان من العصر الحجري الحديث إلى العصور الوسطى، مع سيطرة العديد من الحضارات مثل السلوقيين والرومان والزنكيين.
- كشفت الحفريات التي أجرتها البعثة الدنماركية بين عامي 1931 و1938 عن بقايا معمارية وقطع أثرية، بما في ذلك نقوش لوفية ومنحوتات أسود البوابة.
- يبدو أن القلعة اليوم في حالة خراب إلى حد كبير، لكن القطع الأثرية المحفوظة في قصر العظم توفر نظرة ثاقبة على تراثها المادي.
- نظرًا للصراع المستمر في سوريا، تواجه جهود الحفاظ على الموقع تحديات، لكن أهميته الثقافية لا تزال قائمة.
نظرة عامة تقع قلعة حماة على تلة مرتفعة تطل على نهر العاصي، مما جعلها موقعًا استراتيجيًا للدفاع والتجارة عبر التاريخ. يبدو من المحتمل أن القلعة كانت مركزًا للعديد من الحضارات، حيث تركت كل منها بصماتها المعمارية والثقافية. تشير الأدلة إلى أن القلعة كانت تحتوي على تحصينات ومبانٍ سكنية وصناعية، مع هياكل تعود إلى العصر البرونزي والحديدي، وكذلك الفترات الإسلامية.
الأهمية التاريخية تشير الدراسات إلى أن القلعة كانت مركزًا حيويًا خلال فترات مختلفة، بما في ذلك العصر الحيثي الجديد والفترة الإسلامية المبكرة. تعرضت القلعة لأضرار جسيمة بسبب زلزال عام 1157 وغزو المغول عام 1258، لكن تم إعادة بنائها في كل مرة، مما يعكس مرونتها وأهميتها.
القطع الأثرية تشمل القطع الأثرية المكتشفة نقوشًا هيروغليفية لوفية من القرن التاسع قبل الميلاد ومنحوتات مثل أسود البوابة، والتي تُعرض الآن في متاحف مثل قصر العظم في حماة. توفر هذه القطع نظرة على الفن والحياة اليومية لسكان القلعة.
جهود الحفظ على الرغم من التحديات الناتجة عن الصراع في سوريا، يبدو أن هناك جهودًا مستمرة لحماية القلعة وتراثها المادي. يُعتبر الموقع جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي السوري، مما يجعله جديرًا بالدراسة والحفاظ عليه.
مقدمة
تقع مدينة حماة في قلب سوريا على ضفاف نهر العاصي، وهي واحدة من أقدم المدن في العالم، حيث يعود تاريخها إلى العصر الحجري الحديث. في وسط هذه المدينة التاريخية، تتربع قلعة حماة، المعروفة أيضًا باسم القلعة الأثرية، كشاهد على تاريخ طويل ومعقد يمتد لآلاف السنين. هذه القلعة، التي تقع على تلة مرتفعة تطل على النهر، كانت مركزًا استراتيجيًا للدفاع والتجارة، مما جعلها نقطة جذب للعديد من الحضارات التي تركت بصماتها المادية في هياكلها وقطعها الأثرية. يهدف هذا المقال إلى استكشاف التراث المادي لقلعة حماة، مع التركيز على هندستها المعمارية، والقطع الأثرية المكتشفة، والجهود التي بذلتها البعثة الدنماركية بين عامي 1931 و1938 لكشف أسرار هذا الموقع الأثري.
الخلفية التاريخية
تتمتع قلعة حماة بتاريخ غني يعكس تنوع الحضارات التي سيطرت على المنطقة. تقع القلعة على تلة أثرية، أو “تل”، كانت مأهولة منذ العصر الحجري الحديث (حوالي 6000 قبل الميلاد) وحتى العصور الوسطى. كشفت الحفريات الأثرية عن تسلسل طبقي يوفر نظرة ثاقبة على تطور المنطقة عبر العصور.
الفترات ما قبل التاريخ والقديمة
تشير الأدلة الأثرية إلى أن موقع القلعة كان مأهولًا منذ العصر الحجري الحديث، مع اكتشاف بقايا من الفخار والأدوات التي تعود إلى حوالي 6000-5000 قبل الميلاد. خلال العصر البرونزي (حوالي 3000-2000 قبل الميلاد)، كانت حماة مركزًا تجاريًا مهمًا، وربما كانت تابعة لإمبراطورية ميتاني الأمورية. بحلول العصر الحديدي (حوالي 1100-720 قبل الميلاد)، أصبحت حماة عاصمة مملكة حيثية جديدة قوية تُعرف باسم “حماة”، كما ورد في النقوش اللوفية.
السيطرة من قبل الإمبراطوريات والسلالات
على مر القرون، خضعت قلعة حماة لسيطرة العديد من القوى، بما في ذلك:
- السلوقيون: في القرن الثاني قبل الميلاد، أُعيد تسمية المدينة بـ “إبيفانيا” تيمنًا بالحاكم السلوقي أنطيوخس الرابع.
- الرومان: أصبحت حماة جزءًا من مقاطعة سوريا الرومانية في عام 64 قبل الميلاد، مع القليل من الأدلة الأثرية المتبقية من هذه الفترة.
- القرامطة، المرداسيون، والسلاجقة: سيطرت هذه السلالات الإسلامية على القلعة خلال العصور الوسطى المبكرة.
- الزنكيون والأيوبيون: شهدت القلعة إعادة بناء كبيرة خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر.
- المغول والعثمانيون: دمر المغول القلعة في عام 1258، وأعاد بناءها السلطان بيبرس، لكنها فقدت أهميتها الاستراتيجية بحلول العصر العثماني.
الأحداث الرئيسية
تعرضت القلعة لعدة أحداث مدمرة، بما في ذلك:
- زلزال حماة عام 1157: تسبب زلزالان في يوليو وأغسطس 1157 في انهيار معظم المدينة والقلعة، مما أدى إلى مقتل العديد من سكانها. قام نور الدين الزنكي بإصلاح الجدران لمنع هجمات الصليبيين.
- غزو المغول عام 1258: دمر المغول القلعة، لكن السلطان بيبرس أعاد بناءها لاحقًا.
- تدمير تيمورلنك عام 1401: شهدت القلعة تدميرًا نهائيًا على يد تيمورلنك، مما أدى إلى فقدانها لأهميتها الاستراتيجية.
هندسة القلعة
تعد هندسة قلعة حماة مزيجًا من الأساليب المعمارية التي تعكس الفترات التاريخية المختلفة التي مرت بها. على الرغم من أن القلعة اليوم في حالة خراب، إلا أن الحفريات الأثرية كشفت عن تفاصيل حول هياكلها.
الهندسة المعمارية قبل الفترة الهلنستية
وفقًا لمنشور البعثة الدنماركية “Hama II.1 – L’architecture des périodes pré-hellénistiques” للمؤلف إينار فوغمان، تضمنت القلعة هياكل من العصر البرونزي والعصر الحديدي. تشير الأدلة إلى وجود جدران دفاعية ومبانٍ سكنية، على الرغم من أن التفاصيل المحددة محدودة بسبب حالة الخراب. من المحتمل أن تكون هذه الهياكل قد شُيدت باستخدام الحجر المحلي والطين، وهي مواد شائعة في المنطقة خلال تلك الفترات.
الهندسة المعمارية في العصور الوسطى
يوفر المجلد “Hama IV.1 – The Medieval Citadel and Its Architecture” تفاصيل عن الفترة من الفتح العربي في عام 636 إلى تدمير القلعة في عام 1401. خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر، شهدت القلعة ذروة قوتها، حيث شُيدت العديد من الهياكل، بما في ذلك:
- الحمامات: تم اكتشاف حمامات تعكس التقاليد المعمارية الإسلامية.
- الطواحين: استُخدمت لطحن الحبوب، مما يشير إلى الأهمية الاقتصادية للقلعة.
- الهياكل الصناعية: تضمنت ورشة لإنتاج القنابل اليدوية، مما يبرز الدور العسكري للقلعة.
