العصر الحديث

معركة حماة 2024: كيف تحررت المدينة بيد الثوار وتغيرت خريطة القوى؟

معركة حماة 2024: كيف تحررت المدينة بيد الثوار وتغيرت خريطة القوى؟

1. مقدمة: عودة الديناميكيات إلى سوريا (أواخر 2024)

شهد الصراع في سوريا، الذي استمر لسنوات طويلة، فترة من الجمود النسبي في الديناميكيات، حيث ظلت الجبهات الرئيسية ثابتة إلى حد كبير منذ عام 2011. تميز المشهد بسيطرة مناطق مختلفة من قبل القوات الموالية للحكومة، وفصائل المعارضة، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد). حافظت القوى الدولية الفاعلة مثل روسيا وإيران والولايات المتحدة وتركيا على مشاركة كبيرة، حيث دعمت فصائل مختلفة وسعت لتحقيق مصالحها الإستراتيجية.  

شكلت الفترة أواخر عام 2024 عودة دراماتيكية وغير متوقعة للعمليات العسكرية واسعة النطاق. ففي 27 نوفمبر 2024، أطلق تحالف من فصائل المعارضة السورية، بقيادة غرفة العمليات العسكرية التابعة لهيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام وبدعم من الفصائل المدعومة من تركيا ضمن الجيش الوطني السوري، هجومًا واسع النطاق. استهدف هذا الهجوم مناطق رئيسية كانت تحت سيطرة الحكومة في شمال غرب سوريا، وتحديداً محافظات إدلب وحلب وحماة.  

إن السرعة التي تطورت بها الأحداث في أواخر عام 2024 تشير إلى أن الجمود الظاهري في ديناميكيات الصراع السوري ربما كان قراءة خاطئة للتوترات والاستعدادات الكامنة. فبينما بدت خطوط الجبهة ثابتة، كانت فصائل المعارضة، وخاصة هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام، تمر بتحول داخلي كبير وتخطيط إستراتيجي. منذ عام 2019، طورت هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام عقيدة عسكرية تهدف إلى تحويل المقاتلين غير المنظمين إلى قوة عسكرية تقليدية، بما في ذلك إنشاء وحدات متخصصة للطائرات المسيرة وهيكل قيادة موحد. التعبئة الكبيرة التي بدأت في ريف حلب في أكتوبر 2024، مع استعداد الفصائل لهجوم واسع النطاق لأشهر ، تؤكد أن الهدوء كان خادعًا ويخفي استعدادات مكثفة.  

تكتسب مدينة حماة، الواقعة في وسط سوريا، أهمية إستراتيجية كبيرة بسبب موقعها الجغرافي. فهي بمثابة بوابة إلى مدن رئيسية أخرى، بما في ذلك حمص ودمشق. كان سقوطها سيفتح مسارات حاسمة لمزيد من التقدم ويعطل خطوط الدفاع للنظام السابق. إن الإطلاق المتزامن للهجمات عبر محافظات متعددة (حلب، إدلب، حماة، حمص) من قبل تحالف واسع (هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام، الجيش الوطني السوري، غرفة عمليات الجنوب) يشير إلى تخطيط إستراتيجي وتنسيق متطور، بدلاً من التقدم المعزول. هذا الهجوم متعدد الجبهات كان إستراتيجية متعمدة لإرهاق قوات النظام السابق ومنعها من تركيز دفاعاتها. حقيقة أن غرفة عمليات الجنوب شنت هجومًا متزامنًا تؤكد كذلك هدفًا إستراتيجيًا أوسع، ربما كان يهدف إلى تطويق دمشق من اتجاهات متعددة.  

2. الهجوم المنسق: تحول في الزخم

بدأ الهجوم، الذي أطلق عليه بعض الفصائل اسم “ردع العدوان”، في 27 نوفمبر 2024، بتقدمات أولية في محافظة حلب الشمالية الغربية، حيث تم الاستيلاء على عدة بلدات وقرى. كانت سرعة التقدم ملحوظة، حيث اكتسبت قوات المعارضة الأرض بسرعة وسط انهيار دفاعات القوات الموالية للحكومة.  

كانت القوة الدافعة الرئيسية وراء هذا الهجوم هي هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام، التي قادت غرفة العمليات العسكرية. تلقت هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام الدعم من الفصائل المتحالفة المدعومة من تركيا ضمن الجيش الوطني السوري. بالتزامن مع ذلك، أطلقت فصائل معارضة أخرى، مثل غرفة عمليات الجنوب، هجومها الخاص في جنوب سوريا، مما يدل على جهد أوسع ومتعدد المناطق.  

في غضون أيام من إطلاق الهجوم، دخلت القوات بقيادة هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام وسيطرت على معظم حلب، أكبر مدينة في سوريا، بين 29 نوفمبر و2 ديسمبر 2024. شكل هذا انتصارًا مبكرًا كبيرًا ومهد الطريق للتقدمات اللاحقة. وشملت المواقع الرئيسية الأخرى التي تم الاستيلاء عليها في ريف حلب الشرقي بلدتي خناصر والسفيرة وقاعدة كويرس الجوية العسكرية.  

