تراث مادي

أبواب مدينة حماة: دراسة تاريخية ومعمارية

ملخص: تعد مدينة حماة، بتاريخها العريق وموقعها الإستراتيجي على نهر العاصي، نموذجاً بارزاً للمدن التاريخية التي شهدت تطوراً عمرانياً ودفاعياً مستمراً عبر العصور. تركز هذه المقالة الأكاديمية على “أبواب مدينة حماة”، مستعرضةً تطورها التاريخي، ووظائفها المعمارية والإستراتيجية والاقتصادية، وقائمة بأهم هذه الأبواب ومواقعها، بالإضافة إلى حالتها الراهنة وجهود الحفاظ عليها. تتناول الدراسة التحصينات المبكرة التي تعود للعصور الحجرية، مروراً بالفترات الآرامية والرومانية والبيزنطية، وصولاً إلى العصور الإسلامية، لا سيما العصر الأيوبي الذي شهد نهضة معمارية ودفاعية.

كما تسلط الضوء على المواد الإنشائية المستخدمة والخصائص المعمارية التي عكست الدور المزدوج للأبواب كعناصر دفاعية محصنة ومحاور للتواصل التجاري والاجتماعي. وتختتم المقالة بتقديم لمحة عن البقايا الأثرية المكتشفة وجهود الترميم والتوثيق، مع الإشارة إلى التحديات القائمة في صون هذا التراث المعماري الفريد.

1. المقدمة

أهمية مدينة حماة التاريخية والاستراتيجية عبر العصور

تُعرف مدينة حماة، الواقعة في الجزء الغربي من سوريا، بلقب “أم النواعير” و”مدينة النواعير”، وهي مركز محافظة حماة. يمتد تاريخ هذه المدينة العتيقة لآلاف السنين، حيث كانت موطناً للعديد من الحضارات القديمة، بدءاً من الآراميين وصولاً إلى الرومان والبيزنطيين، وقد تركت كل حضارة بصماتها الواضحة في نسيجها العمراني والثقافي. تُعد حماة من أقدم المدن المأهولة بالسكان في العالم، ويعود تاريخ استيطانها إلى حوالي 5000 سنة قبل الميلاد. يعود اسمها، “حماة”، إلى أصول آرامية وكنعانية، ويعني “الحصن” أو “القلعة”، في إشارة واضحة إلى قلعتها التاريخية التي شكلت نقطة دفاع محورية عبر العصور.

موقع حماة الجغرافي في قلب سوريا على نهر العاصي يجعلها رابع أكبر مدن البلاد. هذا الموقع الإستراتيجي يربط بين الشمال والجنوب السوري، مما حولها إلى محطة رئيسة للقوافل التجارية ونقطة وصل جغرافية بالغة الأهمية على طريق الحرير. إن وجودها في قلب شبكة الطرق التجارية الحيوية، إلى جانب مواردها الطبيعية الغنية مثل نهر العاصي ونواعيرها الشهيرة التي تروي الأراضي الزراعية ، جعلها هدفاً متكرراً للغزوات والصراعات بين القوى المختلفة على مر التاريخ، مثل الحيثيين والفراعنة، والآشوريين، والصليبيين، والمغول.

هذا التعرض المستمر للتهديدات العسكرية، المقترن بأهميتها الاقتصادية والزراعية، فرض ضرورة تطوير مستمر للتحصينات الدفاعية، بما في ذلك الأسوار والأبواب. لم تكن الأبواب في هذا السياق مجرد نقاط عبور، بل كانت عناصر حاسمة في إستراتيجية الدفاع عن المدينة، وتطورت تصميماتها ووظائفها بالتوازي مع تطور أساليب الحرب والتهديدات.

الدور المحوري للأسوار والأبواب في تخطيط المدن الإسلامية وتحصينها

في الحضارة العربية الإسلامية، كانت الأبواب والبوابات جزءاً لا يتجزأ من المنظومة المعمارية والدفاعية للمدن. فقد بُنيت هذه المنشآت الضخمة بهدف تحصين المدن وحمايتها من الغارات والهجمات الخارجية، خاصة خلال العصور الوسطى. وكانت المدن الإسلامية تُحاط بأسوار عالية، مدعمة بالأبراج ومداخل مزودة بتحصينات ضرورية لصد أي اعتداء. كما تمثل الأسوار الأثرية كنزاً ثقافياً وحصناً منيعاً لا يحمي الممتلكات فحسب، بل يوفر أيضاً الأمان للسكان من الهجمات المفاجئة.

ما يميز هذه التحصينات هو أنها لم تكن مجرد عوائق مادية، بل كانت نقاط تحكم حيوية في النسيج الحضري. على سبيل المثال، كان إغلاق أبواب السور ليلاً يضمن أن جميع من بداخل المدينة أو الحي هم من أهلها ، مما يشير إلى وظيفة أمنية داخلية تتجاوز مجرد الدفاع الخارجي. هذا يدل على فهم متطور للتخطيط الحضري الدفاعي، حيث كانت الأبواب بمثابة “نقاط تفتيش” حضرية تنظم حركة الدخول والخروج وتساهم في الأمن الداخلي للمدينة. علاوة على ذلك، كانت القلاع والأبواب الكبيرة غالباً ما تعمل كمراكز للقيادة العسكرية وتنظيم الدفاع. هذا التوازن بين الحماية الخارجية والتحكم الداخلي يؤكد الدور المتعدد الأوجه للأبواب في المدن الإسلامية، بما في ذلك حماة، حيث كانت تعكس فهماً عميقاً لمتطلبات الأمن والتنظيم المجتمعي.

لمحة عن نطاق الدراسة ومنهجيتها في استعراض أبواب حماة

تتناول هذه الدراسة الأكاديمية أبواب مدينة حماة من منظور تاريخي ومعماري شامل. تبدأ بتحليل التطور الزمني لهذه الأبواب، بدءاً من أقدم التحصينات المكتشفة في عصور ما قبل التاريخ، مروراً بالعهود المختلفة التي تركت بصماتها المعمارية على المدينة، وصولاً إلى حالتها الراهنة. تركز المقالة على الوظائف المتعددة التي أدتها هذه الأبواب، من الدفاع العسكري إلى تسهيل التجارة والتواصل الاجتماعي، وكيف عكست مواد البناء والأنماط المعمارية المستخدمة التكيف مع البيئة المحلية والاحتياجات الدفاعية المتغيرة. كما تسلط الضوء على الاكتشافات الأثرية الحديثة وجهود الترميم والتوثيق الجارية، مع الإشارة إلى التحديات التي تواجه صون هذا التراث المعماري الفريد.

2. التطور التاريخي لأسوار وأبواب حماة

حماة في العصور القديمة: نشأة الاستيطان والتحصينات الأولى

العصر الحجري الحديث والنحاسي

شهد تل حماة، الذي يقع عليه جزء كبير من المدينة القديمة، بداية الاستيطان البشري خلال العصر الحجري الحديث (النيوليت). كشفت الحفريات الأثرية في الطبقة M عن بقايا قرية زراعية يعود تاريخها إلى حوالي 6000 قبل الميلاد، تضمنت جدراناً وأرضيات لبيوت سكنية، بالإضافة إلى أول أشكال الفخار المعروفة في الموقع، والتي تسمى “الآنية السوداء المصقولة اللامعة”.

مع الانتقال إلى العصر الحجري النحاسي، أظهرت الطبقتان L و K وجود مجموعة من البيوت السكنية التي كانت محاطة بسور حجري من الجهة الغربية، وقد تعرض هذا السور للحريق في الربع الأخير من الألف الرابع قبل الميلاد. يُعد هذا الاكتشاف لأقدم بقايا من العصر الحجري النحاسي على الجبل الذي كانت عليه القلعة القديمة، والذي تم التنقيب عنه بواسطة علماء آثار دنماركيين بين عامي 1931 و1938، دليلاً قاطعاً على أن مفهوم التحصين والدفاع كان متأصلاً في حماة منذ بواكير الاستيطان البشري.

هذا يشير إلى أن الحاجة إلى الحماية لم تكن مجرد استجابة طارئة لتهديدات معينة، بل كانت جزءاً أساسياً من تطور المدينة عبر آلاف السنين، مما يعني أن الأبواب، كجزء لا يتجزأ من هذه الأسوار، هي امتداد لهذا الإرث الدفاعي القديم، وقد تطورت أشكالها ووظائفها مع تطور المجتمعات والتهديدات التي واجهتها.

الفترات الآرامية، الحيثية، الرومانية، والبيزنطية

يعود اسم “حماة” إلى أصوله القديمة “حَمَثَ” الآرامية والكنعانية، والتي تعني “الحصن”، مما يؤكد على طبيعتها المحصنة منذ القدم. كانت حماة مدينة آرامية مزدهرة حوالي عام 1500 قبل الميلاد، وشهدت صراعات وحروباً بين الممالك السورية الحيثية والفراعنة. بعد سقوط الحيثيين، أسست قبائل آرامية مملكة حماة الآرامية التي امتدت حدودها لتشمل مناطق واسعة.

في زمن السلوقيين، وتحديداً عام 301 ميلادي، تغير اسم المدينة إلى “أبيفانيا” نسبةً للإمبراطور أنطيوخس أبيفانيوس، إلا أن اسمها القديم “حماة” عاد للاستخدام في العصر الروماني. أصبحت حماة جزءاً من مقاطعة سوريا الرومانية في عام 64 قبل الميلاد، واستمرت في الازدهار خلال العصر البيزنطي. يُذكر أن السور الكبير لمدينة حماة بُني في عهد الإمبراطور أناستاسيوس الأول (491-518م) أو الإمبراطور جوستنيان الأول (527-529م)، واستغرق بناءه سنتين. إن تعاقب الحضارات المختلفة على حماة لم يؤدِ فقط إلى تغييرات في الحكم، بل أثر أيضاً بشكل عميق على الهندسة المعمارية الدفاعية للمدينة.

كل حضارة أضافت إلى الطبقات الدفاعية السابقة، مما أدى إلى تراكم الخبرة المعمارية وتنوع الأنماط. هذا يعني أن الأبواب الحالية أو تلك التي اندثرت هي نتاج هذا التراكم الحضاري، وتحمل في طياتها ميزات معمارية من فترات مختلفة، حتى لو تم ترميمها أو إعادة بنائها لاحقاً.

حماة في العصور الإسلامية: البناء والتجديد

الفتح الإسلامي والعصر الأموي والعباسي

في عام 638 أو 639 ميلادي، فتح المسلمون حماة بقيادة أبي عبيدة بن الجراح، وعاد استخدام اسم حماة القديم الذي ظل محافظاً عليه منذ ذلك الحين. خلال العهد الأموي، كانت حماة تتبع إدارة جند حمص، ثم أصبحت تحت حكم جند قنسرين في الفترة العباسية.

شهدت المدينة حدثاً كارثياً في عام 552 هجري (1157 ميلادي) عندما تهدم السور الكبير بفعل زلزال ضخم. إن هذا الزلزال الذي دمر أجزاء من المدينة كان حافزاً رئيساً لإعادة بناء وترميم الأسوار والأبواب. هذا يشير إلى أن الكوارث الطبيعية، بالإضافة إلى الحروب، لعبت دوراً مهماً في تشكيل العمارة الدفاعية للمدينة عبر فترات زمنية مختلفة، مما أدى إلى تجديد وتطوير مستمر. بالتالي، فإن الأبواب الحالية أو الموثقة قد تحتوي على عناصر من فترات بنائية مختلفة بسبب هذه الدورات المتكررة من التدمير وإعادة البناء.

الفترة الأيوبية ودورها في تعزيز التحصينات والتوسع العمراني

في عام 1175 ميلادي، سيطر صلاح الدين الأيوبي على حماة، وأصبحت المدينة تحت الحكم الأيوبي. تميزت الدولة الأيوبية بشكل عام بالتوسع في إنشاء المدارس، ولم تكن حماة استثناءً، مما يدل على اهتمام الأسرة الحاكمة بالعلم والعمران. على سبيل المثال، بنى نور الدين الزنكي جامعاً باسمه في حماة عام 1172 ميلادي بعد الزلزال. كما قام الملك المؤيد أبو الفداء، حاكم حماة الأيوبي ومؤرخها وعالمها المشهور، ببناء جامع أبي الفداء في حي باب الجسر عام 726 هجري (1326 ميلادي)، ويُعد هذا الجامع نموذجاً رائعاً للعمارة الأيوبية في طريقة بنائه وأسلوب زخارفه.

إن الفترة الأيوبية في حماة، التي بدأت بسيطرة صلاح الدين، شهدت استقراراً نسبياً بعد فترات طويلة من الصراعات. هذا الاستقرار، إلى جانب اهتمام الحكام الأيوبيين بالعلم والعمران، أتاح الفرصة لنهضة معمارية ودفاعية كبيرة. لم تكن الأبواب والأسوار التي بنيت أو رممت في هذه الفترة مجرد استجابة لتهديدات خارجية، بل كانت أيضاً تعبيراً عن قوة الدولة وازدهارها الثقافي والحضاري، مما يعكس تلازماً بين الاستقرار السياسي والنهضة العمرانية الدفاعية.

تأثير الحروب الصليبية والغزو المغولي على أسوار المدينة

واجهت حماة هجمات صليبية متكررة، مما يؤكد أهميتها الإستراتيجية. ففي أغسطس 1178 ميلادي، أغارت قوة صليبية على محيط حماة، ولكن الأيوبيين بقيادة ناصر الدين منغوريش بن خمارتجين تمكنوا من صد الغارة وأسر العديد من السجناء الذين أمر صلاح الدين بإعدامهم لاحقاً. كما حاصرت جيوش صليبية المدينة في سنة 573 هجري (1177 ميلادي)، ودارت معارك شديدة على الأسوار، ولكن أهل حماة استطاعوا صدهم وإخراجهم من المدينة.

لم تقتصر التهديدات على الصليبيين؛ فقد تعرضت حماة للنهب من قبل المغول في عام 1260 ميلادي. هذه الهجمات المتكررة من الصليبيين والمغول تبرز الأهمية القصوى للأسوار والأبواب كخط دفاع أول. إن صمود حماة في وجه هذه الهجمات، كما في معركة 1178 ميلادي، يشير إلى فعالية هذه التحصينات وقدرتها على حماية المدينة، حتى لو تعرضت أجزاء منها للدمار المؤقت. هذا يدل على أن الأبواب لم تكن مجرد نقاط عبور، بل كانت ساحات معارك رئيسية، وشكلت تصميماتها الدفاعية، مثل الفتحات المخصصة لرمي السوائل المحرقة والمزاغل لرمي السهام، استجابة مباشرة لهذه التهديدات المستمرة.

التطورات خلال الفترتين المملوكية والعثمانية

بعد فترة وجيزة من سيطرة المماليك عام 1299 ميلادي، عاد الحكم الأيوبي في حماة بتعيين أبي الفدا. انتهت الفترة المزدهرة لحكم المماليك في عام 1516 ميلادي عندما استولى العثمانيون على سوريا، وبذلك خضعت حماة للحكم العثماني. خلال هذه الفترة، استمر البناء والتوسع العمراني، ومن الأمثلة البارزة على ذلك خان أسعد باشا العظم، الذي بني بالقرب من باب البلد عام 1164 هجري (1751 ميلادي).

تتشابه بيوت حماة التي بنيت في الفترة العثمانية مع تلك الموجودة في دمشق وحلب، حيث استخدمت مواد بناء محلية مثل الحجر البازلتي والطين. إن استمرارية بناء التحصينات والمباني، مثل الخانات، في الفترتين المملوكية والعثمانية، يشير إلى الأهمية المستمرة لحماة كمركز حضري. كما أن استخدام مواد البناء المحلية يوضح التكيف المعماري مع الموارد المتاحة في المنطقة، بينما يدل تشابه البيوت مع دمشق وحلب على تبادل الأنماط المعمارية الإقليمية. الأبواب، كجزء من النسيج العمراني، عكست هذه الاستمرارية والتكيف، مما يجعلها دراسة حالة غنية لتأثيرات الفترات التاريخية المختلفة على العمارة المحلية.

3. الوظائف المعمارية والإستراتيجية لأبواب حماة

الدور الدفاعي: التصميم والتحصينات

خصائص العمارة الحربية الإسلامية المطبقة في حماة

تُعد العمارة الحربية الإسلامية بمثابة دروع معمارية ضخمة، أُنشئت بهدف حماية حدود الدولة الإسلامية من مخاطر الغزو والحملات العسكرية. تتخذ هذه العمارة أشكالاً متعددة، بما في ذلك الأسوار والبوابات والأبراج والحصون والقلاع. تتميز القلاع والحصون بتصميمات هندسية متطورة، تشمل الأسوار العالية التي توفر حماية وكثافة، مع فتحات الرماية (المزاغل) التي تسمح للمدافعين بالقتال أثناء تسلق الأعداء، بالإضافة إلى الأبراج المستخدمة لمراقبة المناطق المحيطة وتعزيز قوة الدفاع.

تُعتبر الأبواب جزءاً أساسياً من هذه الأسوار، وتُستخدم في كل من الدفاع والهجوم. فهي مزودة بعناصر دفاعية مثل السقاطات لصب السوائل المحرقة على المهاجمين، والمزاغل لرمي السهام. تُبنى القلاع في مواقع استراتيجية، مثل الآبار والجبال، مما يزيد من قدرتها على صد الهجمات المباغتة. قلعة حماة، على سبيل المثال، تعود إلى العصور الوسطى وتقع على تلة تطل على المدينة ونهر العاصي، مما يوفر لها موقعاً دفاعياً ممتازاً.

إن الأبواب في حماة لم تكن مجرد فتحات في السور، بل كانت عناصر معمارية معقدة ضمن منظومة دفاعية متكاملة. وجود عناصر مثل السقاطات والمزاغل يشير إلى تصميم مدروس لمواجهة التهديدات العسكرية، مما يعكس فهماً عميقاً للهندسة الحربية في العصور الإسلامية. دراسة الأبواب بمعزل عن الأسوار والقلعة المحيطة بها تفقد جزءاً كبيراً من وظيفتها الدفاعية والإستراتيجية؛ فهي تعمل كجزء من شبكة أمنية متكاملة.

مواد البناء المستخدمة في تشييد الأسوار والأبواب

اعتمد المعماري المسلم في بناء التحصينات على المواد المتوفرة في البيئة المحيطة، مثل الأخشاب والأحجار والطمي. تُبنى جدران بيوت حماة، على سبيل المثال، من الحجر البازلتي السميك، وتُستخدم مواد محلية مثل الحجر الكلسي والطين. كما أن مواد البناء في نمط “بيت الغمس” القديم تتكون من الحجر والكلس والطين والتبن، حيث يمنع التبن الطين من التشقق. تُنتج شركة الإسمنت ومواد البناء في حماة حالياً مواد بناء مثل الحجر الكلسي والزرادة والبحص والنحاتة الناعمة، مما يشير إلى توفر هذه المواد تاريخياً.

إن الاعتماد على مواد البناء المحلية مثل الحجر الكلسي، البازلت، الطين، والأخشاب يعكس تكيفاً معمارياً مع الموارد المتاحة في المنطقة. هذا لم يكن فقط خياراً اقتصادياً لتقليل تكاليف النقل، بل كان أيضاً خياراً بيئياً يضمن استدامة البناء ومتانته في مواجهة الظروف المحلية. تصميم الأبواب ومتانتها يعكس فهماً عميقاً لخصائص هذه المواد المحلية وكيفية استخدامها لتحقيق أقصى قدر من الحصانة والدفاع ضد الهجمات والعوامل الطبيعية.

الدور الاقتصادي والاجتماعي: بوابات التجارة والتواصل

تأثير مواقع الأبواب على طرق القوافل والتخطيط الحضري

لم تقتصر وظيفة أبواب المدن التاريخية على الجانب الدفاعي فحسب، بل اكتسبت أهمية كبرى من خلال مواقعها الاستراتيجية على طرق القوافل التجارية المتجهة نحو الأمصار المختلفة. كانت حماة، بفضل موقعها المركزي، محطة رئيسية للقوافل التجارية والطريق الرئيسي للتواصل بين المدن السورية الكبرى، مما جعلها نقطة وصل حيوية على طريق الحرير.

كانت الخانات القديمة في حماة، مثل خان أسعد باشا العظم وخان رستم باشا، تُستخدم لإقامة التجار والمسافرين وتخزين البضائع، مما يؤكد دور المدينة كمركز تجاري نشط. إن الأبواب في حماة كانت محاور حيوية للحياة الاقتصادية والاجتماعية للمدينة. فمواقعها كانت تحدد مسارات التجارة والقوافل، مما جعلها نقاط تحكم للواردات والصادرات. أسماء بعض الأبواب، مثل “باب حمص”، “باب دمشق”، و”باب طرابلس” ، تعكس بوضوح وجهاتها التجارية الرئيسية، مما يؤكد دورها في ربط حماة بالشبكة الاقتصادية الإقليمية. هذا يشير إلى أن الأبواب كانت بمثابة “بوابات اقتصادية” تساهم في ازدهار المدينة من خلال تنظيم التجارة وتسهيل حركة المسافرين، مما يوازن بين الحماية والانفتاح الاقتصادي.

ارتباط الأبواب بشبكات المياه القديمة والنواعير

تُظهر دراسة أبواب حماة أيضاً ارتباطاً وثيقاً بينها وبين البنية التحتية للمياه في المدينة. يقسم نهر العاصي حماة إلى قسمين، الشرقي (الحاضر) والغربي (السوق)، وتُسقى منه البيوت والبساتين والحمامات والمساجد عبر النواعير الشهيرة. النواعير هي آلات مائية دائرية ضخمة ترفع الماء من النهر عبر القناطر إلى البساتين على جانبي النهر.

وجود أبواب مثل “باب النهر” يشير إلى ارتباط مباشر بين الأبواب وموارد المياه الحيوية للمدينة. علاوة على ذلك، كشفت الاكتشافات الأثرية الحديثة عن وجود حجرة أثرية في شارع باب البلد كانت في الأصل منهل ماء يؤدي إلى حجرة لتجميع المياه القادمة عبر الأقنية، والتي كانت تزود الأبنية المجاورة بالمياه العذبة. هذا يؤكد أن الأبواب لم تكن فقط نقاط دخول وخروج للأشخاص والبضائع، بل كانت أيضاً جزءاً من منظومة إدارة المياه المعقدة التي تغذي المدينة. هذا الارتباط يدل على أن الأبواب كانت تقع في مواقع استراتيجية لا تضمن الدفاع فحسب، بل وتسهل الوصول إلى الموارد الحيوية مثل المياه، مما يعكس تخطيطاً حضرياً يراعي الأمن والاستدامة.

4. أبواب حماة: قائمة ووصف

كان لسور مدينة حماة التاريخي عشرة أبواب أصلية، بالإضافة إلى أربعة أبواب أُنشئت لاحقاً مع توسع العمران خارج السور. هذه الأبواب لم تكن مجرد مداخل، بل كانت تعكس وظائفها المتعددة وأهميتها في النسيج الحضري للمدينة.

الأبواب التاريخية الرئيسية (الأصلية)

  1. الباب الغربي: كان يقع في أرض “العشر” في القسم الغربي من السور. ذكره أبو الفداء في تاريخه ضمن حوادث سنتي 957-958 هجري.
  2. باب المغار: كان يقع غربي حي المدينة “الجراجمة”. ذكره أبو الفداء في حوادث سنة 626 هجري، وورد ذكره أيضاً في سجلات المحكمة الشرعية بحماة عام 929 هجري.
  3. باب النهر: سُمي بهذا الاسم لأنه كان يخرج منه الناس إلى نهر العاصي في حي المدينة.
  4. الباب القبلي: يقع جنوب السور. ذكره أبو الفداء في حوادث عام 697 هجري. لم يبقَ من أسوار حماة سوى جدار واحد قائم بالقرب من هذا الباب بطول 25 متراً.
  5. باب العميان: كان يقع في محلة المدينة، وسُمي بذلك لكثرة خروج العميان منه إلى سوق “المنصورية” أو سوق الطويل لشراء حاجياتهم.
  6. باب العدة: يقع جنوبي قلعة حماة قرب مقام “النبي حام”. سُمي بذلك لأن عدة القتال كانت تدخل إلى القلعة منه، مما يدل على وظيفته العسكرية الهامة. ورد ذكره في سجلات المحكمة الشرعية بحماة سنة 969 هجري.
  7. باب الجسر: يقع جنوبي حي “باب الجسر” أو في الجهة الشمالية الغربية. يقع جامع أبي الفداء في محلة باب الجسر.
  8. باب حمص: يقع شرقي “حي الباشورة”. سُمي بذلك لأن من يود السفر إلى “حمص” كان يخرج منه.
  9. باب النصر: موقعه مجهول حالياً، إلا أن أبا الفداء ذكره في تاريخه ضمن حوادث سنة 626 هجري. (تجدر الإشارة إلى أن المعلومات المتوفرة في بعض المصادر عن “باب النصر” في حلب والقاهرة لا تنطبق على باب النصر في حماة، حيث لكل مدينة خصائصها المعمارية والتاريخية الفريدة ).
  10. باب النقفي: يقع شرقي قصر الطيارة عند قبو بين الحيرين. ورد اسمه في تاريخ أبي الفداء أيضاً في كتاباته عن أحداث سنة 691 هجري.

الأبواب التي أُنشئت لاحقاً (نتيجة التوسع العمراني)

مع امتداد العمران في مدينة حماة خارج السور الأصلي، أُقيمت أربعة أبواب جديدة لتلبية احتياجات المدينة المتنامية :

  1. باب العرس: كان أحد أبواب سوق “المنصورية” أو سوق الطويل، وسُمي بذلك لأنه كان يدخل منه إلى أحد فروع السوق الخاص بمتطلبات الأعراس.
  2. باب دمشق: كان يقع في سوق “المنصورية” أو قربه. سُمي بذلك لأن من كان يود السفر إلى “دمشق” كان يخرج منه.
  3. باب طرابلس: يقع في حي “المحالبة”. سُمي بذلك لأن من يود السفر إلى “طرابلس” كان يخرج منه. كان بالأصل قبوًا له باب مغلق تخرج منه الجِمال بالمسافرين.
  4. باب البلد: كان يقع قرب جامع “الملكي” أو جنوب سوق الطويل في الطريق المؤدية إلى ساحة الشهداء. يُذكر أن هذا الباب كان آخر الأبواب المتبقية، وقد زالت معالمه في عام 1960 ميلادي.

إن أسماء الأبواب في حماة ليست عشوائية، بل تعكس وظائفها المحددة، سواء كانت دفاعية (“باب العدة”)، أو مرتبطة بحركة فئة معينة من السكان (“باب العميان”)، أو تشير إلى وجهاتها الجغرافية والتجارية الرئيسية (“باب حمص”، “باب دمشق”، “باب طرابلس”). هذا النمط في التسمية يمنح فهماً أعمق للحياة اليومية، الاقتصاد، والدفاع عن المدينة، ويشير إلى تخطيط حضري عملي ومرتبط بالواقع المعيش. هذه التسميات التاريخية هي بحد ذاتها وثيقة تاريخية تعكس الأهمية الوظيفية لكل باب ودوره في النسيج العمراني للمدينة.

جدول 1: قائمة بأبواب مدينة حماة التاريخية ووظائفها ومواقعها المذكورة

اسم البابالموقع التقريبي (حسب المصادر)الوظيفة/الأهمية المذكورةالفترة التاريخية/المصدر الذي ذكره
الباب الغربيأرض “العشر” (القسم الغربي من السور)مدخل للمدينةأبو الفداء (957-958هـ)
باب المغارغربي حي المدينة “الجراجمة”مدخل للمدينةأبو الفداء (626هـ)، سجلات المحكمة الشرعية (929هـ)
باب النهرمدخل للخروج إلى نهر العاصي في حي المدينةالوصول للمياه والنهر
الباب القبليجنوب السورمدخل للمدينة، بقايا السور قريبة منهأبو الفداء (697هـ)
باب العميانمحلة المدينةمدخل لسوق المنصورية/الطويل لمرور العميان
باب العدةجنوبي قلعة حماة قرب مقام “النبي حام”إدخال عدة القتال إلى القلعة (وظيفة عسكرية)سجلات المحكمة الشرعية (969هـ)
باب الجسرجنوبي حي “باب الجسر” / الجهة الشمالية الغربيةمدخل للمدينة، يقع جامع أبي الفداء بقربه
باب حمصشرقي “حي الباشورة”مدخل للمسافرين إلى حمص
باب النصرموقعه مجهولمدخل للمدينةأبو الفداء (626هـ)
باب النقفيشرقي الطيارة عند قبو بين الحيرينمدخل للمدينةأبو الفداء (691هـ)
باب العرسأحد أبواب سوق المنصورية/الطويلمدخل لفروع السوق الخاصة بمتطلبات الأعراس
باب دمشقسوق المنصورية أو قربهمدخل للمسافرين إلى دمشق
باب طرابلسحي “المحالبة”مدخل للمسافرين إلى طرابلس (كان قبوًا للجمال)
باب البلدقرب جامع “الملكي” / جنوب سوق الطويلمدخل للمدينة (زالت معالمه عام 1960)

5. الحالة الراهنة وجهود الحفاظ

البقايا الأثرية المتبقية من الأسوار والأبواب

للأسف، لم يتبقَ من أسوار حماة التاريخية سوى جدار واحد قائم بالقرب من الباب القبلي، يبلغ طوله حوالي 25 متراً. تشير المصادر إلى أن جميع الأبواب المذكورة قد اندثرت بفعل عوادي الزمن والعوامل البشرية، ولم يبقَ منها إلا القليل. على سبيل المثال، كان باب البلد آخر الأبواب المتبقية، لكن معالمه زالت تماماً في عام 1960 ميلادي.

إن حقيقة أن معظم الأسوار والأبواب قد اندثرت تشير إلى تحديات كبيرة تواجه الحفاظ على التراث المعماري للمدن القديمة. هذا الاندثار ليس فقط نتيجة لعوامل طبيعية مثل الزلازل التي دمرت أجزاء من السور في الماضي ، بل أيضاً لعوامل بشرية مثل التوسع العمراني السريع الذي “يقضم” البيوت والحارات القديمة ، بالإضافة إلى الصراعات الحديثة التي شهدتها المدينة، والتي أدت إلى أضرار جسيمة في المناطق التاريخية. هذا الوضع يؤكد الحاجة الملحة لجهود التوثيق والترميم، ليس فقط للحفاظ على البقايا المادية الشحيحة، بل أيضاً للحفاظ على الذاكرة التاريخية للمدينة التي تتلاشى مع زوال معالمها.

الاكتشافات الأثرية الحديثة المتعلقة بالأبواب

على الرغم من الاندثار الواسع، لا تزال هناك اكتشافات أثرية تسهم في إثراء فهمنا لأبواب حماة. كشفت الفرق الفنية التابعة لمجلس مدينة حماة عن وجود حجرة أثرية ضمن محيط عدة أبنية تاريخية، تعود لحقب زمنية مختلفة تمتد من الفترة العباسية المبكرة حتى الفترة العثمانية المتأخرة. تم هذا الاكتشاف خلال أعمال تنظيم وتحسين شارع باب البلد.

تبين أن هذه الحجرة كانت في الأصل منهل ماء يؤدي إلى حجرة لتجميع المياه القادمة عبر الأقنية، والتي كانت تزود الأبنية المجاورة بالمياه العذبة. هذه الاكتشافات الحديثة تظهر أن هناك طبقات تاريخية غنية لا تزال مدفونة تحت النسيج العمراني الحديث. هذه الاكتشافات لا تساهم فقط في فهم البنية التحتية القديمة للمدينة، مثل شبكات المياه المعقدة التي كانت تغذي السكان، بل أيضاً في إعادة رسم الصورة الكاملة لأهمية الأبواب كجزء من منظومة حضرية أوسع. هذا يؤكد الحاجة إلى المزيد من التنقيبات الأثرية المنهجية، خاصة في المناطق التي كانت تحوي أبواباً، للكشف عن بقايا معمارية قديمة وربطها بالوظائف التاريخية للأبواب، مما قد يكشف عن تفاصيل غير معروفة سابقاً.

مشاريع الترميم والتوثيق الجارية في المدينة القديمة وأثرها على الأبواب

تشهد المواقع الأثرية والتاريخية في مدينة حماة حالياً أعمال ترميم واسعة ومتنوعة، تقوم بها لجنة حماية المدينة القديمة في مجلس مدينة حماة ومديرية آثار حماة. تشمل هذه الأعمال إصلاح وترميم الأسواق والمباني القديمة والحمامات، مثل سوق اللبن الأثري وسوق الطويل وحمام الحلق وسوق برهان.

تتضمن جهود الحفاظ أيضاً جمع كل ما يخص مدينة حماة القديمة من وثائق وصور وخرائط لتكون نواة مرجعية في حال حصول أي تغييرات في المعالم. يقوم فنانون بتوثيق الصور الضوئية بلوحات رسم زيتي ومائي وبالفحم، تشمل الحمامات والبيوت والحارات والمساجد والكنائس والأزقة، وذلك بهدف توثيقها بطريقة تاريخية وفنية بعد التوسع العمراني الذي أخذ يقضم هذه البيوت والحارات. كما يتم إعادة إحياء وترميم الأسواق التاريخية القديمة التي بنيت على شكل أسواق تضم الخانات والجوامع. هناك أيضاً جهود لترميم المساجد القديمة لإعادتها إلى طابعها الأيوبي الأصلي، بما في ذلك القناطر والأبواب.

على الرغم من هذه الجهود المبذولة، فإن التوسع العمراني الحديث والصراعات المستمرة تشكل تحديات كبيرة للحفاظ على التراث. هذه التحديات لا تهدد فقط الوجود المادي للأبواب والأسوار، بل أيضاً الذاكرة الجماعية للمدينة، مما يجعل التوثيق الفني والتصويري ذا أهمية قصوى لتعويض الفقدان المادي. هذا يؤكد أن جهود الحفاظ يجب أن تتجاوز مجرد الترميم المادي لتشمل التوثيق الرقمي، التوعية العامة، وتطوير استراتيجيات مستدامة تدمج التراث في التخطيط الحضري الحديث، مع الأخذ في الاعتبار آثار النزاعات المسلحة على المواقع الأثرية.

6. الخاتمة

ملخص لأبرز النتائج المستخلصة حول أبواب حماة

أظهرت هذه الدراسة أن أبواب مدينة حماة كانت أبعد من مجرد مداخل بسيطة؛ فقد كانت عناصر معمارية ودفاعية واقتصادية واجتماعية حيوية، تعكس تطور المدينة عبر آلاف السنين وتفاعلها المستمر مع التحديات البيئية والعسكرية والحضارية. منذ التحصينات الحجرية الأولى في العصور الحجرية، التي دلت على وعي مبكر بأهمية الدفاع، وحتى الأبواب المعقدة في العصور الإسلامية، تكيفت هذه الهياكل مع التقنيات المعمارية المتغيرة والاحتياجات الدفاعية المتطورة.

تؤكد أسماء الأبواب ووظائفها المحددة على التخطيط الحضري المنظم للمدينة، ودورها كمركز تجاري ودفاعي مهم يربط حماة بالمناطق المحيطة بها. كما كشفت الدراسة عن العلاقة التكافلية بين الأبواب والبنية التحتية للمياه، مما يدل على تخطيط حضري يراعي الأمن والاستدامة. على الرغم من اندثار معظم هذه الأبواب بفعل الزمن والعوامل البشرية، فإن الاكتشافات الأثرية الحديثة، مثل حجرة المياه قرب باب البلد، وجهود التوثيق والترميم الجارية تساهم في إحياء جزء من هذا التراث المفقود وتوفير فهم أعمق للطبقات التاريخية للمدينة.

توصيات للحفاظ على ما تبقى من هذه المعالم التاريخية، وتشجيع المزيد من البحث والتوثيق

لضمان صون هذا التراث المعماري الفريد للأجيال القادمة، تُقدم التوصيات التالية:

  • تعزيز البحث الأثري: يجب إجراء المزيد من التنقيبات المنهجية في المواقع المحتملة للأبواب المندثرة، خاصة في المناطق التي تشهد توسعاً عمرانياً، بهدف إنقاذ أي بقايا أثرية قبل فقدانها بشكل دائم.
  • التوثيق الرقمي ثلاثي الأبعاد: من الضروري إنشاء نماذج رقمية ثلاثية الأبعاد للأبواب المتبقية وتلك التي يمكن إعادة تصورها من الوثائق والصور القديمة. هذا يضمن حفظها للأجيال القادمة كذاكرة بصرية دقيقة، خاصة في ظل التحديات التي قد تمنع الحفاظ المادي.
  • التوعية المجتمعية: تنظيم حملات توعية مكثفة تستهدف المجتمع المحلي بأهمية هذه الأبواب كجزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية للمدينة. يجب تشجيع مشاركة المجتمع المحلي في جهود الحفاظ، وتحويلهم إلى شركاء فاعلين في حماية تراثهم.
  • دمج التراث في التنمية: يجب تطوير خطط حضرية مستدامة تدمج المواقع الأثرية المتبقية في النسيج العمراني الحديث. يمكن أن يشمل ذلك إنشاء مسارات سياحية تعليمية تسلط الضوء على تاريخ الأبواب وأهميتها، مما يعزز السياحة الثقافية ويخلق فرصاً اقتصادية.
  • التعاون الدولي: السعي للحصول على دعم وخبرة المنظمات الدولية المتخصصة في حفظ التراث الثقافي. هذا التعاون يمكن أن يوفر الموارد المالية والتقنية اللازمة لمواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه سوريا في مجال الحفاظ على تراثها الأثري.

الأسئلة الشائعة

1. ما هي الأهمية التاريخية لأبواب مدينة حماة؟
الإجابة: تكمن أهمية أبواب حماة في دورها المزدوج. دفاعياً، كانت جزءاً من منظومة تحصين متكاملة مع الأسوار والقلعة لحماية المدينة من الغزوات المتكررة عبر التاريخ، خاصة من الصليبيين والمغول. واقتصادياً واجتماعياً، كانت بوابات حيوية على طرق القوافل التجارية (مثل طريق الحرير)، تربط المدينة بمراكز تجارية كبرى مثل دمشق وحمص وطرابلس، مما عزز ازدهارها الاقتصادي ونظم الحياة اليومية للسكان.

2. كم عدد أبواب حماة التاريخية، وهل يمكنك ذكر أبرزها؟
الإجابة: كان لمدينة حماة عشرة أبواب أصلية ضمن سورها التاريخي، وأضيفت إليها أربعة أبواب لاحقاً مع توسع العمران. من أبرز الأبواب الأصلية: الباب القبلي (الذي لا يزال جزء من السور قربه)، وباب الجسر (قرب جامع أبي الفداء)، وباب حمص (للمسافرين إلى حمص)، وباب العدة (الذي كانت تدخل منه المعدات العسكرية للقلعة).

3. لماذا كانت الفترة الأيوبية حاسمة في تطوير تحصينات حماة؟
الإجابة: كانت الفترة الأيوبية، بدءاً من سيطرة صلاح الدين الأيوبي، فترة نهضة معمارية ودفاعية كبيرة. فالاستقرار النسبي الذي شهدته المدينة، مقترناً بالتهديدات المستمرة من الصليبيين، دفع الحكام الأيوبيين إلى ترميم الأسوار والأبواب التي تضررت من زلزال عام 1157م وتعزيزها. لم تكن هذه التحصينات مجرد رد فعل عسكري، بل كانت أيضاً تعبيراً عن قوة الدولة الأيوبية وازدهارها العمراني.

4. كيف تعكس أسماء الأبواب طبيعة الحياة في حماة القديمة؟
الإجابة: أسماء الأبواب هي سجل تاريخي بحد ذاتها. فأسماء مثل باب حمص، باب دمشق، وباب طرابلس تشير مباشرة إلى وجهات تجارية رئيسية. وباب العدة يكشف عن وظيفته العسكرية. أما الأسماء الاجتماعية مثل باب العميان (الذي كان يسلكه المكفوفون للسوق) وباب العرس (الذي يؤدي لسوق مستلزمات الأفراح) فتقدم لمحة فريدة عن التنظيم الاجتماعي والحياة اليومية داخل المدينة.

5. ما هي المواد والأساليب المعمارية التي استخدمت في بناء الأبواب والأسوار؟
الإجابة: اعتمد البناء بشكل أساسي على المواد المحلية المتوفرة، مما يعكس تكيفاً مع البيئة. استُخدم الحجر البازلتي والحجر الكلسي في بناء الجدران السميكة، إلى جانب الطين الممزوج بالتبن لضمان تماسكه. أما من الناحية الدفاعية، فقد طبقت فيها خصائص العمارة الحربية الإسلامية، مثل المزاغل (فتحات رمي السهام) والسقّاطات (لصب السوائل الحارقة على المهاجمين).

6. هل ما زالت أبواب حماة موجودة اليوم؟ وما هو مصيرها؟
الإجابة: للأسف، اندثرت جميع أبواب مدينة حماة التاريخية بفعل الزمن والتوسع العمراني والنزاعات. كان باب البلد آخر الأبواب المتبقية، وقد أزيلت معالمه بالكامل عام 1960. كل ما تبقى من السور اليوم هو جدار وحيد يبلغ طوله حوالي 25 متراً بالقرب من موقع الباب القبلي.

7. ما العلاقة التي تربط بين أبواب حماة ونواعيرها وشبكة المياه؟
الإجابة: كان هناك ارتباط وثيق بين الأبواب والبنية التحتية للمياه. فبعض الأبواب مثل باب النهر كانت تؤمن وصولاً مباشراً إلى نهر العاصي. والأهم من ذلك، كشفت حفريات حديثة قرب موقع باب البلد عن حجرة أثرية كانت تعمل كمنهل لتجميع المياه القادمة عبر الأقنية وتوزيعها على الأبنية المجاورة، مما يثبت أن مواقع الأبواب كانت جزءاً من تخطيط حضري متكامل يراعي الأمن وتوفير الموارد الحيوية.

8. هل هناك اكتشافات أثرية حديثة تتعلق بهذه الأبواب؟
الإجابة: نعم، خلال أعمال تنظيم شارع باب البلد، تم الكشف عن حجرة أثرية كانت جزءاً من نظام مائي قديم يعود إلى حقب متعددة من العباسية إلى العثمانية. هذه الحجرة كانت منهل ماء يجمع المياه من الأقنية ويزود المباني المجاورة بها، وهو اكتشاف مهم يلقي الضوء على البنية التحتية المتطورة التي كانت مرتبطة بمواقع الأبواب.

9. ما هي الجهود المبذولة حالياً للحفاظ على هذا التراث؟
الإجابة: تركز الجهود الحالية على محورين رئيسيين: الترميم والتوثيق. تقوم الجهات المختصة بترميم ما تبقى من معالم المدينة القديمة كالأسواق والحمامات. والأهم، في ظل اندثار الأبواب، يتم التركيز على التوثيق عبر جمع الخرائط والصور القديمة، بالإضافة إلى قيام فنانين برسم لوحات للمعالم التاريخية بهدف حفظ ذاكرتها الفنية والتاريخية للأجيال القادمة.

10. ما هي أبرز التحديات التي تواجه الحفاظ على تراث حماة المعماري؟
الإجابة: تتمثل التحديات الرئيسية في التوسع العمراني الحديث الذي أدى إلى هدم الكثير من المعالم التاريخية بما فيها آخر الأبواب، والنزاعات المسلحة التي ألحقت أضراراً جسيمة بالنسيج التاريخي للمدينة. بالإضافة إلى ذلك، يشكل الفقدان المادي لمعظم الأبواب والأسوار تحدياً كبيراً، مما يجعل الحفاظ على ذاكرتها التاريخية عبر التوثيق والبحث الأثري أمراً بالغ الأهمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى