مدينة كفرزيتا: صمودٌ وتحديات في قلب ريف حماة الشمالي المتغير

محتوى المقالة
مقدمة
تُعد مدينة كفرزيتا إحدى البلدات السورية ذات الأهمية التاريخية والجغرافية، تقع في ريف حماة الشمالي، وقد شهدت تحولات جذرية عبر تاريخها الحديث. اشتهرت تاريخياً بخصوبة أراضيها ووفرة زراعاتها المتنوعة، وحافظت على تراث ثقافي غني. إن الثراء التاريخي والازدهار الزراعي الذي تمتعت به مدينـة كفرزيتا قبل اندلاع الصراع يوفر تبايناً صارخاً مع حالتها المدمرة الراهنة. هذا التباين يسلط الضوء على حجم الخسارة الهائلة والتحدي الإنساني والتنموي العميق الذي تواجهه المدينة، مما يمهد لفهم أبعاد الأزمة التي مرت بها.
يهدف هذا المقال الاحترافي إلى تسليط الضوء على مدينة كفرزيتا من منظور شامل، متناولاً موقعها الإستراتيجي، تاريخها المتأثر بالصراع، التحولات الديموغرافية، واقع البنية التحتية والخدمات، تحديات الحياة الاقتصادية، وجهود إعادة الإعمار، مع الأخذ في الاعتبار أحدث التطورات.
1. الموقع الجغرافي والأهمية الإستراتيجية لمدينـة كفرزيتا
تحديد الموقع الدقيق ضمن محافظة حماة وريفها الشمالي
تقع مدينة كفرزيتا إدارياً ضمن ناحية كفرزيتا في منطقة محردة بمحافظة حماة وسط سوريا. تتميز بموقع جغرافي محدد بإحداثيات 35°21′06″N 36°35′59″E، وتبلغ مساحة الناحية الإدارية التي تتخذ كفرزيتا مركزاً لها حوالي 146.41 كيلومتر مربع.
أهميتها الإستراتيجية خلال الصراع السوري
يُعد ريف حماة الشمالي، بما في ذلك مدينة كفرزيتا، منطقة محاصرة استراتيجياً، حيث تحده من الغرب مناطق موالية للنظام ومن الجنوب قوات النظام المتمركزة على طريق حماة. تشكل مدينة كفرزيتا “آخر المناطق المحررة في عمق الشمال والفاصل بينه وبين المنطقة الوسطى القابعة تحت سلطة النظام”. هذا الموقع جعلها نقطة محورية في المعارك الدائرة، حيث استهدفتها قوات النظام في محاولاتها لاستعادة السيطرة على مناطق الشمال. تقع مدينة كفرزيتا أيضاً بالقرب من مدينة مورك الاستراتيجية، التي تقع على الطريق الدولي M5 (طريق حلب-دمشق)، مما زاد من أهميتها العسكرية كهدف رئيسي في الصراع.
إن التمركز الجغرافي لـ مدينة كفرزيتا كخط مواجهة ومنطقة عازلة استراتيجية يفسر بشكل مباشر شدة وطول أمد الصراع الذي عانت منه، والذي أدى إلى دمارها الواسع وتفريغها من سكانها. موقعها على طرق رئيسية، مثل الطريق الدولي M5، ضاعف من أهميتها العسكرية، متجاوزاً بذلك سياقها المحلي البحت.
القرى والبلدات المحيطة بمدينة كفرزيتا
تضم ناحية كفرزيتا عدة بلدات وقرى تتبع لها إدارياً، منها اللطامنة التي تُعد ثاني أكبر بلدة في الناحية من حيث عدد السكان. من القرى المحاذية لكفرزيتا من الغرب، الطيبة وحلفايا، التي تشكل الحد الفاصل بين الريف الموالي والمناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة. كما تشمل الناحية أيضاً قرى مثل كرناز، العصمان، الجلمة، الجبين، المغير، والشيخ حديد.
2. تاريخ مدينة كفرزيتا: من الازدهار الزراعي إلى “قرية البراميل”
الأنشطة الاقتصادية التقليدية قبل عام 2011
اشتهرت مدينة كفرزيتا تاريخياً بزراعة الفستق الحلبي، البطاطا، والزيتون، الذي يُعتقد أن اسمها مشتق منه. وقد اكتُشفت فيها معاصر لزيت الزيتون تعود إلى الحقبة الرومانية، مما يؤكد عمق تاريخها الزراعي. بالإضافة إلى ذلك، كان يُزرع فيها القطن، الشوندر السكري، القمح، وأنواع مختلفة من البقوليات، فضلاً عن الخضار والفواكه المتنوعة. قبل الثورة، كانت تُقام في مدينة كفرزيتا سوق أسبوعية كل يوم سبت، تُباع فيها الأقمشة والأدوات المنزلية والأطعمة والخضار والفواكه، مما يدل على حيويتها الاقتصادية والاجتماعية.
تأثير الثورة السورية والصراع: التدمير الواسع وحملات القصف
خلال الثورة السورية، لُقِّبت مدينة كفرزيتا بـ«قرية البراميل» في إشارةٍ إلى حملة القصف العنيف بالبراميل المتفجرة التي شنّها نظام الأسد عليها لسنوات طويلة. أدت هذه الحملات إلى دمار شبه كامل للمدينة، “حتى لم يبقَ فيها حجر على حجر”، وأُفرِغت من سكانها بشكل شبه كامل. تُشير تقارير إلى أن مدينة كفرزيتا تعرضت لهجمات بالكلور، مما دفع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لفتح تحقيق في هذه المزاعم.
إن الدمار المنهجي الذي لحق بـ مدينة كفرزيتا عبر البراميل المتفجرة والهجمات الكيميائية المزعومة يتجاوز مجرد العمل العسكري؛ إنه يعكس استراتيجية متعمدة للعقاب الجماعي والتغيير الديموغرافي القسري، بهدف جعل المنطقة غير صالحة للسكن لسكانها الأصليين. هذا يشير إلى تحدٍ طويل الأمد أمام العودة الحقيقية والتعافي، حتى لو تغيرت السيطرة العسكرية.
التحولات في السيطرة العسكرية على مدينة كفرزيتا
شهدت مدينة كفرزيتا تحولات عديدة في السيطرة العسكرية. كانت في فترات سابقة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام وحلفائها ضمن عمليات عسكرية. في مرحلة لاحقة، سيطر الجيش السوري على مناطق استراتيجية شمال مدينة كفرزيتا، مثل تل الصياد، وقام بحصار جيب ريف حماة الشمالي. تشير أحدث التطورات (ديسمبر 2024) إلى هجوم واسع للمعارضة السورية أسفر عن إسقاط نظام الأسد. هذا التغيير الأخير يعيد تشكيل المشهد السياسي والعسكري بشكل كامل في المنطقة.
إن التحول السريع والحديث في السيطرة العسكرية، والذي توج بالانهيار الضمني لنظام الأسد، يعيد تحديد المسار المستقبلي لـ مدينة كفرزيتا بشكل جوهري. التحليلات السابقة المتعلقة بـ “سيطرة النظام” أو “جهود إعادة الإعمار” في ظل النظام السابق أصبحت الآن مجرد سياق تاريخي، مما يسلط الضوء على التقلب الشديد وعدم القدرة على التنبؤ بالصراع السوري، واحتمال أن تشكل الجهات الفاعلة والسياسات الجديدة مستقبل المدينة.
3. التركيبة السكانية والواقع الإنساني في مدينة كفرزيتا
البيانات السكانية قبل الصراع (تعداد 2004)
قبل اندلاع الصراع، بلغ تعداد سكان ناحية كفرزيتا الإدارية 39,302 نسمة حسب التعداد السكاني لعام 2004. تشير التقديرات إلى أن مدينة كفرزيتا نفسها كانت تضم حوالي 30 ألف نسمة قبل عام 2011.
حجم النزوح والتقديرات الحالية للسكان المتبقين والعائدين
شهدت مدينة كفرزيتا نزوحاً شبه كامل لسكانها، حتى أُفرِغت من سكانها بشكل شبه كامل. تُقدر نسبة النزوح بقرابة 90% من السكان إلى المخيمات أو ريف إدلب. في فترة من الفترات، لم يتبقَ في مدينة كفرزيتا سوى حوالي 200 نسمة.
في المقابل، تشير تقارير أحدث إلى عودة 1350 أسرة، أي ما يقارب 7000 شخص، إلى مدينة كفرزيتا بعد تحسن الأوضاع الأمنية نسبياً. كما عادت 127 عائلة بدعم إنساني في قوافل عودة. تقدير آخر لعدد سكان الناحية حالياً هو 17,052 نسمة ، مما يشير إلى انخفاض كبير عن عام 2004، ولكنه أعلى من أرقام النزوح شبه الكامل للمدينة نفسها، مما قد يشير إلى عودة جزئية أو أن الرقم يشمل القرى التابعة للناحية.
إن التباين في الأرقام السكانية يشير إلى عملية عودة ديناميكية، وإن كانت هشة، مدفوعة بارتباط عميق بالأرض على الرغم من الدمار الهائل ونقص الخدمات. هذا يسلط الضوء على الأبعاد النفسية والثقافية للنزوح والعودة، حيث تتفوق الرغبة في العودة إلى الوطن غالباً على التحديات العملية المباشرة.
التحديات الإنسانية والمعيشية التي يواجهها السكان
يعاني ريف حماة، بما فيه مدينة كفرزيتا، من شح الدعم والتهميش في الإغاثة والدعم العسكري. الحياة شبه معدومة في مدينة كفرزيتا بسبب القصف اليومي وتعطل كل مفاصل الحياة المدنية. يعاني السكان العائدون من أضرار كبيرة في البنية التحتية، ومحدودية الموارد المالية لترميم المنازل، ونقص فرص العمل، مما يؤثر سلباً على استقرارهم الاقتصادي. يُفضل الأهالي نصب خيام قرب منازلهم المدمرة على البقاء في المخيمات، مما يعكس الظروف الصعبة في المخيمات والرغبة الشديدة في العودة إلى ديارهم، حتى لو اضطروا للعيش في ظروف قاسية.
جدول 1: مقارنة التعداد السكاني في مدينة كفرزيتا (2004 مقابل التقديرات الحالية)
الفئة | التعداد/التقدير | ملاحظات |
سكان ناحية كفرزيتا (2004) | 39,302 نسمة | تعداد رسمي قبل الصراع |
سكان مدينة كفرزيتا (تقدير ما قبل الصراع) | حوالي 30,000 نسمة | تقدير لمدينة كفرزيتا نفسها |
سكان مدينة كفرزيتا (في أوج النزوح) | حوالي 200 نسمة | تقدير للمتبقين في المدينة بعد الدمار الشديد |
سكان ناحية كفرزيتا (تقدير حالي) | 17,052 نسمة | تقدير حديث للناحية الإدارية |
الأسر العائدة إلى مدينة كفرزيتا (أحدث تقدير) | 1350 أسرة / ~7000 شخص | يشير إلى عودة جزئية للمدينة ومحيطها |
نسبة النزوح (تقدير) | 90% | نسبة النزوح العام من المدينة |
4. البنية التحتية والخدمات: واقع وتحديات إعادة الإعمار في مدينة كفرزيتا
حجم الدمار الذي لحق بالبنية التحتية الأساسية
تعرضت معظم أبنية مدينة كفرزيتا للدمار بفعل العمليات العسكرية المتتالية منذ عام 2011. أكد رئيس مجلس مدينة كفرزيتا أن حجم الدمار في المدينة يتجاوز 90%. توقفت الحياة المدنية بشكل شبه كامل، وتعطلت كل مفاصل الحياة بما في ذلك شبكات المياه والكهرباء والمشافي، وحتى الصيدلية المركزية تم قصفها. لا يزال السكان يعانون من ضعف في الخدمات الأساسية، وعلى رأسها الإنارة العامة. البنية التحتية للمنازل مدمرة وتفتقر القرية للبنية التحتية الأساسية مثل شبكات الصرف الصحي والكهرباء والطرق.
جهود إعادة التأهيل الجزئية والمبادرات المجتمعية
على الرغم من الدمار الواسع، تم تأهيل جزئي لشبكات المياه والكهرباء لتلبية الاحتياجات الأساسية للعائدين. أُعيد افتتاح المركز الصحي الأساسي مع توفير بعض الخدمات الطبية الأولية، وقُدم دعم محدود للمدارس لإعادة فتحها. كما تم حفر بئر الرابية في مدينة كفرزيتا وتجهيز 8 منظومات طاقة شمسية للآبار في ريف حماة الشمالي والغربي. في مبادرة مجتمعية ملحوظة، أطلق أبناء
مدينة كفرزيتا في المهجر مشروعاً لتركيب كاشفات ضوئية تعمل بالطاقة الشمسية عند مدخل المدينة وبعض الطرقات الحيوية، بهدف تعزيز الأمان وتسهيل التنقل ليلاً. تُبذل جهود أيضاً لإزالة الأنقاض من الشوارع الرئيسية والفرعية، حيث تُستخدم الأنقاض لفرش الطرق الترابية وردم الحفر التي خلفتها البراميل المتفجرة والصواريخ، وكذلك لفرش أرضيات المنازل التي يقوم الأهالي بترميمها.
العقبات التي تواجه مشاريع إعادة الإعمار والانتقادات الموجهة لها
على الرغم من بعض الجهود المبذولة، فإن الحاجة لا تزال أكبر بكثير من المتاح، وهناك محدودية في الموارد المالية لترميم المنازل. في سياق مثير للجدل، شن إعلامي موالٍ للنظام السابق هجوماً لاذعاً على حكومته، واصفاً مشاريع إعادة الإعمار لمدينتي كفرزيتا واللطامنة بأنها “كذب” و”حبر على ورق”، حيث المدن خالية من السكان والشوارع متهدمة ومليئة بالركام. يشير هذا النقد إلى أن مشاريع الإعمار قد تُستخدم للترويج السياسي بهدف إعادة اللاجئين، بدلاً من أن تكون جهوداً حقيقية لإعادة الحياة.
إن التناقض بين جهود إعادة التأهيل المحدودة، والتي غالباً ما يقودها المجتمع وتكون فعالة جزئياً، وبين الدمار الشامل والمنهجي، و”إعادة الإعمار” الرسمية التي تُنتقد على أنها مجرد دعاية، يكشف عن فجوة حاسمة في الحوكمة وتسييس للمساعدات الإنسانية. هذا يعني أن التعافي المستدام لـ مدينة كفرزيتا يتطلب معالجة القضايا المنهجية التي تتجاوز مجرد إعادة البناء المادي.
الخاتمة
تُعد مدينة كفرزيتا نموذجاً مصغراً للعديد من البلدات السورية التي عانت ويلات الصراع. فمنذ أن كانت مركزاً زراعياً مزدهراً ونقطة حيوية في ريف حماة الشمالي، تحولت إلى “قرية البراميل” بفعل حملات القصف العنيفة التي أدت إلى دمار واسع ونزوح شبه كامل لسكانها. على الرغم من عودة جزئية لبعض الأسر، فإن المدينة لا تزال تواجه تحديات إنسانية وبنيوية هائلة، حيث الخدمات الأساسية شبه معدومة والدمار يطال أكثر من 90% من مبانيها.
إن الجهود المبذولة لإعادة الإعمار، سواء من خلال المبادرات المجتمعية أو الدعم المحدود من المنظمات، لا تزال بعيدة عن تلبية الاحتياجات الهائلة. كما أن الانتقادات الموجهة للمشاريع الرسمية، التي توصف بأنها مجرد دعاية، تسلط الضوء على ضرورة وجود إرادة حقيقية وغير مسيسة لإعادة الحياة إلى مدينة كفرزيتا وسائر المناطق المتضررة. إن التعافي الحقيقي يتجاوز مجرد إعادة بناء الجدران؛ إنه يتطلب معالجة الأسباب الجذرية للنزاع، وتوفير فرص عمل مستدامة، وضمان عودة آمنة وكريمة للسكان، مع دعم دولي ومحلي فعال وغير مشروط. في ظل التغيرات الأخيرة في السيطرة العسكرية، يظل مستقبل مدينة كفرزيتا مرهوناً بمدى التزام الأطراف الفاعلة ببناء مستقبل مستقر ومزدهر لسكانها الأصليين.
الأسئلة الشائعة
1. أين تقع مدينة كفرزيتا وما هي أهميتها الاستراتيجية؟
الإجابة: تقع مدينة كفرزيتا في ريف حماة الشمالي بسوريا، وتتبع إدارياً لمنطقة محردة. تكمن أهميتها الاستراتيجية في موقعها الذي جعلها خط مواجهة وفاصل بين مناطق سيطرة المعارضة سابقاً ومناطق سيطرة النظام، بالإضافة إلى قربها من الطريق الدولي (M5) الذي يربط حلب بدمشق، مما جعلها هدفاً عسكرياً محورياً خلال الصراع السوري.
2. كيف كانت الحياة الاقتصادية في كفرزيتا قبل اندلاع الصراع عام 2011؟
الإجابة: قبل عام 2011، كانت كفرزيتا مدينة زراعية مزدهرة تشتهر بزراعة الفستق الحلبي، البطاطا، والزيتون، الذي يُعتقد أن اسمها مشتق منه. كما كانت تُزرع فيها محاصيل استراتيجية أخرى مثل القطن والقمح والشوندر السكري. وكانت المدينة تتمتع بحيوية اقتصادية واجتماعية، حيث كان يُقام فيها سوق أسبوعي كل يوم سبت يجذب الباعة والمشترين من المناطق المجاورة.
3. لماذا أُطلق على كفرزيتا لقب “قرية البراميل”؟
الإجابة: أُطلق عليها هذا اللقب بسبب حملات القصف العنيفة والممنهجة بالبراميل المتفجرة التي شنتها قوات النظام السوري عليها لسنوات طويلة. هذا القصف أدى إلى دمار هائل وشبه كامل في البنية التحتية والمباني السكنية، وحوّلها إلى مدينة منكوبة.
4. ما هو حجم الدمار الذي لحق بالبنية التحتية في المدينة؟
الإجابة: لحق بالمدينة دمار هائل، حيث تُقدر نسبته بأكثر من 90% من إجمالي الأبنية. هذا الدمار شمل كل مفاصل الحياة الأساسية، بما في ذلك شبكات المياه والكهرباء، الطرق، المستشفيات، المدارس، والمنازل، مما أدى إلى توقف الحياة المدنية بشكل شبه كامل لفترات طويلة.
5. كيف تأثر الوضع السكاني في كفرزيتا بسبب الصراع؟
الإجابة: تأثر الوضع السكاني بشكل كارثي. قبل الصراع، كان يسكن المدينة حوالي 30,000 نسمة. خلال الصراع، نزح ما يقارب 90% من سكانها، وفي بعض الفترات لم يتبقَ فيها سوى حوالي 200 شخص. ورغم عودة حوالي 7000 شخص في فترات لاحقة، إلا أن هذا الرقم لا يزال أقل بكثير من عدد السكان الأصلي.
6. ما هي أبرز التحديات التي يواجهها السكان العائدون إلى كفرزيتا؟
الإجابة: يواجه السكان العائدون تحديات جسيمة، أبرزها:
- الدمار الهائل: معظم المنازل مدمرة أو متضررة بشدة.
- نقص الخدمات الأساسية: تعاني المدينة من ضعف شديد في خدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والخدمات الصحية.
- تدهور الوضع الاقتصادي: هناك نقص حاد في فرص العمل ومحدودية في الموارد المالية اللازمة لترميم المنازل وإعادة سبل العيش.
- الدعم المحدود: تعاني المنطقة من شح في الدعم الإغاثي والإنساني.
7. هل هناك أي جهود لإعادة الإعمار في المدينة؟
الإجابة: نعم، هناك جهود محدودة لإعادة الإعمار. بعضها مبادرات مجتمعية، مثل قيام أبناء المدينة في المهجر بتركيب إنارة تعمل بالطاقة الشمسية، واستخدام الأنقاض لترميم الطرقات. وهناك أيضاً جهود جزئية من بعض المنظمات لتأهيل شبكات المياه والكهرباء ودعم المراكز الصحية والمدارس. ومع ذلك، تبقى هذه الجهود غير كافية أمام حجم الدمار الهائل.
8. كيف تغيرت السيطرة العسكرية على المدينة خلال الصراع؟
الإجابة: شهدت كفرزيتا تحولات عديدة في السيطرة العسكرية. كانت في فترات تحت سيطرة فصائل المعارضة السورية مثل هيئة تحرير الشام. لاحقاً، تمكن الجيش السوري من السيطرة عليها وعلى محيطها الاستراتيجي. وتشير أحدث التطورات المذكورة في المقال (ديسمبر 2024) إلى هجوم واسع للمعارضة أدى إلى انهيار سيطرة النظام في المنطقة، مما يعيد تشكيل المشهد العسكري والسياسي بشكل كامل.
9. هل تعرضت مدينة كفرزيتا لهجمات بأسلحة كيميائية؟
الإجابة: نعم، يشير المقال إلى أن مدينة كفرزيتا تعرضت لهجمات بغاز الكلور، مما دفع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى فتح تحقيق رسمي في هذه المزاعم.
10. ما هو مستقبل مدينة كفرزيتا في ضوء التطورات الأخيرة؟
الإجابة: مستقبل المدينة يظل غير مؤكد ويعتمد بشكل كبير على الاستقرار السياسي والعسكري في المنطقة. التعافي الحقيقي يتطلب أكثر من مجرد إعادة بناء المباني؛ فهو بحاجة إلى إرادة سياسية حقيقية وغير مسيّسة لإعادة الحياة، وتوفير دعم دولي ومحلي فعال، وضمان عودة آمنة وكريمة للسكان، ومعالجة الأسباب العميقة للنزاع لضمان بناء مستقبل مستقر ومزدهر.
11. كيف يكشف المقال عن التناقض الحاد بين جهود إعادة الإعمار الشعبية والمشاريع الحكومية الرسمية في كفرزيتا، وما هي دلالات هذا التناقض؟
الإجابة: يكشف المقال بوضوح عن فجوة هائلة بين نوعين من “إعادة الإعمار”. النوع الأول هو جهود إعادة التأهيل الجزئية التي يقودها المجتمع المحلي، وهي جهود حقيقية ونابعة من الحاجة الماسة. وتشمل هذه المبادرات تأهيل شبكات المياه والكهرباء بشكل محدود لتلبية احتياجات العائدين الأساسية، وحفر الآبار وتجهيزها بالطاقة الشمسية، ومبادرات ملحوظة مثل مشروع أبناء المدينة في المهجر لتركيب إنارة شمسية لزيادة الأمان. والأهم من ذلك، استخدام الأهالي لأنقاض منازلهم لردم الحفر في الشوارع وفرش الطرقات، مما يعكس إرادة صلبة للتكيف والبقاء.
النوع الثاني هو ما يُطرح كمشاريع “إعادة إعمار رسمية”، والتي ينتقدها المقال بشدة. يستشهد النص بتصريحات إعلامي موالٍ للنظام السابق وصف فيها هذه المشاريع في كفرزيتا واللطامنة بأنها “كذب” و”حبر على ورق”، مشيراً إلى أن المدن كانت لا تزال خالية من السكان ومليئة بالركام. هذا التناقض له دلالات عميقة؛ فهو يشير إلى أن “إعادة الإعمار” الرسمية قد تكون مجرد أداة دعائية وسياسية تهدف إلى تشجيع عودة اللاجئين لأغراض سياسية، بدلاً من كونها جهداً تنموياً حقيقياً. ويكشف هذا عن “فجوة حاسمة في الحوكمة وتسييس للمساعدات الإنسانية”، مما يعني أن التعافي المستدام للمدينة لا يمكن أن يتم عبر وعود لا تترجم على أرض الواقع، بل يتطلب جهوداً صادقة تعالج الدمار الهائل الذي يتجاوز 90%.
12. يصف المقال عودة جزئية للسكان رغم الدمار الشامل. بناءً على النص، حلل العوامل المعقدة التي تدفع السكان للعودة إلى كفرزيتا والتحديات الإنسانية العميقة التي يواجهونها عند عودتهم.
الإجابة: على الرغم من أن المدينة وُصفت بأنها “لم يبقَ فيها حجر على حجر”، يذكر المقال عودة حوالي 1350 أسرة (قرابة 7000 شخص). تحليل النص يوضح أن هذه العودة مدفوعة بعوامل نفسية وثقافية عميقة تتجاوز المنطق العملي. العامل الأول هو الارتباط العميق بالأرض والوطن. يشير المقال إلى أن “الرغبة في العودة إلى الوطن غالباً ما تتفوق على التحديات العملية المباشرة”. ويتجلى هذا بوضوح في حقيقة أن الأهالي يُفضلون نصب خيام قرب منازلهم المدمرة على البقاء في مخيمات النزوح، مما يعكس رغبة شديدة في استعادة الشعور بالانتماء والهوية حتى لو كان ذلك وسط الأنقاض.
العامل الثاني هو الظروف الصعبة في مخيمات النزوح، والتي تدفعهم للعودة رغم كل شيء. ولكن عند عودتهم، يواجهون تحديات إنسانية هائلة. فالحياة “شبه معدومة” بسبب تعطل كل مفاصل الحياة المدنية. يعانون من أضرار جسيمة في البنية التحتية الأساسية مثل شبكات الصرف الصحي والكهرباء والمياه، إلى جانب ضعف الخدمات الطبية والتعليمية. اقتصاديًا، يواجهون نقصاً حاداً في فرص العمل ومحدودية شديدة في الموارد المالية لترميم منازلهم، مما يضعهم في حلقة مفرغة من الفقر والاعتماد على المساعدات الشحيحة في منطقة تعاني من “شح الدعم والتهميش”.
13. استنادًا إلى المقال، تتبع التحول المأساوي لمدينة كفرزيتا من مركز زراعي غني تاريخيًا إلى ما وُصف بـ “قرية البراميل”، موضحًا أبرز مظاهر ازدهارها السابق وطبيعة التدمير الذي تعرضت له.
الإجابة: يرسم المقال صورة شديدة التباين بين ماضي كفرزيتا وحاضرها المدمر. ففي الماضي، كانت المدينة مركزاً زراعياً مزدهراً له جذور تاريخية عميقة، والدليل على ذلك اكتشاف معاصر زيتون تعود للحقبة الرومانية. اشتهرت المدينة بزراعات متنوعة وذات قيمة اقتصادية عالية مثل الفستق الحلبي، البطاطا، الزيتون، القطن، والشوندر السكري. لم تكن مجرد قرية زراعية، بل كانت مركزاً اقتصادياً حيوياً، يتضح ذلك من خلال سوقها الأسبوعي الذي كان يقام كل يوم سبت لبيع مختلف البضائع، مما يدل على استقرارها وازدهارها الاجتماعي والاقتصادي.
التحول المأساوي بدأ مع الصراع السوري، حيث تحولت هذه المدينة الحيوية إلى “قرية البراميل”. هذا اللقب لم يأت من فراغ، بل هو نتيجة لحملة تدمير منهجية استمرت لسنوات. لم يكن التدمير مجرد أضرار جانبية للعمليات العسكرية، بل كان استهدافاً متعمداً، كما يوضح المقال، بهدف “العقاب الجماعي والتغيير الديموغرافي القسري”. طبيعة هذا التدمير كانت شاملة وعنيفة، حيث تم استخدام البراميل المتفجرة التي أدت إلى تسوية أحياء كاملة بالأرض، بالإضافة إلى مزاعم موثقة عن هجمات بالأسلحة الكيميائية (غاز الكلور)، مما جعل المنطقة غير صالحة للحياة بشكل متعمد، وهو ما يمثل ذروة المأساة التي حولت رمز الخصوبة والازدهار إلى رمز للدمار والمعاناة الإنسانية.
14. كيف يوضح المقال أن أزمة كفرزيتا لا يمكن فهمها بمعزل عن محيطها في ريف حماة الشمالي؟ أشر إلى علاقتها بالبلدات المجاورة وكيف تأثرت الناحية الإدارية ككل.
الإجابة: يوضح المقال أن كفرزيتا ليست مجرد نقطة منعزلة، بل هي قلب منطقة مترابطة جغرافياً واستراتيجياً واجتماعياً. فهي مركز “ناحية كفرزيتا” الإدارية التي تبلغ مساحتها حوالي 146 كيلومترًا مربعًا وتضم عدة قرى وبلدات تأثرت مصائرها بشكل مباشر بمصير المركز. أولاً، يذكر المقال بلدات وقرى محيطة بها مثل اللطامنة، التي تعد ثاني أكبر بلدة في الناحية وعانت من مصير مشابه من الدمار، ومورك الاستراتيجية القريبة من الطريق الدولي M5، والتي زاد موقعها من الأهمية العسكرية للمنطقة بأكملها.
كما أن قرى مثل حلفايا غرباً شكلت خط تماس مباشر مع المناطق الموالية للنظام، مما جعل الناحية بأكملها ساحة صراع محتدم. ثانياً، البيانات السكانية الواردة في المقال تؤكد هذا الترابط. فبينما كان عدد سكان ناحية كفرزيتا ككل حوالي 39,302 نسمة في عام 2004، انخفض التقدير الحالي إلى 17,052 نسمة. هذا الانخفاض الهائل لا يعكس نزوح سكان المدينة فقط، بل نزوحاً واسعاً من كافة قرى الناحية، مما يدل على أن الصدمة كانت إقليمية وليست محلية. وبالتالي، فإن حصار “جيب ريف حماة الشمالي” الذي يذكره النص هو حصار للمنطقة ككل، وأي جهود مستقبلية للتعافي يجب أن تتعامل مع الناحية كوحدة متكاملة وليس مع مدينة كفرزيتا بمعزل عن قراها وبلداتها المحيطة.
15. بالنظر إلى التحولات السريعة في السيطرة العسكرية التي ذكرها المقال (وصولاً إلى ديسمبر 2024)، كيف يعيد هذا التطور الأخير تعريف التحديات والفرص المستقبلية لمدينة كفرزيتا؟
الإجابة: يشير المقال بذكاء إلى أن التحول الأخير في السيطرة العسكرية، والمتمثل في “هجوم واسع للمعارضة السورية أسفر عن إسقاط نظام الأسد”، هو تطور جوهري يعيد تشكيل مستقبل المدينة بالكامل. هذا التطور يحول العديد من التحليلات السابقة إلى مجرد “سياق تاريخي”. التحديات السابقة كانت تتمحور حول الصمود في وجه قصف النظام، والتعامل مع الحصار، وانتقاد مشاريع إعادة الإعمار الدعائية التي يطلقها. أما التحديات الجديدة في ظل الواقع الجديد فتتحول لتصبح:
- تحدي الحوكمة والأمن: من سيملأ الفراغ الأمني والإداري؟ هل ستتمكن القوى الجديدة من توفير الاستقرار اللازم لبدء عملية تعافٍ حقيقية؟
- تحدي إعادة الإعمار الحقيقي: لم يعد العائق هو نظام يستخدم الإعمار كدعاية، بل أصبح التحدي هو تأمين الموارد الهائلة اللازمة لإعادة بناء ما دُمر بنسبة 90%، وتأسيس بنية تحتية من الصفر في ظل اقتصاد منهار.
- تحدي المصالحة المجتمعية والعودة السكانية: هل ستكون الظروف الجديدة آمنة بما يكفي لتشجيع عودة شاملة ومستدامة للـ 90% من السكان الذين نزحوا؟
أما الفرص المستقبلية التي يفتحها هذا التحول، فتتمثل في إمكانية بدء صفحة جديدة خالية من القمع الممنهج الذي عانت منه المدينة. هناك فرصة لإطلاق عملية إعادة إعمار حقيقية وغير مسيسة تركز على احتياجات السكان، وفرصة لإعادة بناء النسيج الاجتماعي على أسس جديدة. باختصار، كما يختتم المقال، فإن مستقبل المدينة أصبح مرهوناً “بمدى التزام الأطراف الفاعلة الجديدة ببناء مستقبل مستقر ومزدهر لسكانها الأصليين”، مما ينقل النقاش من الصمود والمقاومة إلى البناء والحوكمة.