- التحصينات: شملت جدرانًا دفاعية من القرن الثاني عشر، بالإضافة إلى جدار بيزنطي أقدم، مما يشير إلى استمرارية الاستخدام العسكري للموقع.
التصميم المعماري
على الرغم من أن التفاصيل المحددة عن تصميم القلعة محدودة، إلا أنها كانت تقع على تلة مرتفعة، مما وفر ميزة دفاعية طبيعية. من المحتمل أن تكون القلعة قد تضمنت أبراجًا وجدرانًا سميكة، مشابهة للقلاع الأخرى في المنطقة مثل قلعة حلب. كما أن موقعها على نهر العاصي سمح بإنشاء هياكل مائية مثل الطواحين، التي كانت جزءًا لا يتجزأ من اقتصاد المدينة.
الفترة | السمات المعمارية | المواد المستخدمة | الملاحظات |
---|---|---|---|
العصر البرونزي والحديدي | جدران دفاعية، مبانٍ سكنية | الحجر، الطين | بقايا محدودة بسبب الخراب |
الفترة الإسلامية المبكرة | حمامات، طواحين، ورش صناعية | الحجر، الطوب | ذروة البناء في القرنين 12 و13 |
الفترة البيزنطية | جدار دفاعي | الحجر | اكتشاف جدار أقدم خلال الحفريات |
القطع الأثرية والاكتشافات
كشفت الحفريات في قلعة حماة عن مجموعة واسعة من القطع الأثرية التي توفر نظرة ثاقبة على الحياة اليومية والفنون والتكنولوجيا في المنطقة.
النقوش
تم العثور على عدة كتل حجرية ضخمة تحمل نقوشًا هيروغليفية لوفية من القرن التاسع قبل الميلاد، والتي تُعد من أهم الاكتشافات في حماة. هذه النقوش، المعروفة باسم HAMA 1-4، وُجدت مدمجة في جدران بعض المباني، وتوفر معلومات عن الفترة الحيثية الجديدة. تُعرض هذه القطع الآن في متاحف مثل متحف إسطنبول ومتحف حماة.
المنحوتات
شملت الاكتشافات منحوتات مثل أسود البوابة، التي كانت تُستخدم غالبًا لحماية المداخل في القلاع القديمة. تم نقل هذه المنحوتات إلى متاحف في حماة وحلب وكوبنهاغن. كما تم اكتشاف تمثال أسد كان معروضًا في المتحف الوطني في الدنمارك قبل إعادته إلى سوريا.
الفخار والأشياء اليومية
يعرض قصر العظم، الذي أصبح الآن متحفًا، مجموعة من القطع الأثرية من القلعة، بما في ذلك الفخار، والأدوات، والمجوهرات التي تعود إلى فترات تتراوح من الألفية الخامسة قبل الميلاد إلى الفترة البيزنطية. تشمل هذه القطع تماثيل حيثية وفسيفساء من الأرضيات التاريخية، مما يعكس التنوع الثقافي للمنطقة.
نوع القطعة الأثرية | الفترة | الموقع الحالي | الأهمية |
---|---|---|---|
نقوش لوفية هيروغليفية | القرن 9 ق.م | متحف إسطنبول، متحف حماة | توثيق الفترة الحيثية الجديدة |
أسود البوابة | العصر الحديدي | متاحف حماة، حلب، كوبنهاغن | تعكس الفن والرمزية الدفاعية |
الفخار | الألفية 5 ق.م – الفترة البيزنطية | قصر العظم | يوفر نظرة على الحياة اليومية |
البعثة الدنماركية
كانت البعثة الأثرية الدنماركية إلى حماة، التي أجريت بين عامي 1931 و1938 بدعم من مؤسسة كارلسبرغ، واحدة من أهم المشاريع الأثرية في غرب سوريا الداخلية. بقيادة هارالد إنغولت ولاحقًا إينار فوغمان، ركزت البعثة على حفر تلة القلعة، لكنها شملت أيضًا مواقع في أجزاء حديثة من المدينة.
الحفريات والاكتشافات
كشفت البعثة عن تسلسل طبقي يمتد لنحو 7400 عام، من العصر الحجري الحديث إلى تدمير القلعة على يد تيمورلنك في عام 1401. تضمنت الاكتشافات بقايا من العصر البرونزي والحديدي، بالإضافة إلى هياكل من الفترات الإسلامية المبكرة والوسطى. كما تم العثور على عدد كبير من القطع الأثرية، بما في ذلك الفخار، والنقوش، والمنحوتات، التي تُعرض الآن في المتحف الوطني في كوبنهاغن وقصر العظم في حماة.
المنشورات
نُشرت نتائج البعثة في سلسلة من المجلدات بعنوان “Hama: fouilles et recherches, 1931-1938″، والتي تشمل:
- Hama II.1 – L’architecture des périodes pré-hellénistiques: يركز على الهندسة المعمارية قبل الفترة الهلنستية.
- Hama II.2 – Les objets de la période dite syro-hittite (âge du fer): يوثق القطع الأثرية من العصر الحديدي.
- Hama IV.1 – The Medieval Citadel and Its Architecture: يغطي الهندسة المعمارية من الفتح العربي إلى عام 1401.
تُعد هذه المنشورات مراجع أساسية للباحثين الذين يدرسون الآثار السورية، على الرغم من أن الوصول إليها قد يكون محدودًا بسبب طبيعتها الأكاديمية.
الأهمية
كانت البعثة رائدة في استخدام نهج متعدد التخصصات، حيث جمع بين علم الآثار، والفنون، والتاريخ. ساهمت هذه المنهجية في وضع معيار جديد للبحث الأثري في الشرق الأدنى، مما جعل حماة موقعًا مرجعيًا لفهم تاريخ المنطقة.
التراث المادي والحفظ
تُعد قلعة حماة اليوم رمزًا للتراث الثقافي السوري، على الرغم من أنها في حالة خراب إلى حد كبير. توفر البقايا المعمارية والقطع الأثرية المحفوظة نظرة ثاقبة على تاريخ المنطقة، لكن جهود الحفظ تواجه تحديات كبيرة.
الحالة الحالية
تشير المصادر إلى أن القلعة لم يتبق منها سوى بقايا محدودة، حيث دمر معظم هياكلها بسبب الكوارث الطبيعية والصراعات. ومع ذلك، فإن القطع الأثرية المحفوظة في قصر العظم ومتاحف أخرى توفر دليلاً على أهمية الموقع.
جهود الحفظ
نظرًا للصراع المستمر في سوريا، واجهت جهود الحفظ عقبات كبيرة. ذكرت تقارير أن هناك عمليات حفر غير قانونية في مناطق أثرية أخرى في محافظة حماة، مما يهدد التراث الثقافي. ومع ذلك، تعمل المنظمات الدولية والسلطات المحلية على حماية الموقع وقطعه الأثرية، مع التركيز على توثيق الاكتشافات والحفاظ عليها للأجيال القادمة.
الأهمية الثقافية
تُعد قلعة حماة جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية لسوريا، حيث تعكس تنوع الحضارات التي شكلت المنطقة. يُعتبر الموقع مصدر إلهام للباحثين والسياح على حد سواء، حيث يوفر نافذة على الماضي ويسلط الضوء على مرونة سكان حماة عبر التاريخ.
خاتمة
قلعة حماة هي أكثر من مجرد خراب أثري؛ إنها مستودع للتراث المادي الذي يروي قصة الحضارة الإنسانية في غرب سوريا. من أسسها القديمة في العصر الحجري الحديث إلى تحصيناتها في العصور الوسطى، تجسد القلعة الطبقات الثقافية والتاريخية التي شكلت المدينة. بفضل جهود البعثة الدنماركية، اكتسبنا فهمًا أعمق لهذا الموقع، لكن لا يزال هناك الكثير لاستكشافه. مع استمرار الجهود لحماية هذا التراث، تظل قلعة حماة رمزًا للإرث الدائم لأولئك الذين عاشوا في هذه الأرض.