إن الاستيلاء السريع على حلب، وهي مركز حضري رئيسي، يبرز نجاح جهود هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام السابقة في تحويل قدراتها العسكرية وهيكل قيادتها. فكما هو مذكور، بدأت هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام في عام 2019 بتطوير عقيدة عسكرية تهدف إلى تحويل مقاتليها إلى قوة عسكرية تقليدية، بما في ذلك إنشاء وحدات متخصصة للطائرات المسيرة وتنسيق مع فصائل المعارضة الجنوبية لإنشاء هيكل قيادة موحد. سقوط حلب السريع يظهر أن هذه التطورات الإستراتيجية والتنظيمية كانت فعالة للغاية، مما مكنهم من التغلب على دفاعات النظام السابق بطريقة لم تستطع الهجمات السابقة تحقيقها. هذا يشير إلى قفزة نوعية كبيرة في القدرات العسكرية للمعارضة.  

إن الانهيار السريع للقوات الموالية للحكومة على جبهات متعددة، بما في ذلك خسارة مدينة كبرى مثل حلب، يشير إلى ضعف عميق أو إفراط إستراتيجي في انتشار الجيش التابع للنظام السابق، على الرغم من سنوات من الدعم الخارجي. تشير المعلومات إلى أن روسيا وإيران وحـ.ـزب الله “لم يقدموا مساعدة كبيرة” للجيش العربي السوري خلال هذا الهجوم. هذا النقص في الدعم الخارجي، بالإضافة إلى الخسائر الإقليمية السريعة، يوحي بأن قوات النظام السابق كانت إما ضعيفة بشكل حرج بسبب انخراطها الطويل في الصراع، أو منتشرة بشكل مفرط عبر جبهات مختلفة، أو تفتقر إلى الروح المعنوية والقدرة على تحمل هجوم منسق ومنفذ بشكل جيد دون تدخل خارجي كبير. أعداد الضحايا المرتفعة بين جنود الجيش العربي السوري في أوائل ديسمبر تؤكد هذا الضعف.  

يوضح الجدول التالي التسلسل الزمني للأحداث الرئيسية خلال هجوم المعارضة السورية في أواخر عام 2024:

التاريخالحدث الرئيسيالموقعالأطراف الرئيسية المشاركةالأهمية
27 نوفمبر 2024إطلاق هجوم واسع النطاقشمال غرب سوريا (حلب، إدلب، حماة)غرفة العمليات العسكرية (بقيادة هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام)، الجيش الوطني السوري، غرفة عمليات الجنوببداية تحول كبير في الصراع، هجوم منسق متعدد الجبهات.
29 نوفمبر 2024دخول قوات المعارضة إلى حلبحلبهيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام، مجموعات مدعومة من تركيابداية السيطرة على أكبر مدينة سورية.
30 نوفمبر 2024سيطرة المعارضة على معظم حلبحلبهيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام، مجموعات مدعومة من تركياسقوط مدينة حلب، انتصار إستراتيجي كبير.
30 نوفمبر 2024بدء هجوم حماةحماةهيـ.ـئة تحـ.ـرير الشامفتح جبهة جديدة نحو وسط سوريا.
5 ديسمبر 2024تحرير مدينة حماةحماةهيـ.ـئة تحـ.ـرير الشامنقطة تحول حاسمة، فتح الطريق نحو حمص ودمشق.
6-7 ديسمبر 2024سيطرة المعارضة على تدمرتدمرفصائل المعارضة المدعومة من الولايات المتحدةتقدم نحو وسط سوريا.
7-8 ديسمبر 2024سقوط العاصمة دمشقدمشقغرفة عمليات الجنوب، هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام، الجيش السوري الحرانهيار النظام السابق، نهاية حكم عائلة الأسد.

3. سقوط حماة: لحظة محورية

بعد النجاحات الأولية في حلب، امتد هجوم هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام بسرعة إلى محافظة حماة. بدأ هجوم حماة في 30 نوفمبر 2024. كان التقدم سريعًا، مماثلاً للوتيرة التي شوهدت في حلب. بحلول 3 ديسمبر، تم الإبلاغ عن اشتباكات كبيرة شمال حماة، مع سقوط ضحايا من كلا الجانبين. سقطت مدينة حماة في نهاية المطاف بيد قوات المعارضة في 5 ديسمبر 2024. كان هذا إنجازًا حاسمًا في الحملة الأوسع.  

قاد هجوم حماة بشكل أساسي غرفة العمليات العسكرية بقيادة هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام. بينما التفاصيل المحددة لمعركة حماة أقل تفصيلاً في المعلومات المتاحة، فإن الإستراتيجية العامة للهجوم الأوسع تضمنت تحركات منسقة ومكاسب إقليمية سريعة. ساهم تطوير عقيدة هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام العسكرية، بما في ذلك الوحدات المتخصصة وقدرات الطائرات المسيرة ، على الأرجح في فعالية عملياتها في حماة.  

يشير سقوط حماة السريع خلال حوالي خمسة أيام (30 نوفمبر – 5 ديسمبر) إلى التفكك السريع لدفاعات النظام السابق في المنطقة الوسطى. كانت هذه السرعة سمة مميزة للهجوم بأكمله في أواخر عام 2024.  

لم يكن سقوط حماة السريع مجرد مكسب إقليمي، بل كان فتحًا استراتيجيًا حاسمًا سهل التقدمات السريعة اللاحقة نحو حمص ودمشق في نهاية المطاف. يؤكد الاستعلام أن تحرير حماة “كان له أثر كبير في عملية تحرير سوريا بعدها”. يظهر التسلسل الزمني للأحداث أن حماة سقطت في 5 ديسمبر، تلتها مباشرة تدمر (6-7 ديسمبر) ودمشق (7-8 ديسمبر). هذا التسلسل الزمني، بالإضافة إلى موقع حماة المركزي، يعني أن سقوطها أزال حاجزًا كبيرًا وفتح طريقًا مباشرًا لقوات المعارضة للتقدم جنوبًا، مما أحدث تأثيرًا متسلسلاً أدى إلى تسريع انهيار النظام السابق. لقد حول الصراع من هجوم إقليمي إلى انهيار على مستوى البلاد.  

يشير السقوط السريع لحماة، بعد حلب، إلى أن النظام السابق واجه معضلة مستحيلة في مكان تخصيص موارده المتضائلة، وفشل في النهاية في الحفاظ على النقاط الإستراتيجية الرئيسية. مع إطلاق الهجوم في وقت واحد في حلب وإدلب وحماة ، والسقوط السريع لحلب ، كانت قوات النظام السابق على الأرجح منتشرة بشكل ضعيف ومجبرة على اتخاذ قرارات صعبة بشأن مكان تركيز دفاعاتها. يشير السقوط السريع لحماة إلى أنها لم تتمكن من الدفاع بشكل كاف عن الجبهتين الرئيسيتين، مما أدى إلى فشل متتالٍ. هذا يسلط الضوء على نقطة ضعف إستراتيجية حرجة استغلتها المعارضة بنجاح من خلال هجومها المنسق.  

4. تحويل خريطة القوى: ما بعد حماة

أدى تحرير حماة في 5 ديسمبر 2024 إلى تسريع الانهيار الشامل لسيطرة النظام السابق. بعد حماة، استولت قوات المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة على تدمر في 6-7 ديسمبر. سقطت العاصمة دمشق بيد قوات المعارضة في 7-8 ديسمبر، مما يمثل تتويجًا للهجوم السريع.  

وفقًا لتقارير إعلامية روسية رسمية، غادر الرئيس بشار الأسد دمشق جوًا إلى موسكو، حيث مُنح اللجوء، مما أكد سقوط نظامه. شكل سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر 2024 نهاية لأكثر من خمسين عامًا من حكم عائلة الأسد في سوريا.  

إن سرعة انهيار النظام، من بداية الهجوم إلى سقوط دمشق في ما يزيد قليلاً عن عشرة أيام، تشير إلى هشاشة أعمق داخل هيكل الحكومة السابقة مما كان يُفهم سابقًا. يوضح التسلسل الزمني الدقيق أن الهجوم بدأ في 27 نوفمبر، وسقطت حلب في 2 ديسمبر، وحماة في 5 ديسمبر، وتدمر في 7 ديسمبر، ودمشق في 8 ديسمبر. تؤكد المعلومات أن النظام سقط في 8 ديسمبر بعد “هجوم دام عشرة أيام”. هذا التتابع السريع للأحداث، الذي بلغ ذروته في فرار رئيس الدولة، يوحي بأن التماسك الداخلي للنظام ومرونته العسكرية قد تعرضا لضرر بالغ، ربما أكثر مما توقعه المراقبون الخارجيون أو حتى حلفاؤه. لم يكن حصارًا طويلاً بل انهيارًا سريعًا.  

سيطرت هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام وحلفاؤها على معظم سوريا، باستثناء المناطق الشرقية التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والمناطق الجنوبية في السويداء ودرعا. بالتزامن مع ذلك، سيطرت غرفة عمليات الجنوب على معظم جنوب سوريا ، وبحلول 6 ديسمبر، سيطرت قوات سوريا الديمقراطية على دير الزور في هجوم شرق الفرات. كما وقعت اشتباكات بين الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة والأكراد في شمال شرق سوريا.  

إن الإشارة الصريحة إلى أن روسيا وإيران وحزب الله “لم يقدموا مساعدة كبيرة” خلال الهجوم الأخير هي مؤشر حاسم على تحول في حساباتهم الاستراتيجية أو قدراتهم. لسنوات، كانت هذه الأطراف حاسمة في دعم النظام السابق. غياب دعمهم الكبير خلال الهجوم الحاسم له أهمية بالغة. تشير بعض المعلومات إلى سبب محتمل: “كان هؤلاء الحلفاء متورطين في صراعاتهم الخاصة في أوكرانيا… ولبنان”. هذا يوحي إما بقرار استراتيجي لإعطاء الأولوية لمسارح أخرى، أو سوء تقدير لسرعة الهجوم، أو اختيار متعمد للسماح بسقوط النظام، ربما لاعتباره غير قابل للإنقاذ أو مكلفًا للغاية للحفاظ عليه. هذا عدم التدخل ساهم بشكل مباشر في التحول السريع لخريطة القوى.  

5. الأطراف الرئيسية وأدوارها المتطورة

شهدت خريطة القوى في سوريا تحولاً جذرياً مع صعود فصائل معارضة رئيسية وتغير أدوار القوى الدولية.

5.1 تحليل فصائل المعارضة الرئيسية وتنسيقها

  • هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام: برزت كقوة قيادية، منظمة في ستة ألوية، وقوات خاصة، ووحدات نخبة (“العصـ.ـابات الحمراء”). قادت ما يقدر بنحو 40 ألف مقاتل وسيطرت على معظم سوريا. تطورت عقيدتها العسكرية، لتشمل وحدات الطائرات المسيرة وهيكل قيادة موحد.  
  • الجيش الوطني السوري: تحالف متنوع من الفصائل، بما في ذلك التوجهات الإسلامية وعناصر من الجيش السوري الحر السابق، مدعوم وممول من تركيا. تحالف مع هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام في الهجوم.  
  • غرفة عمليات الجنوب: تحالف معارض سيطر بنجاح على معظم جنوب سوريا بالتزامن مع الهجوم الشمالي.  
  • الجيش السوري الحر: فصيل أصغر، يتمركز بشكل أساسي في قاعدة التنف، ويركز على مكافحة تنظـ.ـيم الدولة الإسـ.ـلامية ويتماشى مع أولويات الولايات المتحدة.  

5.2 وضع واستجابة القوات الحكومية السابقة

انهار الجيش العربي السوري وقوات الدفاع الوطني إلى حد كبير تحت الهجوم المنسق. حوالي 70 ألف من الأفراد العسكريين العلويين السابقين، معظمهم متطوعون، من غير المرجح أن يتم إعادة دمجهم بسبب الاتهامات وقوائم المطلوبين، حيث لجأ العديد منهم إلى الجبال العلوية.  

5.3 مشاركة ومصالح اللاعبين الدوليين خلال هذه الفترة

  • روسيا: قدمت دعمًا كبيرًا للحكومة السابقة ، لكنها لم تقدم مساعدة كبيرة خلال الهجوم الأخير ، ربما بسبب انخراطها في صراعات أخرى. تشمل المصالح الروسية طويلة الأجل إبراز القوة وتسويق المعدات العسكرية.  
  • إيران: متجذرة بعمق في الصراع، وتعتبر بقاء النظام السابق ضروريًا لنفوذها الإقليمي. نشرت الحرس الثوري الإسلامي (IRGC) ودربت العديد من الميليشيات (حـ.ـزب الله، جماعات عراقية وأفغانية). مثل روسيا، لم تقدم مساعدة كبيرة خلال الهجوم الأخير.  
  • تركيا: تدعم الجيش السوري الحر وتستضيف ملايين اللاجئين السوريين. أطلقت عمليات عسكرية لحماية حدودها من الجماعات الكردية ومكافحة التهديدات المتصورة، ودعمت فصائل المعارضة السورية. دعمت الجيش الوطني السوري في الهجوم. تتفاوض تركيا الآن على اتفاقية دفاع مشترك مع دمشق لتوفير غطاء جوي.  
  • الولايات المتحدة: تحتفظ بقوات في شمال شرق سوريا، بشكل أساسي في الحسكة وبالقرب من حامية التنف، مع التركيز على مكافحة تنظـ.ـيم الدولة الإسـ.ـلامية ودعم قوات سوريا الديمقراطية. لم تتدخل مباشرة في الاشتباكات الأخيرة. قامت الولايات المتحدة لاحقًا بإزالة هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام من قائمة الجماعات الأجنبية.  
  • إسرائيل: تركز على مواجهة التهديدات التي تشكلها إيران ووكلاؤها، حيث نفذت مئات الغارات الجوية على قوافل الأسلحة الإيرانية والمواقع العسكرية ومواقع حزب الله. زادت هذه الضربات بعد هجوم حمـ.ـاس في أكتوبر 2023. احتلت إسرائيل معظم محافظة القنيطرة.  

إن قيام الولايات المتحدة بإزالة هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام من قائمة الجماعات الأجنبية وإعادة المملكة المتحدة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع سوريا يشير إلى إعادة تقييم سريعة لشرعية السلطة السورية الجديدة من قبل بعض القوى الغربية، مما قد يمهد الطريق للمشاركة المستقبلية. كانت هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام مصنفة سابقاً على أنها “جماعة مسلحة”.

حقيقة أن الولايات المتحدة أزالت هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية بعد وقت قصير من سقوط النظام (7 يوليو 2025، على الرغم من أن هذا التاريخ مستقبلي، إلا أنه يشير إلى اتجاه) وأن المملكة المتحدة أعادت العلاقات الدبلوماسية (5 يوليو 2025، في ) يشير إلى تحول كبير في التصور والسياسة الدوليين. يمكن تفسير ذلك على أنه اعتراف عملي بالواقع الجديد للسلطة واستعداد محتمل للتعامل مع الإدارة الجديدة، ربما لتحقيق الاستقرار في المنطقة أو لمواجهة نفوذ آخر. هذا يشير إلى تحول من الإدانة المطلقة إلى الاعتراف المشروط أو المشاركة.  

إن سقوط النظام السابق، إلى جانب عدم تدخل حلفائه التقليديين، يخلق فراغًا وفرصًا لإعادة تنظيم جيوسياسي جديد، لا سيما بالنسبة لتركيا وربما حتى الولايات المتحدة. إن عدم التدخل الإستراتيجي لروسيا وإيران يغير بشكل أساسي رقعة الشطرنج الجيوسياسية في سوريا. تشير المعلومات إلى أن تركيا تتفاوض على “اتفاقية دفاع مشترك مع دمشق لتوفير غطاء جوي وحماية عسكرية” وبدأت في اتخاذ خطوات للسيطرة على وإعادة بناء قواعد جوية.

هذا يشير إلى طموح تركيا لملء جزء من الفراغ الذي خلفه الدور العسكري الروسي المتراجع وتوسيع نفوذها، لتصبح على الأرجح ضامنًا أمنيًا رئيسيًا للدولة السورية الجديدة. إن استمرار الوجود الأمريكي ودعمه لقوات سوريا الديمقراطية ومشاركته المحتملة مع الحكومة الجديدة (مما يشير إليه رفع العقوبات والتحولات الدبلوماسية في ) يشير إلى مشهد معقد ومتطور حيث ستظهر شراكات وتنافسات جديدة.  

يوضح الجدول التالي الأطراف الرئيسية في سوريا ومناطق نفوذها قبل وبعد هجوم أواخر عام 2024:

الفصيلالولاء/الدعم الرئيسيالنفوذ قبل الهجوم (وصف موجز)النفوذ بعد الهجوم (وصف موجز/أراضي)
القوات الحكومية السابقةروسيا/إيرانسيطرة على دمشق، حمص، حماة، حلب، مناطق واسعة من وسط وجنوب سوريا.انهيار السيطرة، خسارة معظم الأراضي الرئيسية بما في ذلك العاصمة.
هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشامسيطرة رئيسية على إدلب وأجزاء من ريف حلب وحماة.سيطرة على معظم سوريا (باستثناء مناطق قسد والجنوب)، القوة المهيمنة.
الجيش الوطني السوري مدعوم من تركياسيطرة على مناطق في شمال حلب وريفها.تحالف مع هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام في الهجوم، حافظ على نفوذه في الشمال.
قوات سوريا الديمقراطية مدعومة من الولايات المتحدة/فرنساسيطرة على شمال شرق سوريا (مناطق ذات غالبية كردية وعربية).سيطرت على دير الزور شرق الفرات، حافظت على نفوذها في الشمال الشرقي، استمرار الاشتباكات مع القبائل العربية والقوات التركية.
غرفة عمليات الجنوبسيطرة على أجزاء من درعا والسويداء.سيطرت على معظم جنوب سوريا (درعا والسويداء).
جيش سوريا الحر مدعوم من الولايات المتحدةتمركز في قاعدة التنف.حافظ على تمركزه في التنف، نسق مع وزارة الدفاع الجديدة.
اللواء الثامنفصيل كبير في درعا.أعلن حل نفسه ودمج أفراده وأصوله في وزارة الدفاع الجديدة.
كتلة السويداءفصائل درزية رئيسية في السويداء.لا تزال خارج إطار الدمج في وزارة الدفاع الجديدة.

يوضح الجدول التالي أدوار ومصالح اللاعبين الدوليين في سوريا في أواخر عام 2024:

اللاعب الدوليالمصالح الإستراتيجية الرئيسيةالدور قبل الهجومالدور أثناء/بعد الهجوم
روسياالنفوذ الإقليمي، تسويق المعدات العسكرية، دعم النظام السابق.دعم عسكري كبير للنظام السابق (ضربات جوية).عدم تقديم مساعدة كبيرة للنظام السابق خلال الهجوم الأخير، ربما بسبب انشغالات أخرى.
إيرانالنفوذ الإقليمي، دعم النظام السابق، بناء “محور المقاومة”.نشر الحرس الثـ.ـوري الإيراني، تدريب ميليشيات موالية.عدم تقديم مساعدة كبيرة للنظام السابق خلال الهجوم الأخير، استمرار الضربات الإسرائيلية على مواقعها.
تركياأمن الحدود (مكافحة الجماعات الكردية)، طموحات إقليمية، دعم المعارضة.عمليات عسكرية في الشمال، دعم فصائل المعارضة (الجيش الوطني السوري).دعم الجيش الوطني السوري في الهجوم، التفاوض على اتفاق دفاع مشترك مع دمشق الجديدة.
الولايات المتحدةمكافحة تنظـ.ـيم الدولة الإسـ.ـلامية، دعم قوات سوريا الديمقراطية، مواجهة النفوذ الإيراني.وجود عسكري في شمال شرق سوريا، دعم قوات سوريا الديمقراطية.لم تتدخل مباشرة، استمرار دعم قوات سوريا الديمقراطية، رفع هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام من قائمة الجماعات الأجنبية.
إسرائيلمواجهة التهديدات من إيران ووكلاؤها.مئات الغارات الجوية على أهداف إيرانية ومواقع حزب الله.استمرار وزيادة الضربات الجوية على مواقع إيرانية وسورية، احتلال معظم محافظة القنيطرة.

6. المشهد ما بعد النظام: خطوات أولية نحو نظام جديد

مباشرة بعد سقوط النظام السابق في 8 ديسمبر 2024، بدأ أحمد الشرع، الرئيس المؤقت لسوريا، جهودًا لتشكيل جيش وطني موحد، وتفكيك الفصائل القائمة، ومركزة جميع الأسلحة تحت سلطة الدولة. تم الإعلان عن اتفاق في 25 ديسمبر 2024، لجميع الفصائل المسلحة لحل قواتها ودمجها تحت وزارة الدفاع. مُنح أفراد رئيسيون مقربون من الشرع مناصب عسكرية عليا.  

الهدف هو إنشاء جيش وطني جديد بهيكل قيادة مركزي، يضم مقاتلين من أكثر من 60 فصيلاً مختلفاً وضباطاً سابقين في الجيش السوري. سيتم إلغاء التجنيد الإجباري. تم إصدار “مدونة السلوك العسكري والانضباط” في 30 مايو 2025، لتنظيم سلوك الأفراد العسكريين، مع التركيز على الانضباط وسيادة القانون والالتزام بالمعايير الأخلاقية.  

إن الانتصار العسكري السريع تحول فوراً إلى مهمة معقدة وربما أكثر تحديًا تتمثل في التوحيد السياسي وبناء الدولة، وهو ما يبرزه الخطة الطموحة ولكن المحفوفة بالمخاطر لتوحيد الفصائل المسلحة المتباينة. تفاصيل الخطط لتشكيل الجيش ليست مجرد مهام إدارية؛ بل هي أساسية لإقامة دولة جديدة. التحديات المذكورة (الاختلافات الأيديولوجية، الانقسامات الفصائلية، ندرة الموارد) تسلط الضوء على الطبيعة التجريبية لهذا المسعى.

هذا الانتقال من عدو مشترك إلى حكم داخلي يكشف عن تناقض حاسم: فالترابط العسكري ضد خصم مشترك لا يترجم تلقائيًا إلى وحدة سياسية أو إدارة حكومية فعالة. الخطة المفصلة لتشكيل الجيش “على مراحل” و”التحديات التي تواجه تشكيل جيش موحد” تؤكد أن الجزء الصعب قد بدأ للتو، بالانتقال من العمليات العسكرية إلى الهندسة السياسية والاجتماعية المعقدة.  

6.1 التحديات في تشكيل هيكل عسكري وطني موحد

  • الحفاظ على وحدة هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام: قد تتصادم التحولات السياسية السريعة التي يقوم بها الشرع وتنازلاته لكسب الشرعية الدولية مع القاعدة المتشددة لهيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام، خاصة فيما يتعلق بدمج المقاتلين الأجانب.  
  • الاختلاف في الأيديولوجيات والانتماءات الخارجية: تشكل الأسس الأيديولوجية والسياسية المتنوعة للفصائل المسلحة (التيارات الإسـ.ـلامية، القومية، الطائفية، العرقية) تحديًا أساسيًا للاندماج الحقيقي والعقيدة الموحدة.  
  • الانقسامات الفصائلية المتأصلة: يعتقد كل فصيل أنه لعب دورًا محوريًا في سقوط النظام، مما يشكل توقعاتهم فيما يتعلق بالوضع والتسلسل الهرمي وتخصيص الموارد داخل الجيش الجديد.  
  • ندرة الموارد والتمويل: ورثت الإدارة الجديدة وضعًا عسكريًا واقتصاديًا مزريًا، مما يجعل من الصعب تمويل جيش حديث. قد تفرض الأطراف الدولية شروطًا على الإنفاق العسكري.  
  • دمج المقاتلين الأجانب: تم التوصل إلى اتفاق لدمج المقاتلين الأجانب في “الفرقة 84” الجديدة مع إجراءات فحص صارمة، وتتكون بشكل أساسي من قادة ومقاتلين من منطقة تركستان والشيشان ودول شرق آسيا.  

6.2 الديناميكيات السياسية والأمنية الناشئة

يهيمن على المشهد العسكري الآن عدة كتل تحتاج الحكومة الجديدة إلى دمجها، بما في ذلك هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام، والجيش الوطني السوري، وقوات سوريا الديمقراطية، والجيش السوري الحر، واللواء الثامن (الذي حل نفسه واندماج)، وكتلة السويداء (لا تزال خارج إطار الدمج). تجري المفاوضات لدمج قوات سوريا الديمقراطية، التي تسيطر على حوالي ثلث الأراضي السورية وتتمتع بدعم أمريكي وفرنسي قوي.  

إن الاختلافات الأيديولوجية المتأصلة، والانقسامات الفصائلية المتأصلة، ووضع أفراد النظام السابق والمقاتلين الأجانب تخلق أرضية خصبة للصراعات الداخلية المستقبلية وتجدد محتمل للنزاع داخل الدولة السورية الجديدة. تشير المعلومات إلى “الاختلاف في الأيديولوجيات والانتماءات الخارجية” و”الانقسامات الفصائلية المتأصلة” كتحديات رئيسية.

كما أن وجود عدد كبير من “الأفراد العسكريين العلويين السابقين” الذين “من غير المرجح أن يتم إعادة دمجهم” والذين “غير منظمين، مع لجوء العديد منهم إلى الجبال العلوية”، وتوقع بعض المحللين أنهم قد “يعيدون تنظيم صفوفهم ويشنون هجمات” ، يشير إلى تهديد داخلي كبير لم يتم حله. إن الدمج المعقد للمقاتلين الأجانب في فرقة محددة (الفرقة 84) يحمل أيضًا مخاطر الاحتكاك الداخلي أو التدقيق الخارجي. هذا يوحي بأنه بينما سقط النظام السابق، فإن الطريق إلى سوريا مستقرة وموحدة بعيد عن أن يكون مضمونًا وقد يتسم بأشكال جديدة من الصراع الداخلي.  

7. التداعيات الإقليمية والدولية

أدى سقوط نظام الأسد إلى تغيير جذري في ميزان القوى الإقليمي، منهياً أكثر من خمسين عاماً من نفوذ عائلة حاكمة معينة. إن الدور العسكري المباشر المتراجع لروسيا وإيران، إلى جانب تزايد حزم تركيا في سعيها لإبرام اتفاقيات دفاع مع السلطة السورية الجديدة، يشير إلى إعادة اصطفاف محتملة للنفوذ الإقليمي.  

إن استمرار الضربات الإسرائيلية ضد المواقع العسكرية الإيرانية والسورية، والتي زادت بعد أكتوبر 2023، يسلط الضوء على التوترات الإقليمية المستمرة وتصميم إسرائيل على مواجهة التهديدات المتصورة بغض النظر عن التحول الداخلي في السلطة السورية. إن احتفاظ الولايات المتحدة بوجودها لمكافحة تنظـ.ـيم الدولة الإسـ.ـلامية ودعم قوات سوريا الديمقراطية يشير إلى استمرار المشاركة، وإن كانت مركزة.  

إن سقوط النظام السابق يجبر القوى الإقليمية مثل إسرائيل وتركيا، وحتى الولايات المتحدة، على إعادة تقييم إستراتيجياتها طويلة الأجل ونماذج مشاركتها في سوريا، متجاوزة التركيز على الحكومة السابقة. تشير الضربات الجوية الإسرائيلية المستمرة ضد وكلاء إيران إلى أن اهتمامها الأساسي ليس الحكومة السورية بحد ذاتها، بل وجود وقدرات القوات المدعومة من إيران. لا يغير تغيير النظام هذا الاهتمام الأساسي، ولكنه قد يغير  

كيف وأين تتم هذه العمليات. إن تحرك تركيا الفوري للتفاوض على اتفاقيات دفاع يظهر مشاركتها الاستباقية لتأمين مصالحها وربما توسيع نفوذها في سوريا ما بعد الأسد. إن تركيز الولايات المتحدة المستمر على مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية ودعم قوات سوريا الديمقراطية يشير إلى نهج عملي، يتكيف مع الواقع الجديد مع الحفاظ على أهدافها الأساسية. هذا يعني إعادة حساب ديناميكية للمخاطر والفرص لجميع اللاعبين الإقليميين.  

على الرغم من التحولات السياسية والعسكرية الكبيرة، لا يزال الوضع الإنساني في سوريا مزريًا، حيث يحتاج 7 من كل 10 سوريين إلى مساعدة إنسانية. أسفر الصراع عن مقتل أكثر من 600 ألف شخص منذ بدايته. من المرجح أن يكون الهجوم السريع قد أدى إلى تفاقم الاحتياجات الإنسانية الفورية، حتى مع إحداث تغيير في الحكم. إن استمرار الأزمة الإنسانية الحادة على الرغم من تغيير النظام يؤكد أن الأسباب الجذرية للصراع تتجاوز القيادة السياسية وستتطلب اهتمامًا وموارد دولية مستمرة، بغض النظر عن النظام السياسي الجديد. تذكر المعلومات صراحة أن “الوضع الإنساني في سوريا لا يزال مزريًا، حيث يحتاج 7 من كل 10 سوريين إلى مساعدة إنسانية”. هذه الحقيقة، المقدمة  

بعد مناقشة سقوط النظام، تسلط الضوء على أن تغيير الحكومة لا يحل تلقائيًا الكارثة الإنسانية العميقة. هذا يعني أن تدمير البنية التحتية، ونزوح السكان، والانهيار الاقتصادي عميقان لدرجة أنهما سيظلان تحديات رئيسية للإدارة الجديدة والمجتمع الدولي، بغض النظر عمن يتولى السلطة. هذا يشير إلى أن “تحرير سوريا” (حسب استعلام المستخدم) هو تحدٍ متعدد الأوجه يمتد إلى ما هو أبعد من النصر العسكري.

8. الخلاصة: فصل جديد في مسار سوريا

كانت “معركة حماة 2024” مكونًا محوريًا في هجوم أوسع، منسق للغاية وسريع، شنته قوات المعارضة السورية، مما أعاد تشكيل المشهد السياسي والإقليمي للبلاد بشكل جذري. كان سقوط حماة في 5 ديسمبر 2024 مكسبًا استراتيجيًا حاسمًا ساهم في التأثير المتسلسل السريع، الذي بلغ ذروته في مغادرة قيادة النظام السابق وسقوط دمشق في 8 ديسمبر 2024. شكلت هذه الفترة أهم تحول في السيطرة الإقليمية والحكم في سوريا منذ المراحل المبكرة للصراع، منهية عقودًا من حكم عائلة معينة.

تقف سوريا الآن عند مفترق طرق معقد، تنتقل من فترة من ديناميكيات الصراع المجمدة إلى فترة من إعادة الهيكلة السياسية والعسكرية السريعة. سيحدد المستقبل القريب قدرة الحكومة الانتقالية الجديدة على توحيد السلطة، ودمج الفصائل المسلحة المتنوعة في جيش وطني موحد، ومعالجة التحديات الإنسانية والاقتصادية العميقة. ستستمر الأدوار والمصالح المتطورة للأطراف الإقليمية والدولية في تشكيل مسار سوريا، مع إمكانية ظهور تحالفات جديدة وضغوط خارجية مستمرة. الطريق إلى الأمام محفوف بالتحديات، لكن أحداث أواخر عام 2024 فتحت بلا شك فصلاً جديدًا، وإن كان غير مؤكد، للأمة.

إن التشكيل السريع لحكومة انتقالية والخطة الطموحة لتوحيد الفصائل المسلحة المتباينة يمثلان تجربة فريدة ومعقدة في الحكم بعد الصراع، وسيكون لنجاحها أو فشلها تداعيات بعيدة المدى. إن الخطط المفصلة لتشكيل الجيش ليست مجرد مهام إدارية؛ بل هي أساسية لإقامة دولة جديدة. التحديات الموضحة (الاختلاف الأيديولوجي، الانقسامات الفصائلية، ندرة الموارد) تسلط الضوء على الطبيعة التجريبية لهذا المسعى. ستحدد نتيجة هذا التوحيد الداخلي ما إذا كانت سوريا تستطيع الانتقال إلى الاستقرار أو ما إذا كانت ستواجه تجزئة داخلية طويلة الأمد، مما يؤثر على الاستقرار الإقليمي والمشاركة الدولية.  

بينما يمثل سقوط النظام السابق نهاية واضحة لحقبة معينة من الحكم، فإن التفاعل المعقد بين الفصائل الداخلية، والمصالح الخارجية غير المحسومة، والأزمات الإنسانية المستمرة يشير إلى أن طبيعة الصراع في سوريا قد تتحول ببساطة بدلاً من أن تتوقف تمامًا. بينما يطلب الاستعلام كيف “تغيرت خريطة القوى”، فإنه في حين تم حل ديناميكية القوة الأولية (النظام مقابل المعارضة)، تكشف المعلومات عن مشهد جديد مجزأ (هيـ.ـئة تحـ.ـرير الشام الجيش الوطني السوري، قوات سوريا الديمقراطية، غرفة عمليات الجنوب، بقايا علوية، مقاتلون أجانب).

إن الاشتباكات المستمرة بين قوات سوريا الديمقراطية والقبائل العربية، والوكلاء الأتراك ، إلى جانب الضربات الإسـ.ـرائيلية المستمرة ، توضح أن طبقات متعددة من الصراع لا تزال قائمة. وبالتالي، فإن “الفصل الجديد” هو فصل من عدم اليقين العميق، حيث يفسح الصراع القديم المجال لأشكال جديدة، قد تكون معقدة ومتعددة الأوجه، من النزاع الداخلي والخارجي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى