أهمية المعارضة في العملية السياسية بعد سقوط نظام الأسد

شهدت سوريا تحولاً تاريخياً مع سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024، مما أنهى أكثر من خمسة عقود من حكم عائلة الأسد. وفي 29 يناير 2025، تم تعيين أحمد الشرع رئيساً انتقالياً لسوريا خلال مؤتمر انتصار الثورة السورية الذي عُقد في القصر الرئاسي بدمشق. يمثل هذا الحدث نقطة انطلاق لمرحلة انتقالية معقدة، حيث يبرز دور المعارضة كعامل حاسم في تشكيل مستقبل البلاد. تتناول هذه المقالة أهمية المعارضة في العملية السياسية بعد سقوط نظام الأسد، مع التركيز على ردود الفعل تجاه أحمد الشرع كرئيس انتقالي، وتحليل التحديات والفرص التي تواجه الحكومة الانتقالية.
دور المعارضة في سوريا بعد النزاع
في أعقاب حرب أهلية استمرت أكثر من 13 عاماً، أصبحت المعارضة ركيزة أساسية في إعادة تشكيل المشهد السياسي السوري. تشمل المعارضة مجموعة واسعة من الفاعلين، بما في ذلك الجماعات المسـ.ـلحة مثل هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشـ.ـام، والأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني التي قاومت نظام الأسد منذ بداية الثورة في عام 2011. هذه المجموعات، التي كانت في السابق خصوماً للنظام، أصبحت الآن جزءاً من الهيكل الحكومي الجديد، مما يجعل دورها في ضمان الشمولية والشرعية أكثر أهمية من أي وقت مضى.
يُعتبر دور المعارضة حاسماً في عدة جوانب. أولاً، فإنها تمثل مصالح شرائح متنوعة من المجتمع السوري، بما في ذلك الأقليات العرقية والدينية مثل الأكراد، العلويين، والدروز. ثانياً، تعمل المعارضة كآلية لمراقبة الحكومة الانتقالية، مما يمنع تركيز السلطة في يد فصيل واحد. وأخيراً، تساهم المعارضة في تعزيز المصالحة الوطنية من خلال الدفع نحو سياسات تضمن تمثيل جميع السوريين.
ومع ذلك، فإن تركيز السلطة في يد هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشـ.ـام بقيادة أحمد الشرع يثير مخاوف بشأن الشمولية. فقد كانت هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشـ.ـام، التي كانت مرتبطة سابقاً بتنظـ.ـيم القاعـ.ـدة، مدرجة كمنظمة إرهـ.ـابيـ.ـة من قبل دول مثل الولايات المتحدة، مما يعقد شرعيتها دولياً. وفقاً لتقرير معهد الولايات المتحدة للسلام، فإن نجاح الحكومة الانتقالية يعتمد على قدرتها على تبني نموذج حكم شامل يدمج جميع الفصائل المسلحة، بما في ذلك القوات الديمقراطية السورية (SDF) ومجلس السويداء العسكري، في مؤسسات الدولة.
ردود الفعل على تعيين أحمد الشرع
أثار تعيين أحمد الشرع رئيساً انتقالياً ردود فعل متانية داخل سوريا وخارجها. داخلياً، يرحب العديد من السوريين بنهاية حكم الأسد، لكن هناك مخاوف من خلفية الشرع كقائد لهيـ.ـئة تحـ.ـرير الشـ.ـام. وفقاً لتقارير، عبر موالو الأسد وبعض الأقليات، مثل العلويين في الساحل الغربي والدروز في محافظة السويداء، عن قلقهم من احتمال التهميش أو الانتقام. وقد أفادت التقارير عن وقوع صدامات في عام 2025 بين قوات موالية للأسد ومجموعات أخرى، مما يعكس التوترات المستمرة.
على الصعيد الدولي، كانت الردود مختلطة. رحبت دول مثل تركيا وقطر، اللتين دعمتا المعارضة خلال الثورة السورية، بالتغيير، معتبرة إياه فرصة لإعادة تشكيل سوريا. ومع ذلك، تظل دول غربية مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حذرة بسبب سجل هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشـ.ـام في مجال حقوق الإنسان وتصنيفها كمنظمة إرهـ.ـابيـ.ـة. ومع ذلك، فإن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مايو 2025 برفع جميع العقوبات الأمريكية على سوريا، بناءً على طلب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يشير إلى تحول في السياسة الدولية نحو التفاعل مع الحكومة الجديدة.
في خطابه الأول كرئيس انتقالي، تعهد الشرع بملاحقة “المجرمـ.ـين الذين سـ.ـفكوا دمـ.ـاء السوريين” وإصدار “إعلان دستوري” ليكون بمثابة “مرجع قانوني” خلال المرحلة الانتقالية. كما أعلن عن تشكيل مجلس تشريعي مؤقت لإدارة البلاد حتى اعتماد دستور جديد. هذه الخطوات، وفقاً لتقرير هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، تهدف هذه الإجراءات إلى ملء الفراغ السياسي والحفاظ على السلام المدني، لكن نجاحها يعتمد على قدرة الشرع على كسب ثقة السوريين والمجتمع الدولي.
التحديات التي تواجه الحكومة الانتقالية
تواجه الحكومة الانتقالية بقيادة أحمد الشرع تحديات هائلة يمكن تلخيصها في ثلاثة محاور رئيسية: الأمن، الاقتصاد، والسياسة.
الأمن
يُعتبر إقامة الأمن والاستقرار التحدي الأكثر إلحاحاً. بعد سنوات من الحرب، التي أودت بحياة ما يقرب من 1,500,000 شخص وتسببت في نزوح أكثر من 13 مليوناً، تواجه سوريا تحدي دمج الفصائل المسلحة المختلفة في مؤسسات الدولة. وفقاً لتقرير ويكيبيديا، وافقj كل من القوات الديمقراطية السورية بقيادة الأكراد ومجلس السويداء العسكري على الاندماج في مؤسسات الدولة في مارس 2025، مما يمثل خطوة كبيرة نحو الوحدة. ومع ذلك، فإن استمرار التمرد من قبل موالي الأسد ووقوع مجـ.ـ ازر ضد العلويين في الساحل الغربي يشيران إلى استمرار التوترات.
الاقتصاد
اقتصادياً، تعاني سوريا من دمار هائل في البنية التحتية، وفقر متزايد، وأزمة إنسانية حادة. وفقاً لتقرير الأمم المتحدة للاجئين (UNHCR)، يحتاج 16.7 مليون سوري إلى مساعدات إنسانية في عام 2025. إعادة الإعمار تتطلب مليارات الدولارات من المساعدات والاستثمارات الدولية، وهو ما يعتمد على قدرة الحكومة على كسب الشرعية والثقة. قرار الولايات المتحدة برفع العقوبات يمثل فرصة لتحسين العلاقات الاقتصادية، لكن هناك حاجة إلى دعم دولي مستمر.
السياسة
سياسياً، يجب على الحكومة التنقل في المشهد المعقد للمجتمع السوري، الذي ينقسم على أساس طائفي وعرقي وإقليمي. تشكيل حكومة انتقالية في 29 مارس 2025، تضم 23 وزيراً من خلفيات متنوعة، بما في ذلك وزير علوي وآخر درزي، يعكس محاولة لتحقيق الشمولية. ومع ذلك، فإن ضمان تمثيل جميع المجموعات ومنع التهميش يتطلب جهوداً مستمرة.
المحور | التحديات | الفرص |
---|---|---|
الأمن | دمج الفصائل المسلحة، مواجهة التمرد | توحيد القوات تحت مؤسسات الدولة |
الاقتصاد | دمار البنية التحتية، الفقر | دعم دولي، رفع العقوبات |
السياسة | الانقسامات الطائفية والعرقية | تشكيل حكومة شاملة، حوار وطني |
المسار المستقبلي
لتحقيق النجاح، يجب على الحكومة الانتقالية أن تعطي الأولوية للشمولية والمصالحة. ويشمل ذلك التفاعل مع جميع المجموعات المعارضة، والمجتمع المدني، والمجتمعات الأقلية لبناء إجماع حول مستقبل سوريا. المؤتمر الوطني للحوار الذي وعد به الشرع يمثل خطوة واعدة، لكنه يتطلب أن يكون شاملاً وشفافاً لكسب ثقة السوريين.
على الصعيد الدولي، تحتاج سوريا إلى دعم المجتمع الدولي لإعادة الإعمار والاستقرار. وفقاً لتقرير مجموعة الأزمات الدولية، فإن الحكومة الانتقالية تعمل في ظل ضغوط مالية وأمنية، مما يجعل الدعم الدولي ضرورياً لمنع التفكك أو العودة إلى الحـ.ـرب الأهلية. يمكن للولايات المتحدة ودول أخرى أن تلعب دوراً في توجيه العملية الانتقالية من خلال تقديم المساعدات الإنسانية، ودعم إعادة الإعمار، ومساعدة السوريين في محاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب.
يؤكد خبراء من مجلس الأطلسي على أهمية منع التصعيد بين الفصائل المسلحة وحماية الأقليات لتجنب تحول سوريا إلى ملاذ للإرهـ.ـاب. كما يشيرون إلى أن الدعم الخارجي من دول مثل تركيا والأردن وإسرائيل يمكن أن يؤثر على الفصائل التي ستسيطر على العملية السياسية، مما يتطلب دبلوماسية حذرة.
الخاتمة
يُعتبر دور المعارضة في العملية السياسية السورية بعد سقوط نظام الأسد لا غنى عنه. فمن خلال المعارضة، يمكن أن تُسمع أصوات الشعب السوري المتنوع، ويمكن مساءلة الحكومة الانتقالية. مع قيادة أحمد الشرع، تواجه سوريا تحديات هائلة، لكنها تملك أيضاً فرصة لبناء مستقبل جديد. من خلال التعاون بين المعارضة والحكومة، وبدعم من المجتمع الدولي، يمكن لسوريا أن تتجاوز عقوداً من الصراع وتبني دولة مستقرة وعادلة.