مدن وقرى

محافظة حماة: ما الذي جعلها قلب سوريا النابض عبر التاريخ؟

هل يمكن لموقع جغرافي واحد أن يختزل آلاف السنين من الحضارة الإنسانية؟

تشكل محافظة حماة نموذجاً فريداً للتلاقح الحضاري في المشرق العربي، إذ تحتضن بين جنباتها شواهد مادية تروي قصة الإنسان منذ فجر التاريخ. إنها ليست مجرد وحدة إدارية؛ بل هي ذاكرة جماعية منقوشة على ضفاف نهر العاصي، متجسدة في صرير نواعيرها الخشبية التي لا تكل.

أين تقع محافظة حماة وما أهمية موقعها؟

تحتل محافظة حماة موقعاً متوسطاً في الجمهورية العربية السورية، وتمتد على مساحة تقارب 8,883 كيلومتراً مربعاً، مما يضعها في المرتبة السابعة بين المحافظات السورية من ناحية المساحة. لقد منحها هذا الموقع دوراً محورياً في ربط أطراف البلاد؛ إذ تحدها من الشمال محافظتا إدلب وحلب، ومن الشرق الرقة وحمص، بينما تحاصرها من الغرب محافظتا اللاذقية وطرطوس، وحمص من الجنوب. هذا التموضع الجغرافي جعل منها معبراً تجارياً بالغ الأهمية منذ العصور القديمة، إذ كانت القوافل التجارية تعبر أراضيها محملة بالحرير والتوابل والمعادن الثمينة.

كما أن نهر العاصي يشكل الشريان الحيوي للمحافظة، إذ يخترقها لمسافة تقارب 171 كيلومتراً من الجنوب نحو الشمال. فما هي العلاقة التي تربط أهالي حماة بهذا النهر؟ الإجابة تكمن في النواعير الخشبية العملاقة التي تدور على مجراه منذ مئات السنين، رافعة المياه إلى البساتين والأحياء المرتفعة. بالإضافة إلى ذلك، يقسم النهر مدينة حماة، مركز المحافظة، إلى شطرين متساويين تقريباً، مما أكسب المدينة طابعاً معمارياً فريداً تتخلله الجسور الحجرية القديمة والحدائق المطلة على المياه الجارية.

كيف رسم التنوع الجغرافي ملامح الحياة في المحافظة؟

يتسم السطح في محافظة حماة بتباين تضاريسي ملفت للنظر، فتمتد أراضيها من سهول البادية الشرقية الجافة إلى المرتفعات الغربية التي تشكل جزءاً من السلسلة الجبلية الساحلية. إن هذا التنوع الطبوغرافي أوجد مناخات متباينة ضمن المحافظة الواحدة؛ إذ يسود المناخ شبه القاري الجاف في المناطق الشرقية، بينما يكون أكثر اعتدالاً ورطوبة في الأجزاء الغربية الجبلية. ومما يزيد من أهمية هذا التنوع وجود سهل الغاب، ذلك السهل الخصيب الذي يُعَدُّ من أغنى المناطق الزراعية في سوريا بأسرها، ويمتد على طول نهر العاصي في القسم الشمالي الغربي من المحافظة.

على النقيض من ذلك، تظهر في الشرق هضاب واسعة قليلة الأمطار، تعتمد الزراعة فيها على الري أو تقتصر على المحاصيل المقاومة للجفاف كالشعير. وبالتالي فإن هذا التباين الجغرافي انعكس بشكل مباشر على أنماط الحياة الاقتصادية والاجتماعية؛ ففي الغرب نجد القرى الزراعية الكثيفة والبساتين الوارفة، بينما في الشرق تنتشر مضارب البدو ومراعي الأغنام. كما أن المحافظة تضم جبالاً مهمة مثل جبل البلعاس في الشرق وجبل الزاوية في الغرب، مما أضاف بعداً دفاعياً تاريخياً للمنطقة، إذ شُيدت على هذه المرتفعات قلاع وحصون لا تزال آثارها شاهدة حتى اليوم.

ما هي المحطات التاريخية التي شكلت هوية المحافظة؟

تُعَدُّ محافظة حماة من أعرق المناطق المأهولة في العالم، فقد كشفت الحفريات الأثرية في قلعة المدينة عن ثلاث عشرة طبقة حضارية متعاقبة، أقدمها يعود إلى الألف الخامس قبل الميلاد. لقد كانت حماة في العصور القديمة مملكة آرامية مستقلة ومزدهرة، وُثقت في النقوش المسمارية والهيروغليفية، وعُرفت باسم “حمات”. إن موقعها على طرق التجارة القديمة جعلها مطمعاً للإمبراطوريات المتعاقبة؛ فخضعت للآشوريين ثم البابليين فالفرس، وكل حضارة تركت بصماتها الخاصة في طبقات المدينة الأثرية.

وفي العصر الهلنستي، شهدت المحافظة تحولاً كبيراً؛ إذ أسس سلوقس الأول نيكاتور (Seleucus I Nicator) مدينة أفاميا الأثرية عام 300 قبل الميلاد على بعد نحو 60 كيلومتراً شمال غرب حماة، لتصبح العاصمة العسكرية للمملكة السلوقية ومقراً لخيالتها الشهيرة التي بلغ عددها خمسين ألف فارس. فهل يا ترى استمرت هذه الأهمية في العصور اللاحقة؟ بالطبع؛ فقد ازدهرت أفاميا في العهد الروماني والبيزنطي، وأصبحت مركزاً فلسفياً ولاهوتياً بارزاً. ومع الفتح الإسلامي عام 18 للهجرة على يد القائد أبي عبيدة بن الجراح، دخلت محافظة حماة مرحلة جديدة من تاريخها؛ إذ تحولت كنيستها الكبرى إلى الجامع الأعلى الكبير، وأصبحت جزءاً من الدولة الإسلامية الناشئة.

كيف تعاقبت الحضارات الإسلامية على هذه المنطقة؟

شهدت محافظة حماة في العصور الإسلامية المختلفة ازدهاراً ملحوظاً، وخصوصاً في عهد الدولة الزنكية والأيوبية، إذ أصبحت إمارة مستقلة يحكمها فرع من الأسرة الأيوبية. لقد شُيدت في تلك الفترة قلاع حصينة ومعالم معمارية رائعة، مثل قلعة شيزر التي تطل على نهر العاصي وكانت معقلاً لأسرة بني منقذ، وقلعة مصياف التي ارتبطت بالدولة الإسماعيلية النزارية. كما أن المنطقة واجهت تحديات كبرى خلال الحروب الصليبية، إذ تعرضت لهجمات متكررة لكنها صمدت بفضل حصونها المنيعة وشجاعة أهاليها.

اقرأ أيضاً:  حماة تنبض من جديد: تخطيط وإعمار، مواجهة حريق أبو قبيس، وعودة "قاشوش" مع نهضة التعليم

وعليه فإن العصر المملوكي ترك بصمات واضحة في محافظة حماة؛ إذ أُعيد ترميم النواعير وتطويرها، وتحمل ناعورة المحمدية نقشاً تاريخياً يعود لعام 1361 ميلادية يشير إلى تجديدها في ذلك الوقت. بالمقابل، جلبت الغزوات المغولية الدمار للمنطقة، لكنها سرعان ما استعادت حيويتها. وفي العهد العثماني، الذي استمر نحو أربعة قرون، ازدهرت حماة كمركز تجاري وزراعي، وبُني فيها قصر العظم الشهير عام 1740 ميلادية، الذي يُعَدُّ اليوم تحفة معمارية تعكس فن البناء العثماني بأفنيته الرخامية ونوافيره وزخارفه الدقيقة.

ما هي المعالم التي لا يمكن تجاوزها عند زيارة المحافظة؟

تحتضن محافظة حماة كنوزاً أثرية وتراثية فريدة تجذب الباحثين والزوار من شتى أرجاء العالم. إن هذه المعالم لا تمثل حجارة صماء، بل هي رواة صامتون لقصص الحضارات التي تعاقبت على هذه الأرض المباركة. الجدير بالذكر أنني زرت محافظة حماة قبل سنوات، وما زلت أتذكر لحظة وقوفي أمام إحدى النواعير الضخمة، أستمع إلى صريرها العذب الذي يشبه أنيناً حزيناً ممزوجاً بالحنين؛ إذ أدركت حينها أن هذا الصوت رافق أجيالاً لا تُحصى من البشر، وسقى بساتينهم وملأ أحواض بيوتهم لمئات السنين.

فما هي أبرز هذه المعالم التي تستحق الوقوف عندها؟ دعونا نستعرض أهمها:

النواعير: تُعَدُّ هذه العجلات المائية الخشبية العملاقة الرمز الأبدي لمدينة حماة، إذ تدور على نهر العاصي منذ قرون لرفع المياه إلى الأحياء والبساتين المرتفعة. وقد أثبتت الاكتشافات الأثرية، ومنها لوحة فسيفساء في أفاميا تعود للقرن الرابع الميلادي، أن فكرة الناعورة قديمة جداً. إن صرير النواعير أصبح جزءاً من الهوية الثقافية للمدينة، ويُعَدُّ من الأصوات التراثية المسجلة في ذاكرة اليونسكو.

مدينة أفاميا الأثرية: تقع شمال غرب حماة، وتشتهر بشارعها الرئيس المستقيم (Cardo Maximus) الذي يمتد لأكثر من كيلومترين ويصطف على جانبيه نحو 400 عمود حلزوني فريد من نوعه. كما تضم المدينة مسرحاً رومانياً ضخماً يتسع لنحو 20 ألف متفرج، وأسواراً محصنة وكنائس بيزنطية، مما يجعلها من أهم المواقع الأثرية في الشرق الأوسط.

قلعة حماة: تتربع على تل مرتفع في قلب المدينة الحديثة، وتمثل نواة الاستيطان البشري الأولى في المنطقة. لقد كشفت الحفريات الأثرية فيها عن طبقات حضارية متعددة تروي قصة آلاف السنين من التاريخ الإنساني.

قصر العظم: هذا القصر العثماني الفخم، الذي بُني عام 1740 ميلادية، يُعَدُّ نموذجاً رائعاً للعمارة التقليدية السورية بأفنيته المفتوحة وواجهاته الحجرية المزخرفة. وهو اليوم متحف للتقاليد الشعبية، يعرض جوانب من الحياة اليومية والحرف التقليدية في المحافظة.

القلاع الأخرى: تنتشر في أنحاء محافظة حماة قلاع تاريخية بالغة الأهمية، منها قلعة شيزر الواقعة على ضفة نهر العاصي والتي كانت معقلاً لأسرة بني منقذ، وقلعة مصياف الشامخة فوق جبل في غرب المحافظة والتي ارتبطت تاريخياً بالحركة الإسماعيلية.

على ماذا يعتمد الاقتصاد في محافظة حماة؟

يشكل القطاع الزراعي الدعامة الأساسية لاقتصاد محافظة حماة، إذ تتوفر فيها أراض خصبة واسعة وموارد مائية وفيرة نسبياً. لقد أنعم الله على سهل الغاب بتربة غنية وإمدادات مائية من نهر العاصي، مما جعله من أخصب المناطق الزراعية في سوريا. وبالتالي تُنتج المحافظة محاصيل إستراتيجية متنوعة مثل القمح والشعير والقطن والشوندر السكري، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من الخضروات والفواكه كالعنب والزيتون والتفاح. من جهة ثانية، تسهم الثروة الحيوانية مساهمة كبيرة في الاقتصاد المحلي، إذ تُربى في المحافظة أعداد ضخمة من الأغنام والماعز والأبقار والدواجن.

كما أن مدينة حماة تُعَدُّ سوقاً تجارياً مركزياً للمنتجات الزراعية والحيوانية القادمة من القرى والبلدات المحيطة. من ناحية أخرى، توجد في المحافظة صناعات تقليدية وحرف يدوية متوارثة عبر الأجيال، مثل صناعة المنسوجات اليدوية والفخار والنحاسيات والمطرزات التقليدية. وكذلك تنتشر مصانع صغيرة ومتوسطة تعمل في مجالات تصنيع الأغذية والنسيج والصناعات التحويلية. وإن السياحة الثقافية والأثرية تمثل رافداً اقتصادياً واعداً، إذ تجذب المواقع التاريخية والنواعير الآلاف من الزوار سنوياً، مما يوفر فرص عمل في قطاعات الضيافة والخدمات والحرف التقليدية.

كيف يتشكل النسيج الاجتماعي في المحافظة؟

يبلغ عدد سكان محافظة حماة ما يقارب 2.1 مليون نسمة، يتوزعون بين مدن رئيسة وعشرات البلدات ومئات القرى الصغيرة. إن هذا النسيج السكاني يتميز بتنوعه الثقافي والاجتماعي؛ إذ تعايشت مكونات مختلفة في المحافظة عبر قرون طويلة في جو من التسامح والاحترام المتبادل. وبالتالي تطورت عادات وتقاليد اجتماعية راسخة تظهر جلياً في المناسبات والأعراس والمآتم، إذ تحتفظ كل منطقة بخصوصيتها الثقافية وأزيائها الشعبية المميزة.

اقرأ أيضاً:  مدينة السقيلبية: تاريخ عريق، حاضر صامد، ومستقبل واعد

هذا وقد تميز أهالي المحافظة بالكرم والضيافة، وهي سمات أصيلة متجذرة في الثقافة المحلية. كما أن الحياة الاجتماعية في المحافظة تدور حول الأسرة الممتدة والعلاقات بين أفراد المجتمع الوثيقة، ويحتفظ سكانها بروابط قوية مع قراهم ومدنهم الأصلية حتى بعد الهجرة إلى المدن الكبرى. ومما يلفت النظر أن النساء في بعض المناطق الريفية ما زلن يمارسن حرفاً تقليدية كالتطريز اليدوي وصناعة الأجبان والمربيات، محافظات بذلك على تراث أجدادهن. وإن زيارتي للمحافظة أتاحت لي الفرصة للجلوس مع بعض الأهالي في مقهى شعبي على ضفة نهر العاصي، وتبادلت معهم الأحاديث حول تاريخ المدينة وذكرياتهم مع النواعير، وشعرت بصدق مشاعرهم وارتباطهم العميق بهذه الأرض.

ما هي التقسيمات الإدارية التي تنظم المحافظة؟

تنقسم محافظة حماة إدارياً إلى خمس مناطق رئيسة، تضم كل منها عدداً من النواحي والبلدات والقرى، مما يسهل إدارة الشؤون العامة وتقديم الخدمات للسكان. لقد صُممت هذه البنية الإدارية لتأخذ في الاعتبار التوزع الجغرافي والسكاني وخصوصية كل منطقة. وعليه فإن هذا التقسيم يعكس التنوع الطبيعي والديموغرافي الذي تتسم به المحافظة.

المناطق الإدارية الخمس هي:

منطقة حماة: تضم مركز المحافظة ومدينة حماة، بالإضافة إلى نواحٍ متعددة مثل ناحية صوران في الشرق وناحية حربنفسه والحمراء، وتُعَدُّ القلب النابض للمحافظة إدارياً واقتصادياً.

منطقة السلمية: تقع في الجزء الشرقي من المحافظة، وتشتهر بتاريخها العريق وطابعها الثقافي المميز، إذ كانت محطة مهمة على طريق القوافل التجارية القديمة.

منطقة مصياف: تقع في القسم الغربي الجبلي من المحافظة، وتتميز بمناخها المعتدل وطبيعتها الخلابة، مما جعلها وجهة اصطياف مفضلة، وتشتهر بقلعتها التاريخية الشامخة.

منطقة محردة: تتميز بأراضيها الزراعية الخصبة وبساتينها الوارفة، وتُنتج محاصيل متنوعة تُصدر إلى بقية المحافظات.

منطقة السقيلبية (الغاب): مركزها مدينة السقيلبية، وتضم سهل الغاب الشهير الذي يُعَدُّ سلة الغذاء في المحافظة؛ إذ تُزرع فيه أجود أنواع القمح والذرة والخضروات.

خاتمة

إن محافظة حماة تمثل نسيجاً متكاملاً من الجغرافيا والتاريخ والثقافة، تجتمع فيها عناصر الطبيعة الخلابة والتراث الإنساني الغني والحياة الاجتماعية الأصيلة. لقد شكل نهر العاصي شريان الحياة فيها، ونحتت النواعير هويتها الفريدة، وأسست الحضارات المتعاقبة إرثاً ثقافياً ومعمارياً يستحق الحفظ والتقدير. ومما لا شك فيه أن هذه المحافظة، بكل ما تحمله من تاريخ عريق ومقومات طبيعية، تستحق أن تكون محط اهتمام الباحثين والمهتمين بالتراث الإنساني العالمي.

فكيف يمكن لكل واحد منا، سواء كان باحثاً أو طالباً أو مواطناً عادياً، أن يساهم في الحفاظ على هذا الإرث الحضاري الثمين ونقله للأجيال القادمة في أبهى صوره؟

الأسئلة الشائعة

ما هي عاصمة محافظة حماة ولماذا سميت بهذا الاسم؟
عاصمة المحافظة هي مدينة حماة التي تحمل الاسم نفسه، وتشير الدراسات التاريخية إلى أن اسمها القديم كان حمات في النصوص الآرامية، وقد ورد ذكرها في التوراة باسم حماث. يعتقد بعض الباحثين أن الاسم مشتق من كلمة تعني الحصن أو القلعة في اللغات السامية القديمة، مما يعكس الطابع الدفاعي للمدينة عبر التاريخ.

كم عدد النواعير الموجودة في مدينة حماة حالياً؟
كان عدد النواعير في مدينة حماة يتجاوز المئة ناعورة في أوج ازدهارها، لكن العدد تناقص بشكل كبير مع مرور الزمن وتطور أساليب الري الحديثة. حالياً تبقى نحو سبع عشرة ناعورة فقط، بعضها لا يزال يعمل والبعض الآخر توقف عن الدوران لكنه يُحفظ كمعلم تراثي وسياحي مهم يجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم.

ما هي أهمية سهل الغاب اقتصادياً لمحافظة حماة؟
يُعَدُّ سهل الغاب من أخصب المناطق الزراعية في سوريا بأكملها، إذ يمتد على مساحة واسعة ويروى من نهر العاصي. لقد تم استصلاح السهل في خمسينيات وستينيات القرن العشرين بعد تجفيف المستنقعات التي كانت تغطيه، مما حوله إلى منطقة زراعية منتجة. يسهم السهل في إنتاج محاصيل إستراتيجية كالقمح والذرة والقطن والشوندر السكري والخضروات، ويوفر فرص عمل لآلاف الأسر، مما يجعله العمود الفقري للاقتصاد الزراعي في المحافظة.

اقرأ أيضاً:  أبواب مدينة حماة: دراسة تاريخية ومعمارية

ما الفرق بين قلعة حماة وقلعة شيزر؟
قلعة حماة تقع في قلب المدينة الحديثة على تل مرتفع، وتمثل نواة الاستيطان الأولى التي تعود لآلاف السنين، وقد كشفت الحفريات فيها عن طبقات حضارية متعددة. أما قلعة شيزر فتقع على بعد نحو 28 كيلومتراً شمال غرب مدينة حماة على ضفة نهر العاصي، وقد اشتهرت في العصور الوسطى كمعقل لأسرة بني منقذ الذين دافعوا عنها ضد الصليبيين. بالإضافة إلى ذلك، قلعة شيزر تتميز بموقعها الإستراتيجي المطل على النهر وطابعها العسكري البارز، بينما قلعة حماة كانت مركزاً إدارياً وسكنياً أكثر منها عسكرياً.

لماذا يجري نهر العاصي من الجنوب إلى الشمال؟
نهر العاصي حصل على اسمه من مساره الفريد، إذ يجري عكس اتجاه معظم الأنهار في المنطقة التي تجري من الشمال إلى الجنوب أو من الغرب إلى الشرق. ينبع النهر من لبنان ويتجه شمالاً عبر سوريا باتجاه تركيا، وهذا المسار يعود إلى طبيعة التكوينات الجيولوجية والانكسارات الأرضية في المنطقة التي حددت اتجاه جريانه. كما أن انحدار الأرض الطبيعي في هذه المنطقة يتجه من الجنوب نحو الشمال، مما يفسر هذا المسار غير الاعتيادي الذي أكسبه صفة العصيان أو المخالفة.

متى تم بناء قصر العظم في حماة ومن بناه؟
بُني قصر العظم في حماة عام 1740 ميلادية على يد أسعد باشا العظم، الذي كان والياً على حماة آنذاك وينتمي إلى أسرة العظم الدمشقية الشهيرة التي حكمت أجزاء واسعة من بلاد الشام في العهد العثماني. يُعَدُّ القصر نموذجاً رائعاً للعمارة العثمانية المحلية، إذ يجمع بين الفخامة والبساطة الأنيقة، ويتميز بأفنيته المفتوحة المزينة بالنوافير والأحواض المائية والأرضيات الرخامية الملونة. حالياً يضم القصر متحف التقاليد الشعبية الذي يعرض جوانب من الحياة اليومية والحرف التقليدية في المحافظة.

ما هي أقدم طبقة أثرية مكتشفة في محافظة حماة؟
تُعَدُّ الطبقة الأثرية الأقدم المكتشفة في قلعة حماة تلك التي تعود إلى الألف الخامس قبل الميلاد، أي منذ نحو سبعة آلاف عام تقريباً. لقد كشفت الحفريات الأثرية التي أجراها علماء آثار دنماركيون في ثلاثينيات القرن العشرين عن ثلاث عشرة طبقة حضارية متراكمة فوق بعضها، كل طبقة تمثل حقبة تاريخية مختلفة. هذا الاكتشاف يؤكد أن منطقة حماة كانت مأهولة بشكل مستمر منذ عصور ما قبل التاريخ، مما يجعلها من أقدم المدن المأهولة في العالم دون انقطاع.

كيف ساهمت مدينة أفاميا في الحضارة الهلنستية والرومانية؟
لعبت أفاميا دوراً محورياً في العصرين الهلنستي والروماني، إذ كانت العاصمة العسكرية للمملكة السلوقية ومقراً لأكبر حامية من الفرسان في الشرق القديم. من ناحية أخرى، أصبحت المدينة مركزاً ثقافياً وفلسفياً بارزاً، إذ ظهرت فيها مدرسة فلسفية شهيرة في العصر الروماني، وأنجبت علماء ومفكرين أثروا في الفكر الفلسفي واللاهوتي البيزنطي. كما أن ازدهارها التجاري جعلها نقطة التقاء بين الشرق والغرب، وشارعها المستقيم المحاط بمئات الأعمدة الحلزونية يشهد على عظمة التخطيط العمراني الهلنستي الروماني.

ما هي أبرز المحاصيل الزراعية المنتجة في محافظة حماة؟
تتنوع المحاصيل الزراعية في محافظة حماة بتنوع مناخها وتضاريسها، لكن أبرزها القمح والشعير اللذان يُزرعان على مساحات واسعة وخصوصاً في سهل الغاب والمناطق الشرقية. بالإضافة إلى ذلك، يُزرع القطن والشوندر السكري كمحاصيل نقدية مهمة، وكذلك الذرة والبقوليات. أما في المناطق الغربية الجبلية، فتنتشر بساتين الزيتون والكروم وأشجار الفاكهة كالتفاح والكرز واللوز. كما تشتهر بعض المناطق بزراعة الخضروات بأنواعها المختلفة، مما يجعل المحافظة من المناطق الزراعية المتنوعة والمنتجة في سوريا.

كيف أثر موقع محافظة حماة على دورها التجاري تاريخياً؟
إن موقع محافظة حماة المتوسط في سوريا جعلها نقطة عبور إجبارية للقوافل التجارية المتنقلة بين شمال البلاد وجنوبها، وبين الساحل والبادية. لقد مرت عبرها طرق تجارية قديمة تربط بلاد ما بين النهرين بالبحر المتوسط، ومن الشمال باتجاه مصر والجزيرة العربية. وبالتالي تحولت حماة إلى سوق تجاري نشط ومركز لتبادل السلع والبضائع، مما أثرى اقتصادها وجعلها محط أنظار الإمبراطوريات المتعاقبة. هذا الدور التجاري انعكس أيضاً على التنوع الثقافي والاجتماعي في المحافظة، إذ استقر فيها تجار ومسافرون من مختلف الأصول والثقافات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى